الفاشر... ستالينغراد إفريقيا    الشروق الابيض يضم حارس أكاديمية العروبة النهود    ركابي حسن يعقوب يكتب: ما هي عملية "ذئاب الصحراء"؟ وما علاقة الدعم السريع بها؟    السودان..اغتيال وكيل نيابة    الرئيس السابق عمر النمير يهنئ بالمجلس الجديد    تستمر14 يوم..تحذير من أمطار طوفانية في السودان    مهاجم سوبر... أم تكرار العبث؟    كاتب مصري: أفيقوا من غيبوبة السلام إسرائيل تجاوزت الحدود    انعقاد مجلس إدارة الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    هالاند يطارد إنجاز صلاح في البريميرليج    مستهدفة 1400 مواطن محلية الخرطوم تدشن مشروع المال مقابل العمل    كامل إدريس يوجه رسالة باللغة الإسبانية إلى الشعب الكولومبي لوقف تجنيد المرتزقة وإرسالهم الى دارفور    البرير يهاجم عبد الرحمن الصادق: من شارك في السلطة لا يملك حق ادعاء صناعة الثورة    لا يمكن رشوة بوتين لإنهاء الحرب    إعلان مجلس جديد لنادي المريخ السوداني    إبراهيم جابر يدشن أكبر حملة لمكافحة نواقل الامراض    الشرطة السودانية تشكل مجلس تقصي حقائق حول ما تمت إثارته عن صلة لأحد ضباط الشرطة بخيوط مقتل الطبيبة روعة    الخبر بتاع السودان يوقع صفقة مع باكستان لشراء سلاح خبر 80% غير صحيح    "رونالدو" يتصدر قائمة أعلى اللاعبين دخلاً في الدوري السعودي براتب ضخم.. فكم يبلغ؟    (الصندوق) وإعمار الخرطوم    شغف غناء الحماس والسيره. الفنان القادم في سماء الغناء الشعبي .بكري الخامسة    أنور قرقاش: ما أشد حاجتنا إلى خطاب عقل وحكمة يطفئ نيران الفتن    شاهد بالفيديو.. بعد أنباء زواجها من أسطورة كرة القدم.. سيدة سودانية تهدي عارضة الأزياء الحسناء جورجينا "ريحة" عروس سودانية فاخرة لتتعطر بها لعريسها رونالدو    شاهد بالفيديو.. خلال حفل أحياه الفنان "الفحيل".. مواطن مصري يتفاعل في الرقص على الطريقة السودانية وساخرون: (تم تهكير الشعب المصري بنجاح)    شاهد بالفيديو.. في مشهد مؤثر.. شاب سوداني يعانق صديقه بشوق شديد بعد أن التقى به لأول مرة بعد الحرب والجمهور: (الأصحاب عزة وسند)    شاهد.. مقطع الفيديو الذي خطف القلوب.. جندي بالجيش السوداني يقابل والدته بعد طول غياب ويتمشى معها في الشارع العام    يهدد أراضي 8 دول عربية مشروع"إسرائيل الكبرى"    مدير عام قوات الجمارك يقف على ترتيبات افتتاح جمارك الحاويات قري    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    مدير عام قوات الجمارك يقف على ترتيبات افتتاح جمارك الحاويات قري    شاهد بالصورة.. إدارة مستشفى "الضمان" تصدر بيان تكشف فيه تفاصيل جديدة حول مقتل طبيبتها "روعة" على يد طليقها    الشرطة تنهي مغامرات العصابة الإجرامية التي نهبت تاجر الذهب بامدرمان    أكشن في شارع فيصل.. لص يدهس 3 أشخاص وينهي حياة سودانية أثناء الهروب    إرتفاع التمويل الزراعى إلى (59.3) ترليون بالقضارف بزيادة (80%) عن العام الماضي    الفاشر تمنحنا شارة إشارقة الغد المأمول    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    حُبّنا لك سوفَ يكُون زَادَك    مصرع وإصابة عشرات المهاجرين بينهم مصريون وسودانيون    شاهد بالفيديو.. أيقونة الثورة السودانية "دسيس مان" يظهر حزيناً بعد إصابته بكسور في يديه ويلمح لإنفصاله عن الدعم السريع والجمهور يكشف بالأدلة: (سبب الكسور التعذيب الذي تعرض له من المليشيا)    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    قواعد اشتباك جديدة : الإمارات تنقل الحرب إلى ميدان الاقتصاد.    النيابة المصرية تصدر قرارات جديدة بشأن 8 من مشاهير «تيك توك»    رافق عادل إمام في التجربة الدنماركية .. وفاة الفنان سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    كارثة تحت الرماد    والي النيل الأبيض يزور نادي الرابطة كوستي ويتبرع لتشييّد مباني النادي    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مايو... ألم تكتف أحزاناً ..منال عبد الله عبد المحمود
نشر في الانتباهة يوم 16 - 05 - 2013

مرت ذكرى العاشر من مايو بهدوء، وكأنها لم تكن، أو لكأنها جرح عنيد يريد صاحبه أن يتناساه. فقد كان هذا اليوم منذ ما يقرب الخمس سنوات يوماً يكاد يكون كغيره من الأيّام. كان على ما نظل نذكر يوم عطلة، حيث بدا صباحاً مشرقاً زاول فيه معظم الناس تفاصيل حياتهم بهدوء ورتابة، حتى إذا انتصف النهار كان بعض الهمس يدور هنا وهناك عن شيء غير عادي يكاد يحدث، لم يكن شيئاً مفهوماً، كانت الضبابية تغطي المشهد بأكمله، لكن إحساس الكثيرين كان يقود إلى حدس يؤكد أن هناك شيئاً ما، تكاد تستبين ملامحه بعد حين. ثم حتى إذا مالت الشمس نحو المغيب وقاربت عقارب الساعة تلامس الخامسة مساء، بدأ الناس يدركون حقيقة ما يجري.
