{ إذا كان أهم وآخر الأخبار الجديرة بالتحليل والتعليق اليوم هي فصل دينق ألور وزير شؤون مجلس الوزراء بدولة جنوب السودان ومعه وزير مالية ذات الدولة كوستي مانيبي بعد اتهام سلفا كير لهما بسرقة سبعة ملايين دولار، ونقول إنه أهم خبر؛ لأن هذه الأموال إذا ثبت أنها لم تذهب إلى حسابي المتهمين الخاصين فهذا يعني إنها ربما ذهبت إلى دعم التمرد ضد السودان إلى دعم الجبهة الثورية، فأحد المتهمين هو وزير المالية. وإذا كان سلفا كير صادقاً في نفي الاتهام الموجه إلى دولته بأنه لا يدعم المتمردين السودانيين، فإن سرقة هذه الأموال دون علمه ربما كانت بغرض دعم مشروع إسقاط النظام في الخرطوم.. هذا إذا ثبت أنها لم تدخل إلى حساب المتهمين. إذا كان أهم وآخر الأخبار هذا الخبر، فإن السيد وزير المالية في حكومة الخرطوم «علي محمود» قال: «ضراعنا قوية جداً لكن القانون الخاص أقوى مننا»... قال هذا وهو يطالب البرلمان بالتحقيق في التجاوزات المتمثلة في التعاقدات الخاصة بحسب تقرير المراجع العام. ويقول وزير المالية علي محمود إن العقودات الخاصة تجاوزت المليار جنيه. والمراجع العام نفسه تحدّث عن قضية جديدة للاعتداء على المال العام في مؤسسة حكومية متعلقة بصرف حوافز قال إنه فاق النسبة الكاملة «100%». إذن إذا كانت السبعة ملايين دولار التي فقدها سلفا كير واتهم الوزيرين بسرقتها دخلت في حسابات خاصة وليس دعم الجبهة الثورية، فيكون المواطن السوداني متضرراً من ما كشف عنه وزير المالية علي محمود والمراجع العام. فالمواطن السوداني يهمه المال العام السوداني وليس المال العام الجنوبي، إذا لم يوجه إلى تمويل مشروع التآمر ضد السودان. بالأمس اهتمت عدد من الصحف بخبر توجيه سلفا كير الاتهام إلى الوزيرين في حكومته بسرقة أموال عامة. لكن بعضها لم يهتم كثيراً بما قاله وزير المالية والمراجع العام في الخرطوم. الآن الخدمات الصحية في المستشفيات العامة أصبحت مكلِّفة وكأنها مستشفيات حكومية ومع ذلك تتحدَّث بعض التحقيقات عن سوء الخدمات الصحية وتعريض المرضى لمشكلات صحية أسوأ من التي قصدوا لعلاجها المستشفى الحكومي. والارتقاء بالخدمات الصحية في دولة فقيرة مثل السودان كانت قريباً دولة نفطية وأصبحت الآن تمرر النفط الذي استخرجته أصلاً يتطلب الحفاظ على المال العام بقوة، فهو مال شحيح، وأي تلاعب به سيكون على حساب الخدمات كلها، وسيدفع المواطن الثمن. وسيرفع يده لله ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب. ونقصد هنا المظلوم المثقف. لأنه يفهم جيداً كيف يمكن أن تؤثر مثل التجاوزات والاعتداءات على المال العام على الخدمات في المؤسسات الحكومية. مدارس وجامعات ومستشفيات. في السودان وزير مالية قلبه على المال العام «بضراعه القوية»، لكن تخذله «القوانين الخاصة». إذن المطلوب الآن هو محاربة القوانين الخاصة من أجل تسهيل الخدمات الحكومية للمواطنين في المستشفيات والمدارس والجامعات و«بصّات الوالي». في دولة جنوب السودان وزير مالية «بعينه القوية» عرّض نفسه مع دينق ألور لاتهام بالسرقة وجهه لهما سلفا كير. وهذه الأموال المسروقة أو المفقودة من خزينة المواطنين الجنوبين هناك إذا دخلت «جيوب خاصة» لن تضر المواطن السوداني هنا بشيء، فهي أموال دولة أخرى. لكن إذا ذهبت إلى دعم الجبهة الثورية فهذه هي المشكلة.