دار حمر هي المنطقة التي تغطي النصف الغربي لولاية شمال كردفان تسكنها قبائل حمر والقبائل التي نزحت إليها منذ عشرات السنين فتعايشوا وتصاهروا حتى أصبحوا أكبر تجمع في ولاية شمال كردفان، إذ بلغ تعداد قبائل حمر أكثر من ثلث الولاية يتمددون في محلياتهم الست: محلية النهود، محلية ود بندة، محلية غبيش، محلية أبو زيد محلية الخوي ثم محلية الأضية الموعودة محتلين بذلك أكبر مساحة في ولاية شمال كردفان. تتميز قبائل حمر على كل العالم بخروفها الحمري الشهير الذي عجزت كل أبحاث الجامعات عن استنساخ مثيل له وتمتاز بالإبل الأصيلة ذات الحجم الكبير والأبقار المحسنة والماعز. الصمغ العربي الذي تزداد أهميته في العالم كل يوم هو محصول حمر الرئيسي ولولا التهريب للدول المجاورة وإن كثيرين ممن يديرون شركة الصمغ العربي هم مجرد موظفين لا علاقة لهم بالصمغ من قريب أو بعيد. لولا ذلك لحققت دار حمر بل السودان كله أكبر فائدة من هذه السلعة، فوق ذلك تنتج منطقة دار حمر الفول السوداني والكركدي والسمسم والدخن والذرة وحب البطيخ وأخيراً فتح الله عليهم باباً جديداً هو باب الذهب وتسهم قبائل حمر بنسب عالية في صادر السودان من هذه المحاصيل. منطقة دار حمر تجاور ولايات دارفور من جهة الشرق فكانت هدفاً لحركات التمرد الدارفورية بقصد جر كل كردفان لتمردهم وقد خاضت قبائل حمر معارك عديدة مع هذه الحركات في غبيش وود بندة والمجرور والزرنخ وغيرها وقدمت العديد من الشهداء لكنها حرمت المتمردين من موطئ قدم في ديارها فكانت السد المنيع لشمال كردفان. دفعت دار حمر ثمناً غالياً جراء هذه الاعتداءات التي تكررت على حدودها الغربية إذ هرب رأس المال وأغلقت البنوك التي كانت تستثمر في إنتاجها. إلا أنه وبحمد الله دار حمر الآن آمنة بعد دحر التمرد في دارفور. بعض من أبناء حمر الذين كانوا في صفوف تلك الحركات وعادوا للوطن بجهود مقدرة من أهلهم أحسوا بالإحباط لعدم التنمية التي خرجوا يقاتلون من أجلها ولعدم الاستيعاب الذي وُعدوا به أسوة بمن كانوا معهم في صفوف التمرد وعادوا. وبدأوا يرددون بيت الشعر كل بأسلوبه الخاص «وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا» خاصة بعد أن رأوا الطائرات تعبر سماء منطقة دار حمر متجهة إلى دارفور تحمل الإعانات والغذاءات ووسائل التنمية ورأوا الشاحنات الضخمة والجرارات تخترق منطقتهم عبر الخوي والنهود وود بندة إلى شمال دارفور وعبر الخوي والنهود وغبيش إلى جنوب دارفور وهي محملة بالمواد التموينية ومعدات البناء ولوازم المدارس والمستشفيات والدوانكي.. إلخ. لم يتعرض لهذه القوافل أي من قبائل حمر رغم حاجتهم لحمولاتها، ورأوا انتزاع دارفور لمنصب نائب رئيس الجمهورية وإن هذا المنصب سيكون حقاً لدارفور ما بقيت الإنقاذ وإن طلاب دارفور بالجامعات يجدون معاملة خاصة لا يجدها طلاب حمر في المحليات المتاخمة لدارفور والتي عاشت نفس ظروف دارفور. رأت قبائل حمر كيف حلت ليلة القدر بجبهة الشرق التي تم استيعاب مقاتليها في القوات النظامية وتدفق عليها المال عبر صندوق دعم الشرق لتنفيذ مشاريعها التنموية ذلك برعاية موسى محمد أحمد مساعد رئيس الجمهورية ومصطفى عثمان إسماعيل مستشار رئيس الجمهورية فمن لكردفان ومن لدار حمر؟ منطقة دار حمر مؤهلة لتقوم عليها ولاية وقد سبق أن زار وفدها الكبير القصر الجمهوري مطالباً بولاية عاصمتها النهود رحب بهم السيد الرئيس واعتذر لهم لأن مرسوم الولايات قد صدر وقتها لكنه وعدهم بأن ولايتهم ستقوم بإذن الله. قبائل حمر ما زالت متمسكة بهذا الوعد. النائب الأول الأستاذ علي عثمان وعد مدينة النهود بسفلتة «22» كيلومتراً داخل مدينة النهود وقد وصل طريق الإنقاذ الغربي حتى «حنك» مدينة النهود ولم يتقدم متراً واحداً داخلها. فما هي فرصة النائب الأول لينجز وعده لينطلق طريق النهود غبيش المصدق سلفاً في ميزانيات ولاية شمال كردفان المتعاقبة ولاية غرب كردفان المحلولة عندما قامت وعاصمتها مدينة الفولة اقتطع لها أقدم وأغلى محليتين من دار حمر هما محلية النهود ومحلية غبيش وأصبح حمر هم المكوّن الأكبر في تلك الولاية. وقد تم عصر المحليتين عصراً وحلبهما حلباً لبناء مرافق حكومة غرب كردفان في الفولة إلا أن لعنة نيفاشا وعدم رضاء قبائل حمر عجّل بحل تلك الولاية وعادت محليتا حمر للأبيض من جديد لينطبق عليهم مثلهم «أم سيداً غاب تشرب عقاب» ولم يجدوا حظاً في ولاية شمال كردفان من السلطة والثروة يتناسب مع ثقلهم في الولاية. نسمع هذه الأيام أن ولاية غرب كردفان المذابة ستعود! على أي الأسس ستعود تلك الولاية؟ هل بتقطيع أوصال دار حمر مرة أخرى نصفها مع المسيرية ونصفها مع البديرية لتفقد ثقلها وتذهب ريحها؟ وهل هذا جزاء القبيلة التي وقفت مع الإنقاذ عشرين عاماً؟ ما مصير تاريخها وماذا سيحل بتراثها؟ على ترزية تفصيل الولايات ألا يفكروا في حل كهذا إرضاءً لآخرين على حساب قبائل حمر وعليهم البحث عن محليات تقوم عليها ولايتهم غير محليات حمر فمن الأخطاء الفادحة أن تحل مشكلة بخلق أخرى أكبر وأخطر منها. إني أناشد الإخوة الذين حول السيد الرئيس أن يعينوه على الوفاء بوعده الذي قطعه لقبائل حمر بولاية لهم عاصمتها النهود، وأن يعينوه على الوفاء بوعده ببناء مستشفى تخصصي في الأبيض وأن يعينوا الشيخ علي عثمان على الوفاء بوعده الذي قطعه لأهل النهود وأناشد الإخوة في المؤتمر الوطني أن يزنوا الخطوة مع السيد الرئيس ونائبه الأول ليعيدوا الثقة والأمل لقبائل حمر.