تبلغ أصولها أكثر من (3) مليارات دولار..أوقاف إسلامية في قبضة ذوي السلطة والنفوذ.. من يحررها؟..وثائق جديدة تكشف تورط مسؤولين في مصادرتها والاستيلاء عليها أحمد يوسف التاي في رمضان من العام الهجري 1432 الذي وافق العام الميلادي (2011م) جاء في خطاب حاسم للسيد رئيس الجمهورية المشير عمر البشير: (وكل من يتغوّل أو يتعدى على وقف لله سنردعه بالمساءلة والمحاسبة) هذه الفقرة من خطاب الرئيس أخذها ديوان الأوقاف القومية الإسلامية وأسند إليها ظهره في خطاباته التي وجهها إلى بعض الجهات الحكومية التي تغوّلت واستولت على كثير من الأوقاف التي أوقفها أصحابها كصدقة جارية لأعمال الخير وحرموا منها ورثتهم، ورغم تحذيرات وتوجيهات رئيس الجمهورية في هذا الصدد إلا أن جهات رسمية وشخصيات نافذة ما زالت تستولي على أوقاف الله وتعطل شروط الواقف... وفي يوم 5/10/ 2010م جاء في خطاب آخر لرئيس الجمهورية بمناسبة حملة إحياء سنة الوقف التي انعقدت بقاعة الصداقة في ذلك الوقت، جاء في خطابه: (لا بد أن تعطى الأولوية في السداد والدفع للأوقاف حتى لا يتعطل شرط الواقف أكثر مما تعطل ويلحق الضرر بالمساجد والخلاوي).. لكن وبشهادة تقرير هيئة المظالم والحسبة السري الذي حصلت عليه (الإنتباهة) أن توجيهات رئيس الجمهورية وقراراته لم تجد طريقها للتنفيذ ...!!! وهنا لا بد أن نتساءل: مَن المستفيد من تعطيل شروط الواقفين، ولمصلحة مَن يتم الإجهاز والاستيلاء على وقف الله ومال الله وأوجه لأعمال الخير؟ وما هي الجهات التي تستبيح حرمة الأوقاف؟ وهل تفعل ذلك جهلاً أم عمدًا وإمعانًا في الاعتداء على حرمة المال العام ومال الله الموقوف بأمره لأصحابه الموقوف لهم بشروط الواقف؟ ولماذا تتجاوز هذه الجهات الرسمية والمسؤولون حدود الله وقرارات وتوجيهات رئيس الجمهورية... كل هذه الأسئلة سنجيب عنها من خلال هذا الملف الحساس والمستندات والأدلة الدامغة والوثائق الرسمية، لكن قبل الإجابة عن هذه الأسئلة الحائرة دعونا نلقي مزيدًا من الضوء على الوقف وتعريفه وشروطه وحرمته وقدسيته المأخوذة من قدسية الله وتعظيم شعائره وترك نواهيه والامتثال لأمره تعالى: قوام الوقف هو منع التصرف في رقبة العين التي يدوم الانتفاع بها... شرعًا فلا يجوز بعد وقفها وجعلها على حكم ملك الله تعالى أن تباع أو ترهن أو توهب أو تورث، أما منفعتها فتصرف على وجوه الخير والمنفعة العامة طبقًا للشروط التي يحددها الواقف، بمعنى أن الوقف تعطى منفعته لا أصله، وكنا قد أشرنا في الحلقة الثالثة إلى أننا وضعنا أيدينا على أخطر تقرير سري أعده فريق من هيئة المظالم والحسبة وقد كشف التقرير عن تجاوزات لقرارات وتوجيهات رئيس الجمهورية وتجاوزات أخرى مالية وإدارية وجانب من أوجه القصور والإهمال وغياب الضوابط التي تحمي المال العام من التعدي عليه وأخذه دون وجه حق، وأكد التقرير أن سوء الإدارة والتهاون في أموال الوقف أضاع مساحة (7128) م. م. من حديقة الحيوان، ومبالغ ضخمة من مال الوقف العائد من الحديقة وحدها بجانب إيلولة قطعة مميَّزة منها إلى الصندوق القومي للتأمين الاجتماعي، مقابل عمارة بكوبر وبضع دينارات لا تغيث محتاجًا ولا تقيم برًا، ورصد التقرير عدد العقارات التي تم الاستيلاء عليها من جهات حكومية