مهنتهم تتطلب الصبر وذلك لاختلاف الفئات التي تتعاقب عليهم وتحتم عليهم المهنة أن يكتسبوا المرونة في التعامل مع الآخرين، إنهم (الكماسرة) أو محصلو التذاكر في المركبات العامة، متهمون بأن أخلاقهم (ضيقة) وهم يتهمون الركاب بذات التهمة فالراكب يثور لأتفه الأسباب في وجه الكمساري، وتعد مهنة الكمساري من المهن الهامشية ولكن أصحابها يصفونها بأن دخلها أقل ما يقال عنه (جيد)، فتتراوح يومية كمساري الهايس أو الكريس ما بين (20 25)ج ويومية كمساري الحافلة الكبيرة الروزا والكوستر وغيرها تتفاوت ما بين (55 إلى 70) حسب الدخل اليومي للمشاوير و(الفرد).. (الإنتباهة) التقت عددًا من (الكماسرة) ليحدثونا عن العائد المادي لتلك المهنة التي تعتبر مهنة شاقة للغاية لما فيها من ضغط نفسي ومعنوي كبير. بشارع الوادي بأم درمان أول ما اتلقيت به كمساري في العقد الثاني من العمر وكان يصيح بصوت مرتفع (عربي عربي) دنوت منه وألقيت عليه التحية فبدت علامات الدهشة على محياه! عرفته على نفسي فلم يبدِ تجاوبًا في الحديث معي وبعد جهد تمكنت من استخلاص بعض الحديث منه حيث علمت أنه يتقاضى يومية (20)ج وأن وجباته كاملة يتكفل بها السائق، واكتفى بهذا القدر وقفز داخل الكريس وأغلق الباب بعنف واضح. ومن داخل المحطة الوسطى التقيت عددًا منهم حيث ابتدر الحديث محمد عبد القادر الذي عمل بالمهنة لمدة (14) سنة وقال في إفادته عملت بعدد من الخطوط منها الشعبي والميناء البري والثورة بالنص وأول أيامي كنت أتقاضى راتبًا قدره (7) ج ثم تدرجت حتى بلغت يوميتي (70)ج، وأنا أجيد التعامل مع الركاب وأعرف أخلاق الراكب بمجرد النظر في وجهه. والآن أعمل سائقًا لحافلة والثقة بيني وبين الكمساري الذي يعمل معي متوفرة ولا أحاسبه (بالفردة). متوكل إسماعيل قال إنه عمل بالمهنة منذ أن كانت الأجرة (3)ج إلى أن بلغت الآن ما بين (55 60)ج، وأضاف قائلاً المهنة دخلها جيد ولكننا نعاني من ضيق أخلاق الركاب. أباذر مصطفى قال في إفادته إنه عمل بالمهنة منذ سنتين وقبلها كان يعمل بمحل (دكان) ولكن العمل بالدكان أصابه بالملل والرتابة لذا آثر مهنة الكمساري لأنه (بفرّق على روحو) طوال الشارع مع اختلاف الركاب وسحناتهم وثقافاتهم، وأضاف تتراوح يوميتي ما بين(50 60)ج وأريد أن أنفي عننا تهمة أننا (أخلاقنا ضيقة) بالرغم من أننا نتعامل مع الركاب بمرونة ولكن بعض الركاب يتعالى عليك ويقول بكل عنجهية و(حقارة) (عندي وما بديك)! مثل هذا النوع من الركاب يثير حفيظتي ورغم ذلك نتماشى معهم ولم يحصل في تاريخ عملي بالمهنة أن (نزلّت راكب) من الحافلة بسبب عدم مقدرته على دفع ثمن التذكرة. عبد الباقي صلاح عمل بالمهنة منذ سنة واحدة وهو طالب بالمرحلة الثانوية ولكنه اضطر لتجميد السنة الدراسية لظروف خاصة، مبينًا أن يوميته تتراوح ما بين (60 70) ج، وزاد أتعامل بكل رقي مع الركاب. وأطمح لمواصلة دراستي العام المقبل.