في صحيفة «اليوم التالي» الغراء بعدد أمس الأحد وتحت عنوان دفتر أحوال وردت ثلاثة أخبار في «صف واحد» شغلت جزءاً كبيراً من الصفحة ... ويمكن تلخيص أخبار دفتر الأحوال الثلاثة في أن الخبر الأول يقول بأن هناك «أجنبي» سدد ثلاث طعنات «قاتلة» أودت بحياة شاب من «بني جلدته» بسبب خلاف حول «فتاة»... والخبر الثاني أن هناك شاباً لقي مصرعه بضربة «ساطور» سددها له أفراد عصابة «النيقرز» «المتفلتة» قطعوا عليه الطريق غرب الحارات بأم درمان.. وشطروا رأسه إلى نصفين. الخبر الثالث يقول إن الشرطة قامت بتوقيف «مجموعة » «متفلتة» اعتدت على صبي في السادسة عشرة من عمره ضرباً ب«السواطير» غرب أبو سعد بالريف الجنوبي لأم درمان... وكانت الشرطة قد تلقت بلاغاً من أسرة الضحية بأن «عصابة متفلتة» اعترضت طريق ابنهم وقتلته عندما كان ذاهباً إلى المخبز لشراء خبز وتأخر في الحضور وبحثوا عنه ليجدوه يسبح في دمائه ومبلغ الرغيف قد نُهب منه.. أها يا جماعة... للمرة «الثانية عشرة» ننادي بالصوت العالي ونقول إن هناك حاجة اسمها عصابات «النيقرز»... وكلمة «نيقرز» كلمة إنجليزية لا تحتاج منا إلى درس عصر لكي نشرح معناها ولا تحتاج من المستمعين إلى مذاكرة عصر ليعرفوا معناها «برضو»... ومثلما أن عصابات «النيقرز» توجد في نيويورك في بروكلين.. ومثلما توجد في «حي هارلم» فهي قد أوجدت لنفسها موطناً في ولاية الخرطوم... وعرفت بعض المناطق مثل الحاج يوسف وأم درمان بالوجود الكثيف لمجموعات عصابات «النيقرز»... والبعض منا يسميها «متفلتة» وبعضهم يقول إنها خارجة على القانون... ويبقى أنه من المؤكد أن إفرازات عدم التوافق بين جنوب وشمال السودان كان هو «الحاضنة» التي أفرزت هذا النوع من المتفلتين الذين كونوا «عصابات» اشتهرت بالحركة السريعة والملابس المميَّزة... وشكل الأفراد الذين يحملون «السواطير»... وأطلقوا على أنفسهم اسم «النيقرز» إمعاناً في استدعاء الثقافة الأجنبية التي تجعلهم أشبه برعاة البقر وتجعل تصرفاتهم غير منضبطة وعشوائية... وإذا كانت قضية الجنوب التي انتهت بالانفصال أو الاستقلال كله واحد وأدت إلى تكوين عصابات النيقرز فلعلنا نستغرب كيف أنه لم تنشأ عصابات «مقابلة» و«مقاومة» تنفيذاً لقانون «نيوتن» بتاع «رد الفعل» في الطبيعة الذي يقول «لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه»... وهو أحد قوانين الفيزياء المثبتة بالبيان العملي.. وكان المتوقع في مقابل عصابة «النيقرز» أن تنشأ مجموعة أو عصابة «المندكورو»... وفي مقابل التفلت يكون هناك تفلت أكبر منه... وفي مقابل السواطير... تكون هناك سيوف ومدافع... على أن «أهل الخرطوم» يبدو أنهم «عاصميون» أكثر من اللازم... ومتسامحون أكثر مما يجب وكل منهم مشغول بنفسه... ثم إنهم حضاريون وملتزمون بالقانون... ولم نقل «خوافين» ... ولهذا فهم يعتمدون على قوة القانون وكفاءة الجهات العدلية لتعالج بطريقتها... «عصابات النيقرز» ونتساءل لماذا يستعمل «النيقرز» سواطير من التي كان يتم عرضها العام الماضي في الأسواق بكميات ضخمة ثم اختفت كلها... و أين ذهبت آلاف السواطير... في السوق العربي وعلى الشوارع الرئيسية... هل ذهبت كلها في أيدي «الموظفين» من ناس الخرطوم استعداداً لعيد الضحية «الفات والقادم» أم أن ناس عصابات النيقرز قد استحوذوا على كل السواطير المتاحة واحتفظوا بها لليوم الأسود... وبالطبع ليس مستبعداً أن يكون اليوم الأسود هو أحد أيام الجبهة الثورية التي وعدتنا بها وقالت إنها مائة يوم بالتمام والكمال مخصصة لتسخين الخرطوم في مشروع تعاون مشترك مع الحركات المسلحة والخلايا النائمة والحركات المتمرِّدة والطابور الخامس والجواسيس والعملاء والأحزاب «الما وطنية» {كسرة: مضت حتى الآن أربعة وعشرون يوماً من فترة المائة يوم بتاعة ناس الأحزاب والذين وقَّعوا اتفاقية كمبالا مع الحركات المتمردة وأعلنوا عن إسقاط النظام و«تسخين الخرطوم» في مائة يوم ولم يحدث شيء حتى الآن يعني الباقي ليهم حوالى سبعين يومًا فيها تسعة جمعات وتسعة «سبوتات» وفيها رمضان... وفيها العيد... وهلمَّ جرَّاً... على كل حال نؤكد أن حادث وقوع حائط بالقضارف على مجموعة من المتزاحمين لم يكن أحد الأعمال البطولية للجبهة الثورية ولا جزءًا من برنامج «تسخين الخرطوم»... ولكنه القضاء والقدر.