«لا تصالح على الدم... حتى بدم» هكذا قالها الشاعر الراحل أمل دنقل، ولايزال السودان يرددها حتى اللحظة، حيث وافق «الأربعاء» الماضي الذكرى الخامسة والستين على نكبة فلسطين، ففي مثل هذا اليوم من عام 1948 مُنيت جيوش العرب بالنكبة واحتل اليهود أرض فلسطين وارتكبوا أبشع المذابح وأعلنوا على أنقاض الوطن الجريح دولتهم الصهيونية، واكتمل المشروع الإسرائيلي على أرض فلسطين بعد أن استولى اليهود على أربعة أخماس المساحة، وأعلنوا في يوم الخامس عشر من مايو بعد نكبة العرب، قيام دولتهم بعد أن دمروا نحو «531» قرية فلسطينية وارتكبوا أكثر من «70» مذبحة موثقة في حق الفلسطينيين العزل. وكان الشهداء بعشرات الآلاف مما أدى إلى تهجير «85%» من سكان المناطق الفلسطينية التي قام عليها الاحتلال بما يعادل أكثر من «840» ألف نسمة إلى دول مجاورة، ليبدأ مسلسل الشتات الفلسطيني الذي تستمر حلقاته حتى اليوم. رغم ذكرى النكبة والحصار الإسرائيلي المفروضين على الفلسطينيين وعلى قطاع غزة، وصلت قافلة أهل السودان لنصرة أهل غزة بقيادة جمعية أنصار الأقصى الخيرية الأسبوع الماضي لفك حصار قطاع غزة عبر معبر رفح البري والتضامن مع سكان القطاع، وضمت القافلة «38» شخصاً بينهم سياسيون وأطباء، وكان في استقبالهم وزير الأسرى وعطا الله أبو السبح ومستشار رئيس الوزراء للهيئات المحلية عيسى النشار وعدد من المسؤولين الفلسطينيين، ورحب أبو السبح بالوفد السوداني، وقال إن غزة برئاسة إسماعيل هنية تقدر الدعم المقدم من السودان ورئيسه، للشعب الفلسطيني عامة وقطاع غزة خاصة. وكانت قافلة أهل السودان غادرت الخرطوم حيث كان في وداعها الأمين العام لجمعية أنصار الأقصى الخيرية المهندس محمد حسن طنون ورئيس الجالية الفلسطينية بالسودان المهندس أبو باسل، وقد ضمت القافلة مجموعة كبيرة من قطاعات الشعب السوداني من مديري جامعات ومؤسسات مركزية، والشباب والطلاب والمرأة والاتحادات المهنية، والقطاع الصحي والزراعي وغيرها. الجدير بالذكر أن هذه القافلة هي امتداد لقوافل أهل السودان إلى غزة، وضمن المشروع الإستراتيجي الذي اعتمدته جمعية أنصار الأقصى الخيرية في خطتها للعام 2013م. وتشتمل القافلة على مساعدات طبية وإغاثية، إضافة إلى تنفيذ عدد من البرامج في قطاع غزة أبرزها الزواج الجماعي للجرحى والمصابين على نسق العادات والتقاليد السودانية، كما تم أنشأ جمعية الصداقة السودانية الفلسطينية، إضافة لفرع لجمعية أنصار الخيرية بالقطاع. وسيتم افتتاح مزرعة «المحميات» التي مولتها الجمعية السودانية بغرض استثمار عائداتها في كفالة الأيتام بفلسطين. جمعية أنصار الأقصى الخيرية السودانية جاءت استشعاراً من أهل السودان بالواجب الديني والواجب الإنساني وإحساساً منهم بالمسؤولية نحو إخوانهم في أرض فلسطين، حيث تقوم الجمعية بواجب نصرة المرابطين في أرض الإسراء والمعراج لمواجهة التهويد وتثبيت وتعزيز الصمود ودعم المشروعات العملية في جميع الميادين الإغاثية، والجمعية تعمل تحت مظلة ائتلاف الخير التي هي مجموعة الجمعيات الخيرية العاملة من أجل فلسطين في العالم العربي والإسلامي وأوربا وأمريكا برئاسة فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي ونائبه المشير عبد الرحمن سوار الذهب، والجمعية تعمل ملتزمة بالأعراف الإسلامية والإنسانية والقوانين الدولية كغيرها من المؤسسات الإغاثية العالمية، مدركين أن ديننا الحنيف جعل عمل الخير من الأولويات في حياة المسلم خادماً لكل محتاج دون تمييز للون حزبي أو معتقد ديني، صحيح أن الفلسطينيين سيقفون في ذكرى نكبتهم كونها حرمتهم من أرضهم التاريخية، وحرمت أجيالهم الشابة التي لم تر فلسطين محررة، لكنهم يحرصون عبر هذه الذكرى على أن تكون سبباً دائماً للتمسك بالعودة وإقامة دولتهم الموعودة، ولعل أهمية قوافل السودان الممتدة إلى فلسطين تؤكد أن السودان رغم مرور «65» عاماً على النكبة لا يزال صامداً في دعم إخوانه في فلسطين، وهنا تبرز أهمية جمعية أنصار الأقصى الخيرية بتأكيدها على مواجهة إسرائيل وأنهم في خندق واحد مع إخوانهم في فلسطين.