قال تعالي فى محكم تنزيله: «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» صدق الله العظيم. بموت استاذي وزميلي وصديق الجميع عبد المجيد عبد الرازق، فقدت الصحافة الرياضية السودانية أحد رموزها وعلماً من أعلامها الذي كان ديدنهم الوقوف مع الحق، ويحمد للراحل عبد المجيد أن الكثير من القراء لا يدرون أي فريق يشجع قياساً بما يكتبه، ولم يكن يوماً كاتباً مصنفاً مع ناديه فقط انما يقول كلمة الحق في كل الأندية السودانية والمنتخبات ويدافع عنها ويحثها على الانصارات عندما تشارك باسم الوطن، وعبد المجيد هو الصحافي القومي الذي قل أن يوجد في هذا الزمان بعد أن امتلأت الصحافة الرياضية بأصحاب الميول الصارخة. عرفت الراحل المقيم عبد المجيد عبد الرازق في عام 1992م عن طريق شقيقي كمال حامد الذي رافقه في العمل الإعلامي منذ فترة طويلة وجمعتهم أكثر من صحيفة معاً، وجمعهما الاتحاد العربي لكرة القدم، حيث ظل عبد المجيد مقرباً من كل أعضاء الاتحاد منذ حياة الأمير الراحل فيصل بن فهد وحتى وفاته، وعرف «مجيدو»، كما يحلو لزملائه أن ينادوه، بأخلاقه السمحة وتعليقاته الطريفة، وكان خير سفير للإعلام الرياضي السوداني وهو يجول في العالم مغطياً لكل البطولات من كأس عالم الى أولمبياد الى بطولات الاتحاد العربي، وقد زين مكتبه بالعديد من الصور لشخصيات لها وزنها في الكرة العالمية. وتعرفت على عبد المجيد أكثر عندما عملت معه في صحيفة «الرأي العام» عام 1996م بعد التخرج في كلية الإعلام جامعة السودان، ووقتها كنا خريجين جدداً، ولكنه لم يبخل علينا، وكان خير داعم لي ولكل الزملاء، وظل يقدم لنا النصح، وظل عبد المجيد يفخر دائما بأنه خرج عدداً من الزملاء الذين يعملون في الدول الخليجية ولم يخيبوا ظنه منهم طلحة عبد الله ووليد الجابري وغيرهم، وظللت طيلة «15» عاماً أعمل معه حتى بعد حضوري الى الرياض في عام 98م، حيث طلب مني المواصلة في التعاون معهم، واستجبت لرغبته وواصلت الكتابة معهم في صحيفتنا الغراء «الرأي العام» إلى أن تركها وغادر إلى صحيفة «السوداني». وبحكم انتقاده ومصداقيته في معالجة قضايا الرياضة السودانية وخاصة فريقه المريخ، دخل الراحل في خلاف كبير مع إدارات الأندية، وأذكر من تلك الخلافات خلافه الشهير في مقصورة استاد المريخ مع أحد الإداريين الكبار في نادي المريخ، وكانت المناسبة مباراة تكريمية، وكان هذا الإداري قد رفع عليه العصا لكي يضربه وتلفظ معه ببعض الكلمات الجارحة، فما كان من عبد المجيد إلا أن قال له إذا كنت صغير الحجم فقلمي كبير، ومنذ تلك اللحظة ظل قلمه كبيراً إلى أن توفاه الله في هذا الشهر الفضيل، وسيظل قلمه كبيراً كقلبه المسامح. وخلال وجودنا في الرياض كان يحضر كثيراً في كل مناسبات الاتحاد العربي، إذ كان يحمل تفويضاً كاملاً من الراحل الأمير فيصل بن فهد الذي طلب ضرورة وجود عبد المجيد في كل المناسبات التي تخص الاتحاد، وكنا نحرص على الالتقاء به، وآخر زيارة له كانت عندما حضر لجمعية الاتحاد العربي السابقة في العاصمة الرياض، وفي صحبته الجهاز الذي يمده بالأوكسجين، بعد أن أنهك المرض جسده النحيل، ورغم ذلك ظل يسجل حضوراً في كل المناسبات، ولم يستسلم للمرض وواصل كتاباته وعمله حتى آخر رمق من حياته. عبد المجيد عبد الرازق صاحب القلم الكبير والقلب الكبير رحل عن دنيانا الفانية، وكانت كل كتاباته تنادي بتوحيد الصحافيين وترك التعصب والوقوف الى جانب المنتخب الوطني، وظل ينادي بضرورة العمل على تطوير الرياضية. رحمك الله يا عبد المجيد وأحسن إليك وجعل الجنة مثواك، وجعل البركة في أولادك الأربعة محمد وأمين وأحمد وعثمان، اللهم ابدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله، وادخله الجنة واعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار، والتعازي الى أسرته داخل وخارج السودان، والى أبناء قوز الناقة في العاصمة الرياض، وإلى جميع زملائه داخل وخارج الوطن. اللهم أجزه عن الاحسان إحساناً وعن الإساءة عفواً وغفراناً، اللهم إن كان محسناً فزد حسناته، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته. اللهم ادخله الجنة من غير مناقشة حساب ولا سابقة عذاب، اللهم آنسه في وحدته وفي وحشته وفي غربته، اللهم انزله منزلاً مباركاً وانت خير المنزلين، اللهم انزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، ولا تجعله حفرة من حفر النار.. اللهم افسح له في قبره مد بصره وافرش قبره من فراش الجنة.