عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    إجتماع بسفارة السودان بالمغرب لدعم المنتخب الوطني في بطولة الأمم الإفريقية    رئيس مجلس السيادة القائد العام والرئيس التركي يجريان مباحثات مشتركة بشأن دعم وتعزيز علاقات التعاون المشترك    شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    شاهد بالفيديو.. الفنانة ميادة قمر الدين تعبر عن إعجابها بعريس رقص في حفل أحيته على طريقة "العرضة": (العريس الفرفوش سمح.. العرضة سمحة وعواليق نخليها والرجفة نخليها)    شاهد بالفيديو.. أسرة الطالب الذي رقص أمام معلمه تقدم إعتذار رسمي للشعب السوداني: (مراهق ولم نقصر في واجبنا تجاهه وما قام به ساتي غير مرضي)    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    بعثه الأهلي شندي تغادر إلى مدينة دنقلا    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ محمد الواثق ل (نجوع): (2 2)
نشر في الانتباهة يوم 11 - 06 - 2013


حوار: تيسير حسين النور- تصوير: متوكل البجاوي
كأستاذه البروفيسور عبد الله الطيب الذي عاتبه قائلاً: حتى أنت ياواثق! عندما خاطبه يا بروف، لا يعبأ كثيراً بالألقاب العلمية ويعتقد أن المسميات لا تقدم ولا تؤخِّر بالنسبة له وعلى عكس الكثيرين قدراته ومكانته الأدبية تفوق شهرته، وتجده في ديوانه الشهير «أمدرمان تحتضر» يكتفي باسمه الأول ومجردًا فقط «محمد الواثق».. هو غني عن التعريف في المحافل الأدبية والعلمية والثقافية تخرج في جامعة كامبردج وعمل رئيسًا لقسم اللغة العربية بجامعة الخرطوم وكان عميدًا لمعهد الموسيقا والمسرح كما كان مديرًا لمعهد عبد الله الطيب للغة العربية وحاليًا أستاذ مشارك باللغة العربية بكلية الآداب بجامعة الخرطوم.. أشرف على ما يزيد على «40» رسالة علمية ما بين دكتوراه وماجستير في اللغة العربية وآدابها كما له إسهامات علمية وصحفية عديدة يحمل وسام محمد إقبال في الآداب والفنون من جمهورية باكستان، اشتُهر كثيرًا بقصائده الهجائية إن صحَّ التعبير عن أم درمان التي فاجأت الناس وأثارت ردود أفعال كثيرة ومساجلات ولم يتوقف هو بل واصل في هجاء مدن أخرى في السودان كما كتب عن مدن خارجية أيضًا.. التقيناه في مكتبه بجامعة الخرطوم وأجرينا معه حوارًا ووجدناه حذراً ينتقي كلماته وردوده مُحكمةً.. ولكنه لم يرد على جميع تساؤلاتنا ووعدنا بجلسة أخرى..
{ أين المرأة من أشعار محمد الواثق ؟
أرجو أن تكوني قد راجعت أشعاري لاسيما ديوان (أمدرمان تُحْتَضَر) لا تخلو قصيدة من القصائد من ذكر المرأة.. هي موجودة.. لكن ما معناها ما موقعها أو هل هي رمز أم هي حقيقة فذلك شيء آخر لكن المرأة موجودة بكثافة في ديوان (أمدرمان تُحْتَضَر) وفي ديواني التالي.. قد تكون في شكل ثعبان، وقد تكون في شكل امرأة أجنبية.. تتشكل في شتى الأشكال لكنها موجودة وبكثافة، ولعلها قد تكون المحرك الأقوى في أشعاري، وذهب كثيرٌ من النقاد في تفسيرهم لظاهرة المرأة المتشكلة والمتنوعة في ديوان (أمدرمان تحتضر) على سبيل المثال ذكر صلاح الدين المليك أن أم درمان تحتضر لا يعدو أن يكون قصة امرأة صادفت محمد الواثق ونتج عن هذه العلاقة المتشابكة المتنافرة المتداخلة نتج عنها حصاد ما نسميه الآن ب(أم درمان تحتضر) وذهب غيره إلى أن الديوان مع وجود المرأة فيه قد لا يعني أكثر من عرض للحالة التي وجد فيها البلد والتي وجد فيها محمد الواثق نفسه فسمى كل هذه الأشياء بأم درمان وجعلها تحتضر أو قد يذهب بعضهم الى أنها حالة إنسانية عامة وليست محلية بل تعدت الإقليمية لأن ردود الفعل للديوان في بلاد مختلفة نيجيريا وإنجلترا ومصر والعراق كل ردود الفعل قالت حالة أم درمان تحتضر هي مطابقة لبيروت وللقاهرة ولأبوجا في نيجيريا.. الناس ذهبت مذاهب شتى في هذا الموضوع فالمرأة نعم موجودة ولكن ما هو التفسير الرمزي لها..