ومنظمات شبه رسمية وشخصيات نافذة: مستند رقم (1): من ديوان الأوقاف إلى وزير التخطيط: الأخ الكريم/ وزير التخطيط والتنمية العمرانية ولاية الخرطوم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الموضوع: نزع أوقاف الشيخ حمد البريقدار في البدء أسأل الله لكم العون والسداد فيما ولاكم من أمور المسلمين. وبالإشارة للموضع أعلاه أفيدكم أن وقف الشيخ حمد البريقدار الذي يؤكده: 1/ الإشهاد الشرعي الصادر من محكمة أم درمان الشرعية في يوم الإثنين 12 ذو القعدة 1247ه الموافق 22 أبريل 1929م (مرفق). 2/ كذلك شهادات البحث للقطع رقم (16/17/18/19/20/21/22/23/24) بمقر الازيرقاب بحري (مرفق) هذا الوقف أوقفه الشيخ حمد البريقدار لمسجد حمد محمد بريقدار ولفقراء ومساكين. تعلمون أنه من شروط الوقف الشرعية أن يكون مؤبداً وأنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث وقال العلماء شرط الواقف كنص الشارع... ولم يعرف تاريخ السودان نزاعاً أو مصادرة للأوقاف مراعاة لحرمتها وشعور المسلمين. ولكن رغم هذه المحاذير الشرعية قامت ولاية الخرطوم بنزع الوقف بالقرار الصادر بتاريخ 9/1/2009م من والي ولاية الخرطوم والمنشور بالغازيته الرسمية بتاريخ 26/1/2009م (مرفق). لقد ظل ناظر الوقف يسعى للوصول إلى معالجة ذلك القرار ولكن دون جدوى منذ عام 2009م (مرفق). ولقد فوض ناظر الوقف ديوان الأوقاف القومية الإسلامية بما له من حق الإشراف العام على جميع الأوقاف بمعالجة وقف البريقدار (مرفق). ولما كان أوجب الواجبات الشرعية على ناظر الوقف أو الديوان حمايته من الضياع أضع الأمر بين يديكم لإعادة الوقف لما كان عليه أو تعويض الأوقاف عوضاً شرعياً يرضى عنه الناظر والديوان يكون أفضل من الوقف السابق أو على الأقل مثله. فالرجوع للحق من فضائل الخير خاصة أننا لا نريد زعزعة ثقة الأمة في الأوقاف بنزعها أو غبنها. مستند رقم (2): من الأوقاف إلى اتحاد الغرف التجارية: السادة/ اتحاد الغرف التجارية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الموضوع: الأرض الوقفية التي تشغلونها بالإشارة إلى الموضوع أعلاه، فإن القطعة التي يشغلها اتحاد الغرف التجارية (الدار الاستشارية سابقاً) غربّ جامع فاروق، وهي أرض وقفية جزء من مساحة القطع الوقفية 8/ب و9/ب غرب الخرطوم حسب ما أكدته الدراسات البحثية التي قامت بها الأوقاف القومية مع المساحة. وبالإشارة لقانون ديوان الأوقاف القومية الإسلامية لسنة 2008م الذي ألزم الديوان باسترداد جميع الأراضي الوقفية التي تستغلها الجهات الحكومية وغيرها رأينا مخاطبتكم لتحديد موعد للجلوس معكم عاجلاً للتفاكر والتشاور حول: 1/ تحديد وسداد الأجرة عن الفترة السابقة للأرض الوقفية. 2/ توقيع عقد الأجرة عام 2011م يتراضى عليه الطرفان يكون مبرئًا للذمة من مال الوقف. 