تقاربت سنوات مولدهما. وتقارب أهلهما في السكن والثقافة، وبل محبَّة الفن والصوت الدافق لحناً وتنقيحاً. فالعطبراوي ولد في عام 1916م مع ميلاد أبو داود في عام 1918م. نهل الاثنان من معين ثقافة أهلهما، فكانا من الملتحقين بالخلوة دراسة للقرآن الكريم ترتيلاً وحفظاً وهو ما ظهر لاحقًا في المخارج السليمة للحروف والكلمات داخل غنائهما. عمل الاثنان بوظائف شاقة تتطلب مجهوداً بدنياً خارقاً.. فالعطبراوي عمل جزاراً ثم عاملاً بشركة الدوم بعطبرة. أما أبو داود فقد عمل (محولجي) وهو العامل الذي يقوم بتغيير خطوط السكة الحديد لمرور القطار بسلامة ويسر فيما بعد عمل بمطبعة ماكرو كوديل وهي المطبعة التي كانت تطبع صحيفة السودان الجديد لصاحبها الراحل أبو الصحف أحمد يوسف هاشم.. رغماً عن غناء العطبراوي قبل أبو داود وشهرته كذلك إلا أن أبو داود حين غنائه اشتهاره كان بمثابة الشلال الغنائي الذي استفاد من غنائه خارج أسوار الإذاعة. ارتبط الاثنان بعلاقة الصداقة الحقة والمودة المتصلة وهو الشيء الذي جعل هذه العلاقة تستمر حتى الآن بين الأسرتين. يشترك الاثنان في غنائهما للفصيح من الغنائيات وبهذا يكونان من أكثر الفنانين الذين تغنوا بها وتحديداً لشعراء من خارج حدود السودان. ومن أمثلة ذلك غناء أبو داود للشاعر اللبناني إلياس فرحات أغنية (عروس الروض) يا عروس الروض يا ذات الجناح يا حمامة سافري مصحوبة عند الصباح بالسلامة أما العطبراوي فقد تغنى لشاعر سعودي أغنية (هل تعرفون حبيبتي) الناس والدنيا بجمالها وبهائها وحسانها لا شيء عندي غيرها هل تعرفون حبيبتي تغنى الاثنان للوطن بأغنيات فصيحة. فالعطبراوي كانت أنشودته (أنا لن أحيد) واحدة من محركات الشعور الوطني أنا لست رعديداً يكيل خطوه ثقل الحديد وهناك أسراب الضحايا الكادحون العائدون مع الظلام من المصانع والحقول في جانب الوطنيات الغنائية لأبي داود تبرز غنائيته (بلادي) بلادي يا سنا الفجر وينبوع الشذى العطر بلادي فهي للشاعر أحمد التني.. وكذلك لديه أغنية اجري يا نيل الحياة اجري يا نيل الحياة لولاك لما طابت حياة اجري وتدفق في الربوع ومن عجب فقد التقى الاثنان في أنشودة دينية من كلمات الشاعر إدريس البنا وهي بعنوان (القلب الذاكر) زارني طيف غرام في سحر هو كالورفاء عادت من سفر وحكى لي وحكى أن نور الحق في الناس انتشر في جلال الكون في كل أثر في نجوم هي لا تحصى عدد يوم لا هيفاء تبدو في سفور أو فجور يوم لا فاجر يبدو يوم لا دنيا شرور يوم هول وجحيم وسعير يوم كرب وعناء وهجير يوم ظل بظل العالمين غير ظل العرش يدعو المؤمنين الاثنان من شخصيات السودان العريق وصانعي الطرفة وعريق الغناء ورصينه.