{ مجموعة قصائد أم درمان التسع ما ترتيبها وما وراء كل واحدة منها؟
الأولى (أم درمان تحتضر) القصيدة التالية (لكنما أنت يا أم درمان) القصيدة التي تليها أظن أنها (أمدرمان تتزوج) بعدها لا بد أنها قصيدة (ثعابين أم درمان) و(أم درمان والانهزام )..و(فضيحة أم درمان) تختتم بقصيدة (جنازة أم درمان )ولعله تكون قد تكون ضاعت من ذاكرتي الآن قصيدة أو اثنتين..
{ ختمت القصائد إذًا؟
بدأت بقصيدة أم درمان تحتضر وانتهى الديوان بقصيدة جنازة أم درمان لكن أم درمان بعد ذلك رجعت في أشعار أخرى لاسيما في ديوان (الفارس الأعزل )..
{ ماذا تقول في شعر اليوم وشباب الشعراء اليوم؟ وهل تتابعهم؟
أتابع بعضه، أنا أستاذ في جامعة الخرطوم كلية الآداب وأدرِّس علم الأوزان الشعرية وأطلب من الطالب كتمرين على الوزن الذي أدرسه سواء بحر الطويل أو البسيط.. أن يكتب لي شعرًا في هذا البحر المعين شاعرًا كان أو لم يكن فتأتيني قصائد كثيرة جدًا من الطلاب وأراجعها ليس مراجعة الأستاذ المحترف التدريس لأوزان الشعر لكن محاولة التنقيب عن المواهب وعن الشعراء من ناحية أخرى يأتيني كثير من الشباب من داخل الجامعة ومن خارج الجامعة يعرضون عليَّ أشعارهم بعضهم بقصد التصويب وبعضهم بقصد استطلاع رأي؛ يحدث كثيرًا أن أقدم لديوان الشعر الذي يأتيني منهم وقدمت في ديوانين لشاعرات سودانيات. هل أتابع؟ أتابع ما أمكن ذلك ولكن متابعة الشعر عسيرة ما لم يظهر ديوان وما لم يفرض الديوان نفسه عليك؛ أحيانًا أتابع ما أجده فى الصحف أقرأ القصيدة إذا سئمت من أولها أتركها وإذا رأيت أن فيها ما يستحق المتابعة أتابع وهكذا يكون الأمر، صرت لا أحضر الندوات الشعرية ولأسباب كثيرة منها بُعد السافات وما إلى ذلك.. نعم أتابع الشعر الحديث ولكن ليس بذات العنفوان الذي صاحبني عندما كنت أؤلف كتاب (الشعر السوداني في القرن العشرين قصائد مختارة وآراء نقدية) وقد عكفت على ستين شاعرًا سودانيًا بداية بمحمد سعيد العباسي وانتهيت إلى روضة واخترت لكل شاعر قصيدة أو قصيدتين وكنت أدقق وكنت أتابع، أما الآن فحدث بعض الاسترخاء..
{ هل تجامل في آرائك في شعر الآخرين؟
يتوقف الأمر على الشاعر نفسه مثلاً يأتيني مثلاً أخي محمد الخاتم الله يرحمه ويعرض عليَّ قصيدة أجامله، فأنا أعرف انه ليس بشاعر وهو يتحدث عن موضوع علاقة خاصة لا تهمني في شيء هنا الأمر يكون محبطًا إذا أخبرته أن هذا ليس بشعر. وبعد ذلك مثلاً صديقي (سيد محمد أحمد المحجوب) هو شاعر ويظن أنه شاعر يعرض عليَّ القصائد في هذه الحالة لا أجامل صديقًا حقيقيًا ويكتب شعرًا حقيقيًا فأتابع معه بيتًا بيتًا حيثما وجدت الخلل أشير إلى ذلك الخلل أمامه ولا أجامل..
