ظهرت أزمة الغذاء العالمية في مطلع السبعينيات وصاحبها ارتفاع حاد في أسعار الغذاء وانخفاض كبير في المخزون العالمي وتبع ذلك أزمات سياسية دولية وتلك الأزمات جعلت مفهوم الأمن الغذائي ينصب على نشاطين اقتصاديين هما المخزون الإستراتيجي الغذائي والاكتفاء الذاتي ونعني به أن يكون لدى الدولة إستراتيجية لتوظيف الموارد والمدخلات توظيفًا مباشرًا للإنتاج مثل الإنتاج الزراعي والحيواني، وفي إطار ذلك أطلق رئيس الجمهورية مبادرة الأمن الغذائي في القمة الاقتصادية التي عقدت سابقًا في المملكة العربية السعودية ولجعل هذه المبادرة واقعًا عمليًا ملموسًا شهدت أمس الأول قاعة فندق السلام روتانا حضورًا كثيفًا امتلأت به جنبات القاعة بالمشاركين من رجال الأعمال والمستثمرين من الدول العربية بأكثر من 150 مشاركًا وذلك بالتعاون مع غرفة التجارة والزراعة العربية واتحاد المصارف السوداني ومنظمة التنمية العربية اليونيدو وريادة الأعمال بالبحرين لطرح عدد من المشروعات لتحقيق الاستثمارات العربية في مجال الإنتاج الزراعي والحيواني ولعل حديث رئيس مجلس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية عدنان القصار وضع الحضور أمام تحدٍ كبير وامتحان صعب أطلق من خلاله صرخة قوية في بلد حباه الله بثروة زراعية واعدة قائلاً هل من حل آخر للذي نردده لقضية الأمن الغذائي؟ ومن يرى لها حلاً أم أنها ستبقى مادة للبحث إلى ما لا نهاية، كما عبَّر عن أسفه لعدم توصل الدول العربية لحلول فيما يخص الأمن الغذائي طوال الأربعة عقود الماضية، لافتًا إلى أن مبادرة الرئيس البشير جاءت بتوقيتها وأهميتها الإستراتيجية لتشكل فرصة للتعامل مع قضية الأمن الغذائي في الوطن خاصة بعد الاحتجاج العام وثورات الربيع العربي، مبينًا أن عدد الذين يعانون من سوء التغذية في البلدان العربية قد تضاغف وبلغ 25 مليونًا كمتوسط للفترة من 2010م /2012م مقارنة بالفترة 1990م/1992م التي قدر متوسط الجياع فيها 13 مليون نسمة، فيما وصف عدنان الاستثمارات الموظفة تجاه الزراعة بأنها متواضعة ولا تتعدى نسبتها ال 1% من قيمة استيراد الدول العربية من السلع الغذائية الرئيسة التي تقدر بنحو 41 مليار دولار ومن المتوقع أن يصل في العام 2030م إلى 63.5 مليار دولار، داعيًا إلى ضرورة تعزيز دور القطاع الخاص للاستثمار في الأمن الغذائي والمشروعات التي تحقق قيمة مضافة وتحقق فرص عمل جديدة، مبينًا أن تحديد متطلبات تعزيز دور القطاع الخاص للاستثمار في الأمن الغذائي هي محور استقطاب رئيس للاستثمارات الدولية، وأضاف لا بد من إعادة الاعتبار إلى الزراعة في عالمنا العربي التي شهدت خلال العقدين الماضيين انكماشًا في النمو في الدول العربية كافة. وفي ذات السياق أكد نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية ثامر العاني أن التغيرات والأزمات التي شهدتها دول العالم خلال السنوات الماضية ساهمت في اتساع الفجوة الغذائية العربية التي بلغت نحو 34 مليار دولار خلال عام 2011م الأمر الذي أدى إلى استيراد الدول العربية لما يزيد عن نصف احتياجاتها من السلع الغذائية وأضاف بالرغم من التحسن الذي حققته التجارة العربية البينية خلال فترة تطبيق منطقة التجارة الحرة حيث ارتفعت من 29 مليار دولار عام 1997م إلى 180 مليار دولار عام 2011م. وقال رئيس المركز العربي لريادة الأعمال بالبحرين الشيخ إبراهيم بن خليفة إن الدول العربية بحاجة إلى أن تستثمر حوالى 144 مليار دولار من الآن حتى 2030م لتحقيق المتطلبات الغذائية لشعوبها مقرونًا بذلك بالزيادة السكانية في الدول العربية بنحو 90 مليون مواطن ليصبح عدد السكان 445 مليونًا في 2027م مشيرًا إلى أن تدني المساحات الزراعية أدى إلى زيادة نسبة استيراد المواد الغذائية بما يقارب 90% متوقعًا أن تصل 53 مليار دولار بزيادة تقدر ب 105%. فيما دعا رئيس اتحاد المصارف السوداني مساعد أحمد محمد إلى ضرورة سد الفجوة الغذائية عبر شراكة ذكية بين رأس المال العربي وخبرته وموارد السودان، مبينًا أن الاستثمار في الأمن الغذائي يساهم في توفير الأمن الاجتماعي بما يخلق فرص للعمل ومحاربة الفقر. وكشف رئيس اتحاد أصحاب العمل السوداني سعود مأمون البرير اتساع الفجوة الغذائية التي يتوقع أن تبلغ خلال خمسة أعوام قادمة 90 مليار دولار، مؤكدًا أهمية المؤتمر في ظل التحديات التي تواجه العالم من النقص الحاد في الغذاء وشح الموارد، مطالبًا بضرورة الاهتمام بقضية الاستثمار في الأمن الغذائي وتعزير دور القطاع الخاص لتحقيقه.