الضغوط الأمريكية الموجهة لإجراء الاستفتاء في أبيي تحمل عدة دلائل يكتنف الكثير منها غموض مريب يجعل القارئ للوضع السياسي يدرك المساعي الأمريكية لتتبيع المنطقة للجنوب وما تمخض عما يدور بين حكومة السودان ودولة الجنوب والذي يتمحور حول كيفية الوصول إلى حلول سلمية فيما يتعلق بمنطقة أبيي، فالضغوط المباشرة والتي صرحت بها سفيرة الولاياتالمتحدةالأمريكية لدى حكومة الجنوب سوزان رايس بأن بلادها ستضغط على الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن لوضع مقترح إجراء استفتاء أبيي في أكتوبر، مما أدى إلى تمسك الحكومة بموقفها الداعي لإقامة مؤسسات منطقة أبيي وفق الاتفاق ورفضها لإقامة الاستفتاء وفقًا لمقترح ثامبو أمبيكي.. بالعودة لقضية ابيي وبدايات حلولها والتي يرى بعض المراقبين ان حل قضية أبيي يبدأ باقامة المؤسسات الادارية المتفق عليها في اتفاقية الاجراءات الأمنية الموقعة في يونيو «2011» ممثلة في الإدارية والمجلس التشريعي والشرطة والتي دولة الجنوب الوليدة تعيق قيامها والتي يعتبر قيامها وممارستها لمهامها شرطاً ضرورياً لتهيئة الأجواء للتوصل للحل النهائي لقضية أبيي، خاصة أن السودان حريص على أن يكون حل القضية عادلاً يؤمن سلاماً مستداماً يبنى على تقاليد وأعراف التعايش بين جميع قبائل المنطقة ويؤسس لعلاقات تكامل وتبادل المنافع بين البلدين. حساسية قضية أبيي وتعقدها لما تتسم به من أبعاد تاريخية واقتصادية واجتماعية تؤثر على حياة ومستقبل مجتمعات كبيرة على الجانبين كان بينهما تعايش سلمي لمئات السنين ولذا فإن أي حل للقضية لا يؤمِّن حقوق كل المجتمعات المقيمة بالمنطقة ولا يلتزم بقواعد العدالة وينتصر لفئة من سكان المنطقة على حساب الآخرين لن يكون إلا وصفة لصراع وقتال مستمرين. الضغوط التي تتبعها واشنطن فيما يتعلق بقضية أبيي تدعو إلى الانتباه إلى تبعات هذا المسعى في ضوء التجارب المعاصرة لأوضاع شبيهة بأبيي والمحاولات لفرض حلول من الخارج على السكان المحليين، وهذا ما دعا المحلل السياسي الضليع غازي سليمان إلى القول خلال حديثه ل«الإنتباهة» إن أمريكا حاليًا تخدم مصالح الجهات المعادية للسودان ووحدته وسلامة أراضيه، ونبه إلى ضرورة عدم استغراب هذه الضغوط لأنها تهدف إلى تمزيق السودان إلى دويلات صغيرة بدأتها بانفصال الجنوب والآن أنشأت الجبهة الثورية بالتعاون مع إسرائيل، وفيما يتعلق بأبيي فهي قد نص «والحديث لغازي» موضوع متفق عليه بموجب بروتوكول أبيي والحكومة السودانية ملتزمة بموجب اتفاقية نيفاشا بحلها وأكد أن أي شيء يتم خارجه مرفوض تمامًا.. سيناريوهات أبيي رسمتها الكثير من معالم المواجهة التي كان منها مقتل سلطان الدينكا بأبيي كوال دينق، تشير إلى محاولة تصنيف مواطني أبيي في من يحق لهم التصويت من أبناء المسيرية في الاستفتاء المرتقب مع التاكيد على إقرار المجتمع الدولي بحقوق المسيرية في المنطقة في كل المنابر التي ناقشت قضية أبيي، والتي أشار غازي إلى أن مثل هذه الضغوط لن تتوقف على السودان وستشمل الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن، ويجب على الجميع أن يعي أن هذه الأذرع إضافة إلى محكمة الجنايات الدولية وكثير من قادة الدول العربية والإفريقية تم استخدامهم كأدوات استعمارية جديدة تتطلب الوعي والانتباه لها.. وحسب مصادر فإن اعتراض المسيرية على الاستفتاء كان يصب في التوقيت باعتبار أن المسيرية يكونون خارج المنطقة في شهر أكتوبر المقبل، وأن مواطنتهم ليست موضع مساومة وأنهم باي حال من الأحوال لن يقبلوا وضع الشروط والعراقيل أمام صفوفهم بالمنطقة، خاصة أن الضغوط الدولية حول أبيي وصلت مداها بمحاولة إقصاء المسيرية من الاستفتاء الذي تعول عليه الكثير من الدول على حساب القبيلة لحسابات تتعلق بمصالحها. من جهة أخرى وبصورة أعمق يمكن قراءة الوضع على أنه التفاف أمريكي جديد لتتبيع المنطقة لدولة الجنوب، بإماطتها اللثام عن مخططات خفية لتقديمها بعض التنازلات والإغراءات لقبائل المسيرية، وإغرائهم بالمشاركة في السلطة التنفيذية والتشريعية بدولة الجنوب، إضافة إلى منحهم الجنسية المزدوجة لإجبارهم على التصويت والاعتراف بضم منطقة «أبيي» للجنوب. واستبعد المؤتمر الوطني امكانية التوصل لحلول لوضع منطقة أبيي خارج إطار برتوكول المنطقة الموقَّع ضمن برتكولات اتفاق السلام الشامل ولا سبيل للبحث عن حل لوضع المنطقة خارج إطار البرتوكول الذى يمثل جزءًا من المستندات التي أُثبتت وموجودة لدى الأممالمتحدة وفي جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي بجانب أنه جزء من اتفاق السلام الشامل.