{ ما يُطبع من دواوين شعرية اليوم ونتناوله كثيرًا ما نجده لا يرقى، هل نفتقد المراقبة والجودة فيما نقدم للنشر؟
لو أنا ذهبت مع جيلي سأجد أن كثيرًا من هذا( هراء) لا يستحق.. لكن الأجيال التي سبقتني قد تنظر إلى شعري بالطريقة التي أنظر بها أنا إلى ما هو موجود اليوم. هنا أنتِ أمام معضل؛ هذا نوع من الشعر والشعراء فرض نفسه على الساحة ولا يمكن أن نتجاهل هذا الكم الرهيب مما قد أظن أنا وقد تظنين أنت أنه لا فائدة فيه. لكن لا أقول الناقد الشعري ولكن لمؤرخ الشعر في السودان هذه حقبة لا يمكن أن يتجاهلها وفي النهاية يستحيل أن توقفي سيل الشعر من أنه يعرض يستحيل أن توقفي الشاعر من أنه يحاول أن يجد لنفسه جمهورًا أيًا كان ذلك الجمهور، الشعر والدواوين الشعرية صارت عملية اقتصادية في النهاية الديوان إذا لم يجد الشيوع والذيوع سيكون خسارة فادحة للشاعر وقد لا يتعرض له مرة أخرى لأنه مكلف ولا أحد يستطيع أن يمنع الشاعر أو الرسام أو المغني السخيف من أن يغني ولكل فولة كيّالها أنا لست بشرطي شعر ولست بقاضي محكمة تحكم عليهم..
{ أنت شرطي لغة..
تداخلت الأمور جدًا في البداية الغناء الهابط والشعر الهابط والموسيقا الهابطة والإنسان الهابط، لا أستطيع أن أتحكم فيهم هو شيء كينونة موجودة، أنت تنظرين إليها وهذا الهبوط أو الارتفاع فرض نفسه مع الاحتكام أن لكل شريحة من الناس ذوقها الخاص بها. ثم اللغة؟ هل اللغة شيء ثابت لا يتحرك وهذا ما يقوله عنّا أصحاب الحداثة أنكم تجمدتم وتحجرتم وتحجرت معكم اللغة.. هل اللغة هي كائن متطور هل كل جيل وكل عصر له لغة خاصة به؟ في تقديري هناك اللغة العربية الرصينة سمِّها إن شئت لغة القرآن، هذه اللغة ولغة كتب التراث والسلف، هذه اللغة موجودة ونحن نصطنعها اصطناعًا، أنا إذا دخلت إلى محاضرة لا أحاضر إلا بلغة عربية فصيحة جدًا. تأتي بعد ذلك لغة الإعلام هى ينبغي أن تكون شيئًا بين اللغة الفصحى التي يجب المحافظة عليها واللغة الشعبية لغة الشارع، وهنالك لغة أخرى، لغة الشارع لغة أمي واختي وجدي و.. هذه لغتهم الخاصة بهم وقد تكون جيدة جدًا وقد تكون لغة عبقرية في حدود أنها وسيلة للتعبير الإبداعي وللتواصل الاجتماعي، لا أقبل أن هناك لغة معينة هي اللغة التي يعض عليها بالنواجذ ماعدا إذا اتصل الأمر بالقرآن الكريم وبالتراث ثم بعد ذلك الشاعر يصنع لغته..
{ هل تفتقر للإلقاء الشعري ومنابر الإلقاء الشعري؟
كان (أحمد شوقي) من خيرة شعراء العصر الحديث ولكنه ما كان يُحسن الإلقاء البتة، كان يطلب من غيره أن يُلقي له الشعر، شكسبير من أعظم كُتاب المسرحية وما كان ممثلاً في حياته.. إذا أنا قرأت شعري وألقيته أجد أن غيري خيرٌ مني في إلقاء الشعر وهذه موهبة خاصة يتطلب فيها أن يُحسن المُلقِي قواعد اللغة العربية الأساسية ومخارج الحروف والحضور الذهني ولكن بعد ذلك هو أيضاً تخصص. سمعت ل (عبد الله الطيب) وهو يلقي شعره في تقديري ما كان إلقاؤه جيداً إلا لمثلي الذي يعرف عبد الله الطيب، ولعامة الناس قد لا يكون له ذلك الألق في إلقاء الشعر، لكن قد تجدين من الشعراء من يجيد الاثنين: أن يكتب الشعر الصحيح ويحسن فن الإلقاء، وإذا استطاع الشاعر وهو يجيد أن يكون إلقاؤه جيدًا كسيف الدين الدسوقي أخذ الله بيده إلقاؤه فى تقديري أحياناً أجود من شعره.. محمد عبد الحي رحمه الله لم يكن له حظ في الإلقاء شعره يختلف الناس حوله، صلاح أحمد إبراهيم أفضّل أن أقرأ شعره وأجد نفسي وأجد موهبته فيما كتب ليس فيما ألقى، وقد يتغنى مغنٍ ويُظهر شِعره وربما بصورة أفضل..
