{ إذا كان تنظيم أحزاب المعارضة الذي يعمل تحت اسم قوى الإجماع الوطني يتحمَّس فيه الحزب الشيوعي وحزب البعث جناح ضياء الدين والمؤتمر الشعبي أكثر من الحزبين الكبيرين حزب الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي فيه يتحمَّسون لموضوع (البديل الديمقراطي)، وهم يعتزمون إقامة ندوة اليوم بالمركز العام للمؤتمر الشعبي تحت عنوان (الراهن السياسي والبديل الديمقراطي) فإن السؤال هنا: لمصلحة من كل هذا الجهد المنتظر منه جني ثمرة إسقاط النظام؟!... إذا كان لمصلحة الحزبين الكبيرين بحكم حجمهما الجماهيري وامتلاكهما الحوز على نتائج الفوز الانتخابية كما حدث عام 1954م و1964م، و 1968م، و1986م. فإن هذين الحزبين (الكبيرين) يشاركان حكم الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني بطريقة (بهلوانية) من خلال ابني زعيمي الحزبين فهما في موقع مساعد رئيس الجمهورية... ولا يمكن أن يكونا قد فارقا حزبيهما إلى الأبد، وإلى حد ما يشبه وجودهما في السلطة الحالية وجود أبويهما من قبل في الاتحاد الاشتراكي السوداني. لكن وجودهما الآن ليس لإسقاط النظام طبعاً، وإنما للاستفادة من الأضواء الدستورية، وكان الصادق المهدي بعد أن فض مصالحته مع نميري يقول: (شاركنا في حزب نميري الحاكم لتقويضه من الداخل وتقويض حكومته أيضاً). وكأنه يريد أن يقول إنه ساهم بقدر كبير في انتفاضة أبريل 1985م التي أطاحت نميري. لكن ماذا قال البشير مؤخراً؟!... قال: (إننا لسنا مثل الاتحاد الاشتراكي لتسقطنا التظاهرات) انتهى. وكان الأفضل أن يقول: (ليس الآن من يستطيع تحريك تظاهرات تسقط المؤتمر الوطني. كتلك التي أسقطت الاتحاد الاشتراكي). فكان بإمكان نميري أن يختار معاونين ومساعدين أذكياء في مختلف المؤسسات لحماية الحكومة من ضغوط الشارع كما يفعل الآن البشير. من كان يعمل مع نميري قبل سقوط حكمه؟!. ومن يعمل مع البشير الآن ومنذ الثاني عشر من ديسمبر عام 1999م وهو يوم قرارات الرابع من رمضان الشهيرة؟!. إن نميري لو كان وجد من الشخصيات السياسية الذكية مثل ما وجد البشير أمثال علي عثمان محمد طه ونافع علي نافع ومصطفى عثمان إسماعيل وأحمد إبراهيم الطاهر وإبراهيم محمد حامد وغيرهم فأخذًا بالأسباب لاستمر حكمه إلى يوم رحيله وما بعده. ولم يشارك حزب البعث والحزب الشيوعي في حكومة نميري بعد أن فتح باب المصالحة يوم السبعات الطويلة يوم 7/7/1977م وكان أكثر كرهًا لنميري وأكثر تحمساً لإسقاطه حتى ولو كان بديله الشيطان والشيوعيون لا يؤمنون بوجود الشيطان فهو غيب. لكن بعد إطاحته فاز بالحكم حزب الأمة القومي وأشرك معه في حكومة إئتلاف الاتحادي الديمقراطي الآن ندوة التحول الديمقراطي يشارك فيها حزب البعث جناح محمد ضياء الدين. والبعثيون أبعد ما يكونوا عن الديمقراطية وقيمها وأدبياتها، وهذا هو السبب الذي شجع دول الاستكبار بالتعاون مع خصوم صدام على إطاحته وكان شعار الولاياتالمتحدةالأمريكية وهي أسوأ دولة في سجل الحريات وحقوق الإنسان كان شعارها (الحرية والديمقراطية للشعب العراقي). أما الحزب الشيوعي فإن برنامجه الأول حال يصل إلى الحكم هو (دكتاتورية البروليتاريا) وكان حرياً به أن يتحدَّث عن (البديل الدكتاتوري) إذا كان يرى هذا النظام دكتاتورياً ولا يقتنع بالديمقراطية (الرابعة). بدلاً من أن يخدع الآخرين بالمشاركة في ندوة (البديل الديمقراطية).