في مدينة استنبول العريقة التي يمتد عمرها لآلاف السنين؛ يرتكز ضريح سيدنا أبو أيوب الأنصاري كأثر باق ذي دلالة عميقة على أن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يعرفون حياة الراحة والدعة والاستقرار، وكانت تتملكهم رغبة قوية لهداية البشرية، وقدموا من أجل ذلك أرواحهم وبذلوا أقصى ما يستطيعون من جهد، وسيدنا أبو أيوب الأنصاري صحابي تجاوز الثمانين من عمره، لكنه ركب البحر في جيش يزيد بن معاوية في جمع هم بلا شك من خير البشرية آنذاك، وجاهد في سبيل الله حتى قضى نحبه على أبواب مدينة استانبول التي استعصت على الفتح آنذاك عام اثنين وخمسين هجرية. وعلى ابواب ضريح سيدنا أبو أيوب الأنصاري كان يحدثنا إمام المسجد حديثًا شائقًا ورائعًا عن سيرة هذا الصحابي رضي الله عنه، فذكر ضمن ما ذكر أن سيدنا أبو أيوب الأنصاري قد قطع مسافة أكثر من ألفي كيلومتر من المدينةالمنورة إلى مشارف مدينة استانبول مجاهدًا في سبيل الله ومن أجل إعلاء كلمة الله، ويضيف الإمام أن أبو أيوب الأنصاري قد مرض أثناء حصار استانبول وهو شيخ تجاوز الثمانين، فعاده يزيد بن معاوية وقال له هل لك من حاجة فأخبره أبو أيوب الأنصاري أنه يتمنى أن يُدفن بعد أن يموت في آخر مكان يصل إليه المسلمون قرب العدو، فكان له ما أراد، ودُفن على مشارف مدينة استانبول، ويواصل الإمام أنه بعد ذلك التاريخ بأكثر من سبعمائة وسبعين عامًا تمكن السلطان محمد الفاتح من فتح استانبول، وتمكن شيخه الشيخ شمس الدين من معرفة مكان قبر أبو أيوب الأنصاري، فجعلوا عليه ضريحًا شاهدًا على همة ذلكم الصحابي الجليل وجهاده، ثم بُني بعد ذلك مسجد بالقرب من الضريح، وهو مسجد فسيح جميل فخم ضخم، ويواصل الإمام معلوماته عن المسجد قائلاً إن زلزالاً ضرب المنطقة حوالى عام «1716م» فتهدم مسجد أبو أيوب الأنصاري، لكن تم تجديده بالشكل الحالي، وهو قائم على حالته منذ ذلك التاريخ، ويضيف الإمام أن مسجد أبو أيوب الأنصاري يمتلئ عن آخره في صلاة الفجر من كل أحد، إذ يؤمه على الأقل عشرة آلاف من المصلين يحرصون على أداء صلاة الفجر فيه، ولأن ضريح أبو أيوب الأنصاري أصبح ضمن المناطق السياحية الجاذبة، فإن يوم الأحد من كل أسبوع لا يكتفي بالحضور فيه المسلمون فقط، إذ يحرص السياح من غير المسلمين على حضور ذلكم التجمع الضخم فجر كل أحد. ويحرص جميع المسلمين من سكان المدينة أو من زوارها على زيارة ضريح سيدنا أبو أيوب الأنصاري، وقراءة الفاتحة على قبره مع حرصهم على اصطحاب أطفالهم للتزود من حياة ذلكم الصحابي الجليل. يُذكر أن سيدنا أبو أيوب الأنصاري قد استضاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في داره في أول هجرته للمدينة المنورة قبل أن يُبنى المسجد النبوي والحجرات الملحقة به. رحم الله سيدنا أبو أيوب الأنصاري وتقبل جهاده في سبيله وأسكنه فسيح جناته.