تصوير: متوكل البجاوي (عبد العزيز شروني) المحسن الكبير الذي ارتبط اسمه بموقف الموصلات الجديد وأصبح اسم يتردد على العديد من الألسنة دون علمهم مَن صاحب ذلك الاسم وذلك ما دعاني للبحث عن صاحبه، ومَن يكون وكيف كانت حياته، وبدأت رحلة بحثي عن أهله وعندما وصلت إلى إحدى عمارات شروني ب (السّوق العربي) اكتشفت أن الورثة قد باعوا هذه العمارة منذ فترة، وجدت رجلاً يجلس تحت العمارة وسألته عن أهل شروني ففي بادي الأمر بدأ ينتابني إحساس أنني قد فقدت الأمل ولا أستطيع أن أصل إلى ماكنت أبحث عنه وفجأة ولحسن حظي نادى ذلك الرجل الجالس أحد المارة وعندما قدم إليّ قال لي هذا واحد من أسرة شروني لم أصدق في حينها وتبادلت معه الحديث حول حياة شروني فدلني على شقيقه مولانا كمال سالم عبد الله شروني قاضي بمحكمة العمد بالخرطومجنوب فاتصلت به فتكرَّم بالحضور إليّ لتقديم الإفادات المطلوبة كل من مولانا كمال شروني وأخيه الفاتح سالم شروني فكشفوا لي أسرار حياة (عبد العزيز شروني) الذي اشتهر باسم شروني. حياة شروني عبد العزيز عبد الله شروني من مواليد الخرطوم عام (1926) درس بكلية غردون وعمل بالتجارة وكان عضواً في مجلس بلدية الخرطوم اشتهر بالبر والإحسان ينتمي إلى الجعافرة من صعيد مصر من منطقة تسمى (دراو)! سكن عبد العزيز شروني في وسط الخرطوم شارع «15» بالقرب من أبراج الواحة حالياً في عمارتهم مع شقيقه سالم وأبنائه وشقيقتيه أم الحسن وآسيا وأبنائهم، عمل بالتجارة وكان من كبار تجار الخرطوم وله متجر ضخم معروف لمستلزمات البناء في شارع عبد المنعم غرب بنك النيلين والبنك الصناعي سابقاً، وكان يستورد من الخارج مواد البناء بأنواعها المختلفة وله العديد من العقارات. وكان دكانه في نفس العمارة مع سكنه في شارع عبد المنعم مع شارع «15» في الخرطوم وسط حيث ورث عبد العزيز التجارة من والده عبد الله شروني الذي قدم إلى السودان منذ «1898م» وكان يعمل في التجارة في الأدوات الزجاجية (الصيني) التي كان يستوردها من مصر آنذاك، وكان كثير التبرعات الخيرية، كان عبد العزيز شروني محسناً والراعي الأكبر للأسرة كما كان يتكفَّل بالأيتام وببعض الأسرة المحتاجة بالعاصمة وفي حياته كان قريباً من السادة الأدارسة بالموردة، وكان يساهم في كل مرافق الدولة وفي أواخر السبعينيات كان عضواً في مدرسة الخرطوم الأهلية. وعن زوجته قال مولانا كمال شروني إنه تزوج من قريبته سكينة عثمان نميري وأضاف أنهما لم يرزقا بذريَّة وأوصى عبد العزيز شروني من خلال أوقافه أن تكون حصة زوجته من الأوقاف (3%) وبعد وفاتها تؤول إلى معهد حفظ القرآن والتفسير الإسلامي وعن ورثته حكوا أنها كانت عبارة عن مجموعة من المباني والعقارات قسّم جزءاً منها للأسرة والباقي للأوقاف على حسب الشروط التي اشترطها عبد العزيز شروني وأن تُدار بواسطة مجلس، وعن شكله ومظهره أجمع كمال والفاتح شروني أنه كان دائماً يرتدي العباءة و(الخراجية)! وجزمة إنجليزية سوداء، وأضافوا أن ارتباطه بالخرطوم (2) جاء بإقامته لمسجد شروني هنالك وأرجعوا سبب قيام المسجد بتلك البقعة إلى أنها في منطقة السكة حديد إضافة إلى أن منطقة الخرطوم (2) لم