3/ الاتفاق على موعد لإخلاء الموقع لاستثماره بصورة تليق وقلب الخرطوم بما يحقق عائداً مجزياً يعود على الأوقاف والموقوف لهم من مساجد وأيتام وفقراء بالخير الكثير.. فإن أوجب واجبات ناظر الوقف هو تطويره وزيادة عائداته. مستند رقم (3): من ديوان الاوقاف إلى رئاسة الجمهورية: السيد/ مدير المكتب التنفيذي لرئاسة الجمهورية لعناية الأخ الكريم/ سعادة الفريق عصمت السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وأنتم بخير الموضوع/ إنشاء دار العاملين بالقصر على القطعة الوقفية رقم 28 مربع 1 المقرن. إلحاقاً لخطابنا لكم بتاريخ 9 أغسطس 2011م، والخطاب السابق له في 28 يوليو 2011م بشأن الموضوع أعلاه ومن باب المناصحة والتواصي بالحق والتواصي بالصبر أخاطبكم بالآتي: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله القائل كما جاء في الأثر (أنا خصيم من ضيع الوقف يوم القيامة) أو كما قال (صلى الله عليه وسلم) أخي الكريم بما أنكم ونحن وجميع المسلمين قيمون على أمر الأوقاف، ونحسبكم الأكثر حرصاً على احترام قرارات السيد الرئيس وكلمته والتزاماته حين قال في رمضان الماضي (وكل من يتغول أو يتعدى على وقف الله سنردعه بالمساءلة والمحاسبة). فإن في هذا البدل قطعة الصحافة التي تقترحونها غبنًا واضحًا على الأوقاف فلا هو مثله ولا هو أفضل منه ولن نجد أبداً من يشهد على أن هذا البدل مكافئ، فما لا نرضاه لأنفسنا يجب أن لا نرضاه في مال الله، هب أن هذه القطعة في المقرن لأحدنا هل يرضى عوضاً عنها قطعة في الصحافة؟!!! نقول هذا لأن هنالك بعضاً من الأسباب شرعية وإجرائية وأخرى موضوعية (استثمارية) تدعونا إلى التمسك بقطعة الأرض هذه وهي: أولا: الأسباب الشرعية والإجرائية: الاستبدال لا يجوز إلا بأفضل منه وأن تكون هنالك ضرورة شرعية مع موافقة ورضى الجهة المعنية بأمر الوقف كتابة. صعوبة وخطورة إلغاء الإشهاد الشرعي الذي يعني سن سنة التلاعب بالأوقاف (أوقاف رئيس الجمهورية ولي الأمر) فما بالك بالأوقاف الأخرى وبذلك يفتح باب من الشر والهدم لا يعلم مداه إلا الله. بدل كهذا فيه غصبٌ للأرض لا ترضى به الأوقاف، فالأرض المغصوبة شرعاً لا تصح فيها الصلاة ناهيك عن مبانٍ للترفيه. ثانيًا: الأسباب الموضوعية (الاستثمارية). إن استقطاع هذه الأرض يعني أن تفقد القطعة قيمتها وميزتها الاستثمارية المتمثلة في: أ/ مساحتها الكبيرة الموجودة في مكان واحد. ب/ شكلها المنتظم الذي يجذب المستثمرين إليها ويمكنهم من إقامة المشروع المقترح عليها الذي يحتاج إلى مساحة لا تقل عن هذه إن لم تكن أكبر، وهذا يعني أن المستثمر الذي تم التفاوض معه لن يقبل بغير ما ارتضاه أولاً. ج/ استقطاعات هذه القطعة يعني ضياع قطعتين أخرتين متجاورتين لها، لتبلغ المساحة المستقطعة ما يقارب إلى 6000. نأمل وبلادنا تواجه ظروفاً صعبة أن ترفعوا يد الكل عن أملاك الله سبحانه وتعالى وتزيلوا الغبن عن أوقافه ليس في هذه القطعة وحدها، وإنما في بقية الأوقاف التي بيد الغير سواء كانوا أفرادًا أو سلطات حكومية وغير ذلك مثل دار الهاتف وحديقة الحيوان وجزء من الواحة وأوقاف البريقدار.. إلخ. أخي الكريم.. فلنعمل جميعاً على حماية الأوقاف لتكفي الفقراء والمساكين وتعين في توفير المياه والبحث العلمي وغيرها من أعمال البر، ونذكر أن في أرض السودان متسعًا لإقامة دور العالمين. ألا قد بلغت اللهم فأشهد والله الموفق مستند رقم (4) من ديوان الأوقاف إلى رئاسة الجمهورية: السيد/ مدير المكتب التنفيذي لرئاسة الجمهورية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الموضوع/ القطعة رقم 28 مربع 1 المقرن إلحقاً لخطابنا بتاريخ 28 يوليو 