{ وماذا عن الأستاذ محمد الواثق؟
بدأت الإلقاء وأنا طالب في وادي سيدنا الثانوية وكنت أنال جوائز الإلقاء الشعري، وهذا مما لفت نظر إليَّ النظر من قبل الأساتذة وشجعوني ليس أن ألقي فقط قصائد الآخرين وإنما أن أحاول بنفسي كتابة الشعر وإلقائي للشعر جذبني إلى المسرح والتمثيل وصرت ممثلاً بالإلقاء لكن بعد ذلك لاحظت أنني لا أميل الى إلقاء شعري بل أتهرب جداً من أن أُلقي قصيدة من شعري.. !
{ ولماذا؟
لعلني قد عشت مع شعري كثيرًا، لعلني عندما أُلقي أضغط على بعض الكلمات التي تعبِّر عن أشياء شخصية ولا تعني للمتلقي شيئاً في كل الأحوال وصلت إلى مرحلة أنني أحب أن أسمع شعري عند غيري..
{ ماذا إن أخطأ أحدهم في قراءة شعرك؟
الخطأ موجود في كل الأحوال؛ كان عبد الملك بن مروان وهو خليفة المسلمين وكان يصعد إلى المنبر ويُلقي خطبة الجمعة ويلحن وقال شيَّبتني هذه المنابر! من كثرة تعرضه للخطأ فالإنسان معرَّض للخطأ واللغة العربية لغة دقيقة جداً.. وبعض الخطأ يمكن احتماله وبعض الخطأ يمكن أن يتجاوزه الإنسان وهناك أخطاء فادحة والملقي للشعر إذا لم يكن من أهل اللغة العربية قد لا يفطن إلى أنه أخطأ، بعض الأحيان أستمع إلى صديقي الشاعر عبدالله الطيب يتحدث قد تأتي كلمة قد يشك في أنه أخطأ فيها نحوياً ثم يراجع نفسه ويعيدها، فالخطأ موجود، وكذلك الطريقة في الإحساس بالعمل المسرحي أو الشعر وإذا شاعر ألقى قصيدة (أم درمان والانهزام) يلقيها بحسب ما توحي له..
{ ألا ترى أنه الأفضل أن يُلقي الشاعر قصائده بإحساسه؟
من ناحية التوثيق الأفضل أن أسمع القصيدة بصوت الشاعر، وضاع علينا شىء كثير جدًا أن (محمد أحمد المحجوب) لم يوثق قصائده بإلقائه هو وفات علينا التيجاني، لم نسمع قصائده، أحيانًا استمعت إلى إنشاد من محمد سعيد العباسي وكان رجلاً صيتاً جميل الصوت حسن الإلقاء وأضفى إلقاؤه على قصائده بُعداً لم أكن أتوقعه، نعم في كثير من الأحيان يُستحسن أن يكون هناك تسجيل صوتي للشاعر للتوثيق لكن كما ذكرت لك بعض الشعراء ليسوا مهيئين لإلقاء الشعر..
{ ماذا أخرجت لعبدالله الطيب أيام الدراسة في جامعة الخرطوم ؟
له ثلاثية تسمى (نكبة البرامكة) تبدأ بالجزء الأول وهو (زواج السمر) والثاني (الغرام المكنون) والثالث (قيام الساعة) والمسرحية حول علاقة جعفر البرمكي بأخت هارون الرشيد، أراد أن يجمعهما معًا لأنه كان يحب وزيره البرمكي ويحب أخته العباسة، لكن أراد أن يكون ذلك الأمر في شكل زواج من نوع خاص ألّا يحدث فيه أكثر من أن الزواج يبيح لهما اللقاء في حضرته لكن عبد الله الطيب عبقري صور الأمور تفلت من هارون الرشيد والبرمكي يكون حريصًا على أن يكون الزواج بالصورة التي أرادها هارون الرشيد وكذلك العباسة لكن لم يتمالكا من أن يصيرا زوجين وبهذا تكون نهاية جعفر البرمكي ونهاية العباسة في هذه الثلاثية أولاً مثلت في المسرحية الأولى (زواج السمر) ثم آل إليَّ أن أكون ممثلاً ومخرجاً في ذات الوقت، وأخرجت العمل برؤيتي وفهمي للمسرحية دون التقيُّد بما كتب عبد الله الطيب ووافقني على ذلك..
