السفارة لم ولن تأل جهداً والاهتمام بكل ما يتعلق بشؤون رعاياها من المغتربين بدول المهجر في الصغيرة قبل الكبيرة قدر استطاعتها وإمكاناتها. قبل مدة ليست بالقصيرة وبالتقريب وليس بالتحديد نحو خمسة أعوام إن لم تخني الذاكرة، أصدرت سفارتنا بالرياض قراراً موفقاً وكثفت الإعلان كتابة وصورة واضحة في أركان وأرجاء المبنى لمن كان له عيناً تبصر.. محتوى هذا القرار يمنع منعاً باتاً دخول مبنى السفارة لكائن من كان من أبناء الجالية السودانية إلا بزي محترم أو (محتشم) والأخير يطلق كذلك للرجل.. الصفة الزي السوداني العادي المعروف أو ال (الفل السوداني) متمثلاً في الجلابية والجبة والصديري والعمة والشال والسروال والمركوب ولا داعي للسيف طبعاً إلا في مناسبات الأفراح وفقط لناس (الشرق).. أو البنطال والقميص المعروف، أو (الفل سوت).. القرار الحكيم لم يفعل ولم يطبق ولم يجد كذلك المتابعة والحزم من السفارة.. دور ومهام السفارة أكبر من أن تحدد لنا ماذا نلبس وماذا نأكل.. ومسألة الأكل الشيء الوحيد الذي بقي لنا في هذا الزمان ليجد فيه الإنسان قدرته على اتخاذ قراره و(يأخذ) راحته وحريته، وكما جاء في المثل الذي لا نعرف قائله ولا بلده (كل ما يعجبك وألبس ما يعجب الناس). السفارة عبارة عن معرض لكل أزياء العالم والموضة. فهنالك ملابس غريبة في اللون وفي التفصيل والشكل.. عدد مقدر من السودانيين يعملون في مجال الرعي وتربية وبيع المواشي، يلجون الصالات والمكاتب والبوفيه ودورات المياه ب (عراريقهم) المتسخة وعطورهم الفواحة التي تمكث بالساعات.. لم نكن وحدنا في السفارة. يشاركنا الكثير من الجنسيات المختلفة الطالبة للزيارة أو الاستثمار أو الدراسة لتقابلهم هذه المظاهر السالبة وتصل الفكرة لهم كاملة قبل وصولهم للسودان. (الزين ما يكمل) الشريحة الكبيرة ملتزمة إلى حد (ما) كبير فقد تجده بالزي السوداني الكامل ولكنه ينتعل (شبشب) وبرا القوسين نكتبه شبشباً.. والذي تهندم بالزي الافرنجي الكامل يصر على جلد النمر والأصلة وربما (التمساح) أو الفيل أو الحمار الوحشي، المهم أي شيء مخطط كحذاء ويعتقده مميزاً.. ولو كان المخطط أرضاً لكان خيراً.. ولا يهم المكان.. في الوادي الأخضر سوبا الدروشاب السلمة الكدرو جبل أولياء، ما دام الزمن يكفي جيئة وذهابًا بين البيت والعمل خلال اليوم الواحد ولا داعي لشرط (الراحة). نحن كسودانيين نفتقد ثقافة الأناقة كثيراً عكس نصفنا الحلو التي تظهر في أبهى وأجمل وأنضر صورها بالثياب السودانية المميزة أو العباءة الإسلامية الجميلة السوداء وهي التي لا تملك خياراً ثالثاً.. ومع فقدان هذه الثقافة نفقد الكثير من الفرص الوظيفية والرواتب المغرية حتى في ظل وجود المؤهلات العلمية المرموقة لأن المظاهر خداعة ولكنها مطلوبة وبشدة. الزي الموحد يذكرني بمركز التدريب الموحد بجبل أولياء. ورقم الاتصال المجاني الموحد.. فهل يا ترى ستوفر السفارة كل المقاسات من (S) مروراً بال (M) و(L) وانتهاء بال (X) وال (XXXXXXX L) وتوزعها علينا بالمجان. وهل هناك قانون يمنع بأن يلبس كل على هواه، والتعدي على لباس وخصوصية الغير وحتى لا ترتكب الجرائم بملابس الشعوب الأخرى. نرجع ونعيد ونقول هل نحن بحاجة لتدخل السفارة لإجبارنا وعمل زي موحد للمغتربين كعلامة تميزنا عن غيرنا؟!