تصور عزيزي القارئ أن يطرق بابك موظف المحلية في الصباح الباكر مطالباً برسوم تسمى «ضريبة الموت»، فلا شك أن الدهشة ستتملكك وسترفع حاجبيك الى أعلى وربما أزبدت وأرقيت إذا كنت من أصحاب الغضب السريع، وربما تحدثت بغضب دون إطلاق كشكول من الشتائم ضد المحلية إن كنت من الذين يضبطون أعصابهم ويضعونها في ثلاجة، وفي الصباح سيكون خبر الجباية المجنونة حديث المجالس والمساجد، والصحف في اليوم الذي يليه، وسيقول حاج حمد لموظف الجباية «بس ورني فوق كم تشيل القروش دي حتجيبوا لي كفن ولا حنوط وللا برش، ولا لمن أموت بتجيبوا عربية تنقلوا بيها جنازتي للمقابر، عليَّ الطلاق ما بدفع والداير يقلعها يجي كان راجل». لكن هذه الجباية الشاذة لم تحدث على الأقل في السودان في خضم لوثة الجباية المجنونة، بيد أن المفاجأة الداوية أن الحكومة البريطانية تفكر جدياً في فرض هذه الجباية التي سموها «ضريبة الموت»، وتقول صحيفة «ديلي إكسبريس» إن ضريبة الموت ستملي على كل عائلة بريطانية دفع «170» جنيهاً استرلينياً قبل دفن فقيدها، في إطار خطوة من شأنها أن تكلِّف البريطانيين «83» مليون جنيه إسترليني في العام. وأضافت الصحيفة أن «ضريبة الموت» يمكن أن تُطبَّق على نحو «490» ألف حالة وفاة كل عام، مما سيؤثر على أكثر من «1000» أسرة بريطانية في اليوم. وقالت الصحيفة إن الحكومة البريطانية اقترحت مناقشة «ضريبة الموت» في البرلمان هذا الأسبوع، في إطار خطة تهدف إلى تحسين نوعية ودقة إحصاءات الوفيات والشهادات الطبية لحالات الوفاة غير الصادرة عن الطبيب الشرعي، لكنها ستؤثر على العائلات البريطانية ذات الدخل المحدود. وأضافت أن الحكومة ستعيِّن «1000» مدقق طبي براتب يصل إلى «81» ألف جنيه إسترليني في العام لكل واحد منهم، لضمان قيام الأطباء بملء النماذج بشكل صحيح وتحديد أسباب الوفيات بدقة، وأشارت الصحيفة إلى أنه من غير الواضح كيف ستقوم السلطات البريطانية بجمع عوائد «ضريبة الموت» من العائلات المفجوعة التي ترفض دفعها. وفي السودان بالرغم من أن سلطات الجباية فرضت رسوماً على شهادات الميلاد بعد أن كانت مجانية لعدة عقود خلت، لكنها لم تجرؤ حتى الآن أو على الأقل استحت على أن تفرض على شهادات الوفاة رسوماً، ويمكن أن نقول إنها لم تفعل ذلك حتى إشعار آخر، أي حتى قدوم عبقري جبائي سيوبر، ولكني كنت قد ذكرت أن عبقرياً جبائياً فرض ذات يوم رسوماً على المواطنين الراجلين الذين يعبرون «كوبري» من البراميل العائمة على إحدى الترع، بيد أن هذه الجباية «المسطولة» لم تستمر إلا يوماً وربما بعض يوم، وعليه فإننا سنكون محصنين من جباية الموت البريطانية، إلا إذا تم انتداب صاحب جباية كوبري البراميل، فحينها فالجباية ربما ستكون عند الدفن تجنباً للزوغان والحجة، وغضب حاج حمد وتهديدات عصاه المعكوفة .