تنتعش تجارتهم مع قدوم فصل الصيف وهذا الفصل يتزامن مع العطلة المدرسية مما يغري كثير من طلبة المدارس بممارسة مهنة بيع الماء «برِّد»، مهنة لا تكلف كثيرًا ولكن ريعها المادي جيد، كل المطلوب «جركان» وأكواب «كيزان» وماء صالح للشرب وربع لوح ثلج «للجركان» الواحد، يوجدون في أماكن التجمعات ومواقف المواصلات بعضهم يتخذ أماكن ثابتة وبعضهم متجول، لا يتوقفون كثيرًا في تحديد السعر «تشرب لمن تروى» ولا تدفع أكثر من «20» قرشًا، يتراوح دخلهم ما بين «15 إلى 25» ج في اليوم. «الإنتباهة» التقتهم في دردشة خفيفة للوقوف على هذه المهنة والدخل اليومي.. بموقف مواصلات الشهداء بأم درمان التقيت اثنين من الفتية في مقتبل العمر يحمل كل منهم «جركانة» و«كيزان» يقومون بضربها مع بعضها البعض بطريقة معينة وهم يرددون «برِّد، برِّد» دنوت منهم وألقيت عليهم تحية الإسلام، ردّ أحدهم بينما نظر إليَّ الآخر مستغربًا وهو يهم بملء «الكوز» ويقدمه لي، سألتهم عن أسمائهم رد الأول: اسمي محسن، بينما أجاب الآخر «اسمي دايرة بيهو شنو؟»، توجهت بأسلتي صوب محسن وسألته عن مكان سكنه وعن التحاقه بهذه المهنة أجاب قائلاً: أسكن أم درمان وأعمل بهذه المهنة منذ أربع سنوات خلت ولكن لا أعمل بها إلا في فترة الإجازة الصيفية وأحيانًا عندما أشعر بحاجة إلى مبلغ من المال أحمل «جركانتي» وأتجه نحو الموقف، أشتري ثلجًا بقيمة «2» أو«3» جنيهات للجركان الواحد حسب سخونة المياه من الصنبور ولا أتوقف كثيرًا في الأسعار سعر «الكوز» «10» قروش ولكن نترك الزبون «بي راحتو» يشرب «لمن يروى» ويدفع «20» قرشًا وبعض الناس «عندهم ذوق» يدفع «50» قرشًا. دخلي في اليوم ما بين «10» إلى «25»ج في الأيام شديدة السخونة. وبموقف مواصلات الإستاد التقيت شابًا في ريعان شبابه يتخذ من الجهة الغربية للإستاد موقعًا له بصورة مستديمة يقول «م» الذي رفض ذكر اسمه : أعمل بهذه المهنة منذ أكثر من خمس سنوات تاريخ مجيئي للخرطوم بغرض العمل في أيه مهنة فأنا مسؤول عن أسرتي المكونة من «3» أفراد والدتي المسنة وأختي وأخي وهؤلاء أصغر مني سنًا ويدرسون بالمدارس ووالدي متوفى والحمد لله الدخل تقريبًا «30»ج يكفي مصروفي الشخصي إضافة لتحويلي لمبلغ مالي يوميًا لأسرتي «20»ج فرزق اليوم باليوم. وفي بحري التقينا عبد القادر متجولاً بين ردهات محلات البوتيكات بالمحطة الوسطى ويبدو أنه شخص معروف للجميع حيث كان غالبية أصحاب المحلات «يندهون» عليه باسمه وهو يتحرك بخفة ورشاقة ليلبي حاجتهم من المياه، قال لنا عبد القادر: لم ألتحلق بهذه المهنة منذ وقت طويل فقط «9» أشهر ولكن تمكنت من عمل زبائن لتعاملي الراقي معهم حيث لا أتوقف كثيرًا في الأسعار ومتوسط دخلي اليومي «15»ج وأشتري الثلج بمبلغ «2»ج «للجركانة» الواحدة. ولكن بعض الناس يفضل شراء «موية» الصحة رغم ارتفاع سعرها.