لربما الأيام القليلة الماضية في المجلس الوطني هي أيام الجيش بامتياز، فقد شهد المجلس إجازة العديد من القوانين المتعلقة به، بدءاً بقانون القوات المسلحة مروراً بقانوني الدفاع الشعبي والخدمة الوطنية، وانتهاءً بقانون خدمة الاحتياط لسنة 2013م الذي اجيز في مرحلة العرض النهائي يوم الثلاثاء الماضي، وقد كفل القانون لوزير الدفاع الحق في استدعاء اي مواطن سوداني من سن «18» الى «60» عاماً، للانخراط في قوات الاحتياط من العاملين بالدولة والقطاع الخاص وطلاب الجامعات والدراسات العليا الذين لم يؤدوا اية خدمة في القوات النظامية، بجانب المتقاعدين بالمعاش من القوات المسلحة والقوات النظامية الاخرى، وبينما كان اقتراح رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع تحديد انتهاء سن الاستدعاء بسن «50» عاماً تمسك النواب بسن «60» عاماً الواردة في القانون، منحازين للوزير المختص عبد الرحيم محمد حسين الذي تمسك بعدم حرمان كبار الضباط، فضلاً عن الاستفادة من خبراتهم التراكمية، وقانون الاحتياط لسنة 2013م ليس الأول من نوعه في البلاد، فقد سبقته قوانين معدلة لخدمة الاحتياط، منها قانون 1982م، والزم القانون فى خدمة الاحتياط جميع السودانيين الذين أكملوا فترة التدريب بالخدمة الوطنية الإلزامية وفقاً لأحكام هذا القانون، على أن تتكون قوات الاحتياط من الفئات التالية: المتقاعدون والمستقيلون من افراد القوات المسلحة، أفراد جهاز الأمن الوطني، قوات الشرطة، قوات الدفاع الشعبي، طلبة التدريب العسكري، بالإضافة للأطباء والمهندسين والفنيين والعاملين بالمؤسسات والشركات العامة والخاصة وغيرهم من العاملين بأجهزة الدولة المختلفة غير قوات الشعب المسلحة والقوات النظامية، وخريجو الجامعات والمعاهد العليا والمعاهد المهنية والفنية المختلفة، والذين أكملوا مرحلة الدراسة الثانوية والذين لم يستوعبوا فى الخدمة العامة أو الخاصة أو الخدمة الوطنية الإلزامية العسكرية، وكل من يوافق الوزير على إدراج اسمه فى قوائم خدمة الاحتياط بناءً على توصية رئيس هيئة الأركان. الخبير الدستوري ومسجل الأحزاب والتنظيمات السياسية محمد أحمد سالم أفاد «الإنتباهة» التي هاتفته بالأمس، بأن قانون خدمة الاحتياط موجود في بلدان العالم المختلفة، كما أن الدستور السوداني لعام 2005م ينص على أن الدفاع عن الوطن من واجبات المواطن السوداني، وأضاف أن مميزات القانون تكمن في أن قوات الاحتياط تشكل عامل دعم وإسناد للقوات المسلحة في حالة الحرب، كما أن الاحتياط يقلل من الاعباء المالية التي يتطلبها الجيش كبير العدد، باعتماد قوات أقل للجيش، والاعتماد على قوات الاحتياط عند الضرورة، وضرب المثل بالجيش الإسرائيلي الذي يتكون من «50» ألف عنصر، بينما يتم تدريب كل الشعب الإسرائيلي من خلال قانون الاحتياط، بحيث اذا دخلت في الحرب تستطيع تكوين جيش قوامه مليون عسكري في «24» ساعة فقط، وعن أول تجربة للقوات شبه العسكرية كانت في عهد الرئيس السابق محمد نميري، حيث تشكلت قوة الحرس الوطني في منتصف سبعينيات القرن الماضي، وأول قائد لها كانت الرائد عائشة، وهي في جوهرها تشبه فكرة الدفاع الشعبي التي ابتكرتها الإنقاذ، وبشأن بعض التحفظات التي قد تثار من قبل البعض بأن القانون قد يوجه للمعارضة بإقصاء قادتها من الساحة السياسية باستدعائها للاحتياط، أوضح أن أي قانون في العالم يمكن توظيفه على النحو الذي يحقق الهدف منه، كما يمكن استغلاله على نحو سيئ، وعاد ليؤكد أن فكرة القانون ممتازة، أما إذا تم إدراج السياسة في التعامل بالقانون فتلك هي مشكلتنا نحن وليس القانون. وبمقارنة قانون خدمة الاحتياط بقانون الخدمة الوطنية يبدو الفرق أكثر وضوحاً في أن الأول يشمل استدعاء كل المواطنين السودانيين للفئة العمرية ما بين «18 60 عاماً، بينما تظل الخدمة الوطنية وفقاً للمستشار القانوني لمنسقية الخدمة الوطنية محمد توم، قاصرة على الفئة العمرية بين «18 45 عاماً».