العيد كما يعلم الجميع من المناسبات الدينية الجميلة التي تمر علينا كل عام وهي لم تعد شعيرة إسلامية تؤدَّى فقط في حينها إنما أصبح فرصة وسانحة ينتظرها الصغير والكبير بفارغ الصبر لما به من ابتهاج وفرحة تكتمل بلقاء الأهل والأصدقاء والأقارب.. ولكل منا ذكريات جميلة مازالت عالقة ماننفك نذكرها ونتداولها بيننا كلما اقترب موعد الأعياد. والعيد في السودان عمومًا خصوصية وألق خاص وذلك بالعادات والتقاليد الجميلة التي يتميَّز بها أهل السودان من تواصل وتراحم كبير بين فئات الشعب من مدنه إلى أريافة التي يكون للعيد فيها طعم ونكهة لا يعرفها سكان المدن أو الخرطوم تحديدًا، من الأشياء الملاحظة والتي يلحظها كل الناس ما إن يقترب موعد العيد حتى نرى هجرة جماعية مهولة من المسافرين إلى مناطقهم بأقاليم وقرى السودان المختلفة والذين يفضلون قضاء فترة العيد بمناطقهم وقراهم ووسط أهاليهم، في الفترة التي تسبق العيد بأسبوع حيث نلاحظ كميات مهولة من البصات السفرية التي تكتظ مواقفها بالمسافرين كما نلحظ أيضًا انخفاض الناس بشوارع العاصمة الخرطوم مما يدل على أن معظم الناس ذهبوا إلى مناطقهم للاحتفال بالعيد، لما يتميز به عيد الريف أو القرية عن العيد بعيدًا عن الأهل والعشيرة، فالعيد هنالك يكون أكثر دفئًا وحميمية منه في الخرطوم التي ينحصر عيدها على بعض الجيران والخروج للمتنزهات وسرعان ما تنقضي أيامه وينتهي كل شيء أما هناك فالعيد والفرح به يمتد إلى أيام وأسابيع نسبة لكثرة المناسبات والأفراح السعيدة حيث تفتح البيوت أبوابها ليل نهار لاستقبال المهنئين والمباركين من الأهل والجيران كما أن للأطفال أيضًا وقع خاص بالعيد في القرية حيث يحصلون على ما يسمى «بالعيدية» وهي مبالغ من المال يجود بها أصحاب المنازل للأطفال مما يدخل الفرحة والسرور إلى نفوسهم... «البيت الكبير» استمع للكثير من الإفادات من عينة عشوائية عن ما يميِّز العيد في الريف عن الخرطوم فكان الرابط المشترك بين كل الإفادات هو إحساس العيد وسط الأهل والأصدقاء وأجواء القرية البسيطة تجعله مختلفًا عنه بالخرطوم أو المدن عمومًا فإلى بعض هذه الإفادات: العيد بالقرية.. مذاق خاص ليلى محمد «ربة منزل تسكن الخرطوم بحري حي الشعبية شمال» تقول: أنا من مدينة بربر ومرت عليَّ عشرات الأعياد ولم أتغيَّب عن قضاء فترة عطلة العيد بمنطقتي إلا نادرًا أو لظروف خارج إرادتي فمثلاً عندما يحين شهر رمضان ويكون ما تبقى للعيد أسبوع أبدأ في تحضير نفسي للسفر إلى القرية مع أولادي بعد أن أقوم بعمل الكعك وشراء كل مستلزمات العيد للأولاد الذين بدورهم يكونون في شوق كبير للأهل والعيد بالقرية ومن وجهة نظري العيد ليس له أي طعم ولارائحة بعيدًا عن لمَّة الأهل. العيد في السوكي طعم مختلف الأستاذ خليفة الكبيك من قرية السوكي بالنيل الأبيض تحدث عن العيد هناك بقوله: إن العيد هو مناسبة دينية لها فرحة خاصة في قلب المؤمن أينما وُجد ولكن تختلف الفرحة بوجود من حولك وللأهل في العيد أهمية كبيرة حيث لا إحساس يكتمل دون لقائهم في هذه المناسبة الكريمة فبقريتي السوكي للعيد مذاق خاص ومختلف بلمَّة الأهل وعودة الطيور المهاجرة بكل أسرابها من مدن السودان المختلفة أو من خارج حدود الوطن وهؤلاء لهم نصيب الأسد في فرحة العيد، فعيد السوكي تهليل وتكبير منذ خروجك من البيت حتى وصولك للمصلى وفرحة عارمة عندما ترى في وجوه الأطفال السرور وهم يتلقون «العيدية» وهي مبلغ من المال يحصلون عليه بعد الفراغ من الصلاة وعندنا يكون الإفطار بقرية السوكي في أقرب بيت من مكان الصلاة وارتبط بشخصية شهيرة بالمنطقة وهو الرضي بخيت رغم دخله المحدود وأصبحت عنده من الثوابت، وبعدها يتفرَّقون الناس إلى جماعات كل حسب أعمارهم ولكن تتساوى الفرحة عند الجميع وينتشرون في القرية لتبادل التهاني والتبريكات. العيد بقريتي أفراح متواصلة تقول: أمل محمد ربة منزل من منطقة الثورة بأم درمان بلا شك أفضل أن أكون بقريتي ومسقط رأسي لقضاء إجازة العيد لما أجده من تواصل جميل مع الأهل والأقارب وأصدقاء الطفولة عكس العيد هنا بالخرطوم الذي ينحصر على بعض أن وجدوا أو الأصدقاء فالعيد بالقرية لو ما بعده فمن المتعارف عليه هناك أن مناسبات الزواج في العادة تكون مصاحبة للعيد مما يضفي على أجواء العيد مذاق خاص ويجعلها أفراح متواصلة جميلة نقيضها بصحبة الأهل وتقوي الروابط الأسرية وتجعلنا مرتبطين كذلك بمنطقتنا الأم لي ذلك أحرص دئمًا على العيد هناك. العيد في جزيرة مقاصر يقول خالد محمد من أبناء جزيرة مقاصر أنه لا يشعر بطعم العيد خارج منطقة لما تتميز به دون سائر مناطق السودان المختلفة حيث نقوم بالتجهيز لهذه المناسبة من قبل وقت كافٍ يعمل سكان الجزيرة بالزراعة لذلك تجدينهم ينجزون كل الأعمال قبل وقت كافٍ استعداد للعيد وهو مناسبة وفرصة جميلة لاجتماع كل أبناء المنطقة المنتشرين في كل بقاع الأرض وباجتماعهم يكون الفرح مضاعفًا في كل البيوت.