يوجد بها مسجد، توفي عبد العزيز في عام 1977م عن عمر ناهز «51» عاماً وتوفي بطريقة عادية وأوصى الأوقاف بأن يُدفن في مسجد شروني ودفن بالمسجد في خطاب رسمي في الركن الشمالي الشرقي للمسجد وخارج صحنه كما أوصى، وبعد وفاته تبع أخوه سالم نفس دربه وواصل التجارة واهتم بشؤون المعهد والأوقاف والجامع، وكان عضواً في مجلس أمناء وقف شروني وأضافوا أن المجلس الآن يضم حالياً كمال شروني ومالك الطيب الدويح وأن المجلس تُغيَّر عضويته كل ثلاث سنوات للأسرة، وأضافوا أن حكومة الإنقاذ منحت المحسن الكبير الراحل عبد العزيز شروني وسام النيلين من الطبقة الأولى وتسلّمه شقيقه المرحوم سالم شروني. مسجد شروني موقف شروني الذي دخل التاريخ يعود اسمه إلى الجامع الذي يقع شرق الموقف في الخرطوم (2) الذي تكفل ببنائه المرحوم عبد العزيز عبد الله شروني في عام (1953م) وقام بتشييد المسجد المقاولان محمد إبراهيم علي والنور علي حسن رحمهما الله، وهما من أصدقاء عبد العزيز شروني والمقاولان أول من شيّد عمارة بالحديد المسلح من ثلاثة طوابق في قلب الخرطوم شمال مدارس كمبوني يملكها (ميخائيل دلالة) وهو من السودانيين السوريين ومن كبار ملاك العقارات في وسط الخرطوم، وقد تم افتتاح المسجد في نهاية الخمسينيات في احتفال ضخم حضره أعيان الخرطوم وعدد كبير من كبار مهندسي الري المصري الذين كانوا يسكنون في المنازل التي شيّدها الري المصري جوار المسجد، المسجد في وقته كان تحفة معمارية خاصة مئذنته ذات الارتفاع المميز في ذلك الوقت وقد أمكن إنجازها بفضل براعة البنائين والعمال السودانيين الذين لم يكن في حوزتهم الرافعات والمعينات الهندسية الحديثة. معهد شروني للقرآن الكريم وعلومه كما شيّد عبد العزيز شروني بجانب المسجد معهد شروني للقرآن الكريم وعلومه بالقرب من المسجد من الناحية الشمالية له ويطل على موقف شروني وتبلغ مساحة المعهد حوالى (1.165) متر مربع وملحق بالمعهد داخلية للطلبة الدارسين بالمعهد. المراكز الصحية حسب الإشهار الشرعي أوصى عبد العزيز شروني ببناء ثلاثة مراكز صحية بالمدن الثلاث بولاية الخرطوم ونفذت الوصية بواسطة هيئة الأوقاف الإسلامية بولاية الخرطوم وهي مركز صحي شروني بالرميلة ومركز صحي شروني بأم درمان كرري الحارة 19 ومركزي صحي شروني بالحاج يوسف حي البركة كما أن كل المراكز ما زالت تعمل بحالة جيدة. أوقاف شروني أوقف عبد العزيز شروني عدداً من العمارات وسط الخرطوم فأوقف من خلال وثيقة الوقف لدى وزارة الأوقاف ولاية الخرطوم (8) قطع بالخرطوم سبع منها تقع غرب مدينة الخرطوم سابقاً وقطعة تقع شرق مدينة الخرطوم سابقًا واشترط في الوقف على أن تبنى القطع وتوزع قلتها على حسب الإشهار الشرعي، وأن تكون النظارة على تلك الأوقاف إلى قاضي قضاة ومفتي الديار السودانية وأن يختار عضوين من كرام المواطنين وعضوين صالحين من أقاربه لإدارة تلك الأوقاف عن طريق مجلس يعين أعضاؤه كل ثلاث سنوات، وأضافوا أن شروني قسَّم وقفه إلى نِسب نسبة لصيانة العقارات وأخرى لأسرته، ونسبة لعدد من المساجد وخلوة القرآن الكريم وللفقراء والجامعات والمعاهد الإسلامية المختلفة وللتبشير الإسلامي.