{ هل اليوم ذات الأشياء كما كانت بشأن المسرح الجامعي ونشاطاته؟
اليوم يكاد يكون انعدم مسرح الهواة إلا أشياء قليلة هنا وهناك، مع ملاحظة أن السياسة أفسدت تقريباً كل شيء، عندما كنا طلابًا ونمثل هذه المسرحيات لم تكن هنالك خلافات سياسية ومذهبية بين الطلاب عندما نذهب للمسرح رغم وجودها خارج المسرح.. لاحظت بعد رجوعي من البعثة في إنجلترا 1967م صار المسرح يتشعب إلى شعب سياسية ويتحزب، وفي تقديري أن ذلك قضى على الفكرة المثالية للمسرح، وهذا أمر لا يكاد يحدث إلا في السودان..
{ هل تستمع لأشعار( تتغزل) في المدن؟
استمعت كثيراً إلى (نحن السودان) و(نحن أمدرمان) و(يا كسلا وطوكر والقضارف)، هذه عاطفيات أكرهها؛ لأنها ما أسميه ب (حلاوة وطنية) الاستبسال والشهامة والكر والرجولة وما أحسننا!!... أفضل (أم درمان تحتضر) يكون الإنسان فيه شيء من العقلانية وينظر إلى ما حوله بعين الواقع ثم يقول للأعور أعور.. بمعنى أن الإسهاب في مثل هذه الأمور قد يغطي على حقيقة الأشياء وجوهرها وظاهرة الغناء بالمدن وتمجيد الذات الوطنية القومية أعتقد أنها أشياء لا توجد إلا في شعوب العالم الثالث، إذا رجعت لبلد مثل إنجلترا وفرنسا هم يعتزون بأنفسهم جدًا وبشخصيتهم الوطنية وببلدهم وإنجازاتهم لكن ندر أن تستمعي إلى أغنية تمجد لندن وإنجلترا، لكن يحدث بالعمل وبطريقة غير طريقة المباشرة والهتافية وما نسميه بالغوغائية.. وحتى في الشعر العاطفي لدينا الصراخ، أنا أحبها وأموت دونها و... و... ولديهم الهدوء فى العاطفة وفي التعبير..
{ وأخيرًا (الهجاء) هروب من التعبير العاطفي أو حدس حلمنتيشي أو هو غبن ما أسقطته على المدن؟
عادة ما أضرب المثل بالحطيئة، فقد هجا نفسه بداية ثم هجا أمه وأباه.. وأتعجب من هذا الأمر أن يهجو نفسه ويهجو أقرب الأقربين إليه.. الأمر هو ماذا يعني الهجاء، وذهب بعضهم فى تفسير شعري توتي وكوستي بعد أم درمان هل هو إيجاد صدمة في المستمع أوالقارئ تجعله يتحرك عاطفيًا لكي ينتبه إلى ما سيقال؟ هل هو شيء في طبيعة الإنسان أنه إنسان سادي كل الأشياء لا تروق له؟. أعتقد في كثير من الأحيان قد يكون ما يُسمى بإسقاط شعري الحالة الداخلية للشاعر في حالة من حالات التوتر أو القلق والغضب أو كراهة لما يحدث قد يسقطها على الآخرين في شكل شعر قليل جدًا من الشعراء من يعجب بشيء الغالب على الشاعر أنه ذات متخثرة متناقضة مع نفسها ومع الكل فهو لا يرى إلا من خلال مصادمته مع الأشياء والتصادم الداخلي يضفيه على ما حوله، قد يسمي البعض هذا هجاء. هل هو هجاء؟ الحطيئة هل يهجو أمه أم هي حالة شعرية داخلية وجسدها فيما يظن الناس أنها القيم الثابتة التي يجب أن لا ينال منها الدين وحب الوالدين وحب المدن والوطنية فبعض الشعراء دخولهم إلى المتلقي عن طريق الصدمة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.