(برِّد.. برِّد) جملة تتكرر يوميا وتسمعها أذنك وأنت تقصد مواقف المواصلات العامة والأسواق والاستاد وجاكسون والعربي، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، حيث تعج العاصمة الخرطوم بالعديد من المهن الهامشية التي تمثل خدمة كبيرة للمواطنين واستخراج للقروش بأي صورة منهم في ظل ضغط الظروف المعيشية الصعبة والزيادات الواضحة في كل المواد. وانتشرت مهنة بيع المياه (الباردة) في الخرطوم بصورة لافتة للأنظار والتي يمتهنها فئة معينة من الصبية، والتي وصفها من يعملوا في هذا المجال بالمربح مقارنة مع منصرفاته التي لا تكلف سوى عدد من ( الكيزان) وجراكين المياه. مقابل الحركة الكبيرة للمواطنين والطلب على المياه في ظل السخانة المتواصلة وإرتفاع درجات الحرارة. وأصبحت الظاهرة في توسع هذه الأيام؛ مما دعانا للوصول إلى هؤلاء والتقينا بهم في موقف مواصلات جاكسون، وكان أولهم محمد بابكر وهو في الخامسة عشرة من عمره ويعمل ببيع الماء البارد ابتدر حديثة قائلا: تركت المدرسة منذ عاما واتجهت للعمل في مجال الماء البارد وأشار بابكر: إن دخلي يرتفع كلما ذات الجو سخونة، وقال إنني أقوم بادخال 40 جنيها في اليوم عبارة عن ربح ولا أخسر سوى استجلاب الماء من المواسير الموجودة أصلا في السوق إلى جانب إنني أقوم بشراء الثلج بخمسة جنيهات، والآن أصرف على اخوتي الصغار. أما هاشم محمود الذي وجدت في السوق العربي يحتل مكانه، بعد أن «جهّز» (جركاناته) ولمّعها بحيث أصبحت بيضاء وهو ينادي على المارة( بأن يطفئوا عطشهم.. والقروش ما تهمهم)، وقال: إنني عادة أمارس مهنة (البرِّد) بعد أن أنتهي من الدراسة، أي في فترة الإجازة؛ وذلك محاولة مني للاعتماد على نفسي وتوفير متطلبات العام القادم على الرغم من أنني قد عملت في عدة مهن إلا إنني وجدت نفسي أكثر في مجال الماء البارد وأحضر منذ الصباح الباكر لاعداد لوازم عملي من (كبابي) الشراب. وأشار هاشم إلى أنني لا أتشدد مع الزبائن عند شرابهم (وبمائة بس تشرب لمن تروى). وأردف بالقول دائما بعد انتهاء فترة الصيف أقوم بإيداع الجركانات في مخازن بالسوق العربي مقابل دفع إيجار يومي لها.. وأتجه إلى مهنة تواكب الموسم إلا أن موسم الصيف من اكثر الفصل التي نجني فيها المال من (البرد)، على حد تعبيره. وقال محمود(أنا ماعندي قشة مُرة وكل شغلانة يندخل فيها،).. وأحاول أن أُكمل دراستي الثانوية أن أدرس الطب أو الهندسة. أما وليد سليمان فقال ضاحكا: إنني هذه الأيام أعمل ب»مزاج رايق» دون أي مضايقات من جهة، وقال «إن الموية الباردة هذه الأيام بتعمل قروش، وهي لا تكلفني سوى شراء الماء وثلج ب (70 قرشاً) للجركانة وبعدها أترك الأرزاق على الله». وأقوم ببيع الحلويات أثناء تواجدي لبيع الماء، وذلك عندما يكون إقدام الزبائن ضعيفا والدخل غير (مغطي).. وقال رغم سكني البعيد إلا أنني أحضر باكرا، وأكثر الأوقات التي يكثر فيها البيع هي الظهيرة خاصة إذا كان الجو مرتفعة حرارته. وأوضح سليمان: تربطني علاقات واسعة في السوق وهو أي السوق يُعرّف الناس ببعضهم.. ويجعلهم في تواصل مستمر من خلال المجموعات المختلفة .. وأنا تركت عملي السابق في (طبلية ) وتحولت إلى هذا العمل للإقبال الشديد من المواطن عليه..