وجاء والتقى بوالدي، الذي أول ما لاحظه هو فارق السن، وأحسست بعدم رضاه عن فكرة زواجي، متعللاً بصغر سني، وأنه يرى ضرورة إكمالي لتعليمي، وعدم تورطي بزيجة قد تهدد مستقبلي، أو تدخلني في مشكلات لا قبل لي بها! ولكن أمام إصراري، ووقوف أمي إلى جواري، وافق أبي على مضض، وهكذا تم كل شيء على عجل، كنت كالمنومة، أحثهم على الإسراع في كل شيء، لم أكن أدري أنني أتعجل المصير العجيب الذي ينتظرني. وكان زواج ولا في الأحلام. بيت وكأنه الجنة، شهر عسل شمل سبع دول.. أسكرتني الفرحة ولم أدع صديقاتي... فقد تم كل شيء بسرعة عجيبة.. ومرت الأيام... ذات يوم دق جرس الباب.. كان زوجي في الدوام... جاءتني الشغالة قائلة: «مدام في حرمة تبغاك» فقلت أدخليها... فقالت هي دخلت وتنتظر بالصالون، وإذا بها امرأة في الثلاثين متوسطة الجمال... أنيقة في غير إسراف، تصطحب طفلتين جميلتين، لم تتوقف عن مطالعاتي، ولم يرف لها جفن، كنت أحس بنظراتها كالسياط، استغربت نظراتها وصمتها الذي قطعه دعول الشغالة وهي تحمل العصير، فقلت: تفضلي، ولكنها أبعدت الكوب قائلة أنا ما جاية أتضايف! شكراً، ثم أنا لا أشرب في بيت ضرتي،! ثم أردفت آسفة نسيت أعرفك على نفسي، أنا مرت راجلك، والطفلتان ديل بناتنا أنا وزوجك. أرجو ألا أكون قد صدمتك بهذه الحقيقة، قالت عباراتها الأخيرة بعد أن لا حظت الدهشة التي بدت على وجهي الذي اكتسى بكل الألوان، ثم تابعت.. تأكدي يا حبيبتي، إنه راح يتزوج عليك، فمن يتزوج على أم عياله في السر، حا يسويها مرة ومرتين كمان! صدمتني المفاجأة وشلت لساني، فلم أتفوه بكلمة، ورأيتها تقف وتسير خارجة وهي تسحب بناتها خلفها... وقبل أن تصل الباب إلتفتت إلي قائلة: مبروك يا عروس.. راجلي... مرت ساعات اليوم علي كالدهر، لم أنطق ولم أفارق مكاني الذي تركتني فيه تلك المرأة، إلى أن دخل علي زوجي يحمل مسبحته التي لا تفارق يده، حياني، فرددت التحية بفتور لفت انتباهه، سألني عما بي، فأخبرته عن تلك المرأة... لم يندهش ولم يتفاجأ.. وضحك في اضطراب قائلاً: جاءت الساعة المنتظرة. زاد استغرابي، فلم ينكر، بل أكد لي فعلاً أنه متزوج، ثم قال: وما العيب في كوني متزوج أنا لم ولن أقصر في حقك، وكل واحدة سوف أقوم بواجبها، ولن تشعر إحداكن بوجود الأخرى، أنا لك حينما أكون معك... بهت، وسكت.. فلم أدر ماذا أقول! ... وفي المساء سارعت إلى أمي التي حاولت تهدئتي، وأخذت تذكرني بتسرعي وإصراري على الارتباط به، ثم قامت بتلقيني، ألف باء الاستحواذ على قلب الزوج وكيفية إمكانية أن أنسيه زوجته الأخرى قائلة لي: «إن اتبعتي كلامي ونفذتيه، راح ينسى حتى أمه موش بناته وزوجته وبس!