2011م، ومشيراً لخطابكم رقم ق ج/م ت/9/أ/1 بتاريخ 8/8/2011م بشأن الموضوع أعلاه، والذي أشرتم فيه إلى اتفاق تم مع السيد/ وزير الإرشاد والأوقاف بشأن استبدال القطعة بأخرى في الصحافة مربع 37. حسب إفادة الأخ/ الأمين العام للديوان فإن السيد الوزير لم يوجه إدارة الديوان لاستكمال إجراءات الاستبدال وربما كان ذلك خوفاً من مخالفة النصوص الشرعية والقانونية التي تحكم استبدال الوقف مثل وجود الضرورة الشرعية، وأن يكون الوقف الجديد أفضل من حيث القيمة والريع، وأن لا يكون هنالك غبن، وأن يعرض الأمر أولاً على مجلس الأمناء للموافقة عليه والتوصية للوزير بذلك حسب قانون ديوان الأوقاف القومية الإسلامية لسنة 2008م المادة (7/ج) (يمكن الرجوع للإدارة القانونية). بالإضافة إلى ذلك فإن الأمين العام عندما عرضنا عليه خطابكم، فإنه يرى أن استبدال هذه القطعة يُحرم الأوقاف من الاستفادة القصوى من بقية القطع. عليه فإننا في الديوان متمسكون بعدم التنازل عن القطعة أو استبدالها، ومستندون في ذلك إلى أحكام الشريعة والقانون ولا أظنكم تخالفوننا في ذلك الموقف. مستند رقم (5): من ديوان الأوقاف إلى ديوان العدالة الاتحادي: ديوان العدالة الاتحادي للعاملين والخدمة العامة السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته الموضوع: العقار رقم (8) (مربع 1 المقرن الخرطوم) إشارة للموضوع أعلاه والخطاب الصادر من ديوان الأوقاف القومية الإسلامية بتاريخ 15/6/2010م بشأن إخلاء العقار وتسليمه للديوان خلال شهر. أرجو أن تكونوا في موقف يمكنكم من إخلاء العقار تنفيذاً لشرط الواقف ونربأ بأنفسنا وبكم من تعطيل شرط الواقف الذي هو كنص الشارع في الفهم والدلالة. عليه أرجو التكرم بالإخلاء وبالعدم سأجد نفسي مضطراً ومكرهاً لتحريك الإجراءات القانونية في مواجهتكم. مستند رقم (6) من ديوان الأوقاف إلى وزارة العدل: الأخ الكريم/ وكيل وزارة العدل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الموضوع: إخلاء مواقع وقفية بغرض التطوير في البدء يسدي لكم ديوان الأوقاف شكره وتقديره لما تبذلونه من جهد في حماية الأوقاف والمساهمة في استردادها وتعويضاتها العينية والمالية جعل الله ذلك في ميزان حسنات الجميع. وبالإشارة للموضوع أعلاه ومحادثتكم لنا بالأمس الإثنين 1/ مارس والطلب المقدم من البعض بإعطائهم مهلة. إن الواجب الشرعي يلزم ناظر الوقف بتعميره وزيادة عائداته وتعظيم ريعه ولهذا وقع الديوان اتفاقية مع شركات ماليزية لتطوير تلك المواقع واشترطوا على الديوان أن تكون تلك المواقع جاهزة للتسليم وخالية من أي موانع في مدة أقصاها الأول من يونيو 2011م. وعليه فإن هنالك أعمالاً كثيرة تنتظر الديوان مثل الهدم ونقل الأنقاض وإجراءات الكهرباء والمياه وفحص التربة الذي لايتم إلا إذا كانت المساحات خالية من أي مبانٍ ويستغرق لوحده قرابة الثلاثة أسابيع وحتى لا يقع ديوان الأوقاف في الإخلال بشرط من شروط الاتفاقية فإنه لا مانع لدينا بالنسبة للأخ (بشير محمد بشير) والاتحاد العام للطلاب السودانيين أن يكتبوا التزاماً أمام وزارة العدل بأن يقوموا بتسليم مواقعهم في مدة أقصاها 1/5/2011م مع التقيّد الشديد بذلك وإلا فنرجو أن يتم إعمال القانون وإخلائهم بالقوة الجبرية.