كان معظم الناس حينها إما يتناولون غداءهم أو هم قد فرغوا من ذلك، وبدأوا حركتهم العصرية سواء لأداء واجب اجتماعي أو لإنجاز عمل ما.. وحينها كان الشجر السائر قد بدأ في الظهور. أدركت شوارع غرب أمدرمان أولى طلائع الفزع الذي يأتي على حين غرة، إذ تدافعت عربات الدفع الرباعي تشق دعة السكون الذي ما تفتأ تعيشه أحياء أمدرمان الآمنة، كانت العربات محملة بسحنات تحمل بعض ملامح سودانية وأخرى تحمل ملامح تبدو غريبة برغم محاولاتها أن تكون سودانية الهوى والطلَّة.. كانت تسير مسرعة وكأنها تخشى كل ما حولها حتى الهواء الذي يحيط بها. وأدرك الناس حقيقة ما يحدث بعد برهة تفاجيء الكثيرين، ودفع الكثيرون ثمنه من أرواحهم ومتاعهم. كانت الثلة الغازية تعيث فساداً في الأرواح والممتلكات وكأنها رسل الفوضى والدمار.. فزع الأطفال حينها كأنهم لم يفزعوا قط، وعاش الكبار ساعات لم يشهدوا لها مثيلاً من قبل حتى في أسوأ كوابيسهم.
ظل الغزاة من الفلول المارقة على الجماعة ومن تم شراؤهم من المرتزقة من بعض دول الجوار، ينشرون الموت والفزع وهم يحلمون بعبور جسر الإنقاذ باتجاه الخرطوم، ولكن كانت عزيمة أبناء أمدرمان وأبناء القوات المسلحة الذين وقفوا وقفة الرجال يومها أكبر من كيد المعتدين وأبعد مضاء من أحلام العاطلين. وبرغم الجراح يومها والرعب الذي استوطن القلوب جراء المباغتة، إلا أن كل شيء سرعان ما عاد إلى وضعه الطبيعي، وعاد الناس يضمدون جراح بعضهم البعض في صبر أعجز الصبر.
واليوم يعود مايو، شهراً للجراح والألم... يعود ولمَّا يكتف الناس من محاولاتهم نسيان ما عاثه المفسدون في العاشر من مايو للعام 2008م، عام الرمادة لقوات خليل إبراهيم، فإذا بالجراح تُنكأ، وإذا بالألم يعود كأشد ما يكون.. وإذا بأحداث أبو كرشولا وأم روابة وضواحيهما تُعيد فتح كل ما أُغلقت عليه نوافذ النسيان أو كادت.. عادت هذه الأحداث لتلقى بظلال كئيبة على تلك الذكريات الدفينة، فبين ما حدث في أمدرمان يومها وما حدث في قرى ومدن كردفان الوادعة اليوم خيط رفيع يكاد يربط كل شيء بعضه ببعض. فالخيانة والغدر واستباق الأحداث لبثِّ اليأس والانهزام في نفوس الناس، هو بعض فتيل هذا الخيط، خاصة بعد أن بدأت بوادر انفراج في علاقات الخرطوم بجوبا. و محاولة إبقاء الوطن مشتتاً منهزم الأمان ومجروحاً هو فتيل آخر يدخل في تكوينه وبنفس القدر مستصحباً أن كل شيء الآن يسير باتجاه انفراج اقتصادي سيغير كثيراً من معاملات المعادلة الاقتصادية والسياسية في السودان. وبأكثر من ذلك ربما وبأقوى منه هو محاولة صنع أزمات تجعل من البلاد أرضاً للتدخلات الأجنبية خاصة وأن ما جرى في جنوب وشمال كردفان قد تزامنت معه أحداث أخرى لا تقل عنه مأساوية في أبيي التي مازالت نار الفتنة بها تتقد تحت الرماد وتوشك أن تأتي على الأخضر واليابس.
لقد عاش الناس في بدايات هذا الشهر في المناطق التي عاثت بها فساداً قوات الجبهة الثورية ومن شايعها من المفسدين في أبو كرشولا وغيرها من مناطق كردفان الخضراء الوادعة. عاش الناس أياماً لا كالأيام، وذاقوا ويلات لم يكن لهم بها من عهد. وأصبح أكثرهم الآن نازحين يقتسمون اللقمة والفرشة بعد أن كانوا آمنين مطمئنين في ديارهم ووسط أراضيهم ومزارعهم وأعمالهم.
إن ما يحدث الآن في كردفان وأبيي هو ذاته ما ظل يحدث منذ أمد، ولكن بملامح جديدة والغرض واضح وواحد وهو زعزعة أمن البلاد وجرها إلى هاوية التمزق والشتات والتدخلات الأجنبية. ما يحدث هو استباق لكل ما يمكن أن تأتي به مستجدات الاتفاقيات الاقتصادية والسياسية من أمن ورخاء لصالح إنسان هذه البلاد، وتحركه أصابع يعلمها الجميع، وهو أمر لا يكاد يخفى على ذي بصيرة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.