لماذا تطالب واشنطن بالإفراج عن مرسي؟!.. هل ليعود إلى نشاطه السياسي ويتهيأ للانتخابات القادمة؟! إن واشنطن إذا كانت متجردة وتريد تشجيع الديمقراطية في المنطقة كما قالت من قبل، فعليها أن تطالب بعودة الشرعية إلى مصر وعودة الرئيس المنتخب فهو رئيس منتخب وليس مجرد ناشط مثل الناشط المصري سعد الدين ابراهيم. وواشنطن ترى تدفق الدعم الخارجي على مصر بمليارات الدولارات بعد تقويض النظام الديمقراطي، ولم تقل لماذا لم تتدفق هذه الأموال الكثيرة قبل عزل مرسي إن كانت فعلاً للشعب المصري وليس لإزالة الأسباب التي دفعت بعض المصريين للاحتشاد الجماهيري ضد الحكومة لنفس الأسباب التي اتخذت ذريعة لإطاحة الرئيس «الإسلامي» المنتخب. والآن ميدان التحرير يحتشد لمعارضة الرئيس المعزول مرسي.. وكأن معارضة رئيس سابق المقصود منها معارضة عودته إلى الحكم على أكتاف المعارضة الشرعية الديمقراطية التي تحتشد في ميدان رابعة العدوية. وفلول نظام مبارك والبلطجية والشمَّاسة الذين يمتلئ بهم ميدان التحرير بدعم وتمويل حكومي تديره الدولة العميقة التي أطلت برأسها من جديد يبقى وجودهم في الشارع لعدم تركه فارغاً لأصحاب الشرعية الانتخابية. إن صراع القيم الأخلاقية في مصر يجعل القوى السياسية المسماة جبهة الإنقاذ التي ظهرت بعد ثورة «25» ترى أن فلول نظام مبارك أفضل من الإسلاميين، وتضم المؤسسة العسكرية الغادرة صوتها لهذه الرؤية. لكن هل ستكون في مصر ديمقراطية راسخة محمية من التقويض بواسطة الجيش المصري الذي يدعم بطريقة غير مباشرة أمن إسرائيل؟!. إن لسان حال إسرائيل يقدم الشكر الجزيل للجيش المصري الذي قوّض النظام الديمقراطي وجعل عودته مجهولة. ومعلوم أن اتفاقية كامب ديڤيد بين مصر وإسرائيل وهي المعاهدة التي وفرّت عناءً كبيراً للاحتلال الاسرائيلى في حماية مشروعه الإجرامي، معلوم أن هذه المعاهدة حينما وقعت عليها مصر كانت ترزح تحت نظام دكتاتوري لا يحترم الحريات يقوده الرئيس الأحمق الراحل أنور السادات. وتخشى إسرائيل أن يأتي نظام ديمقراطي في مصر ويفتح هذه المعاهدة ويبحث في ملحقاتها السرية التي كان السادات يريد من أعضاء مجلس الشعب أن يوقعوا عليها دون أن يفهموا لماذا كانت ضمن المعاهدة، ومن رفض التوقيع كان مصيره الطرد من مجلس الشعب. إذن إسرائيل لتنفيذ وحماية مشروعاتها المستفزة لا تريد ديمقراطية راسخة مثل ديمقراطيتها في مصر.. تريد ديمقراطية في كف عفريت المؤسسة العسكرية المصرية. فإذا جاءت الانتخابات بإسلاميين الى الحكم تقوم المؤسسة العسكرية بالعبث بالنظام الديمقراطي كما حدث أخيراً حينما عزلت الرئيس المنتخب مرسي.. وبعد ذلك يكون التذرع بأسباب يفعل البديل أسوأ منها بكثير. نعم القوى العلمانية في مصر كانت تعلم أن الإسلاميين في عهد مبارك فازوا بثمانية وثمانين مقعداً في مجلس الشعب.. ولكن حينما استفادت من رقم الإسلاميين لإطاحة مبارك بواسطة الجيش بعد أن يستجيب لضغوط الشارع والميادين.. أرادت الاستفادة من الجيش أيضاً في إهانة الثورة وتقويض الديمقراطية بإبعاد الإسلاميين الفائزين.. إنها صراعات القيم الأخلاقية.