رُوي أن مغتربًا أوكل شقيقه ليبني له منزلاً وسط أهله وكان يرسل له كثيرًا من النقود للبناء، ولكن الشقيق طمع في مال شقيقه فكان يأخذه لنفسه فأرهق المغترب ماديًا فاتصل على شقيقه وسأله :«أها ياخوي البنيان وصل لحدي وين»؟ فأجابه الشقيق :«قرررب الساس مرق خلاص»! فقال صاحب المنزل وقد بلغ منه الغضب مبلغًا: «خلاص أسقفو علي كدي»! هذا الواقع نجده مطابقًا لحال المتضررين من مشروع سندس الزراعي سواء كانوا أصحاب أرض او مستثمرين وكنا نحن كصحفيين كلما طرحنا على مدير المشروع السابق المهندس الصافي جعفر السؤال: «متى سنرى خيرات سندس»؟ كان يجيبنا بملل: «بعد ستة شهور» حتى مللنا هذه الستة شهور التي أصبحت نغمة «بايخة». ومشروع سندس الذي أطلق عليه اسم «شركة تنمية شرق جبل أولياء المحدودة» يقع على بعد «30» كيلومترًا جنوب مدينة الخرطوم بمحاذاة الضفة الشرقية للنيل الأبيض في مساحة تقدَّر بأكثر من مائة ألف فدان، وحسب ما قيل عنه إنه عبارة عن برنامج تنموي عبر تسكين الملاك القدامى بمخططات جديدة ويشمل الاستثمار الزراعي التجاري الصناعي السكني - السياحي الخرطومجنوب. وحسب القرار الجمهوري رقم 95 لسنة 1992 فإن لإدارة سندس أن تأخذ «40%» من ملك العين لأي صاحب ملك تقع أرضه في المساحة التي وقعت عليها عين الحكومة لتكون «سندس» على أن يعوض صاحب الأرض وتقوم الشركة بتنمية ال«60%» لصالح الأرض كما يجوز للشركة أخذ «50%» من أصحاب ملك المنفعة لذات الغرض وبذات الكيفية، ويسري هذا الواقع لمدة «30» عامًا هي العمر المقرر للمشروع تعود بعدها الأرض لأصحابها إضافة إلى حرمات القرى التي تحيط بالمشروع والتي تقع جميعها داخل محلية جبل أولياء وهي «12» حرمًا، حسب مدير المشروع، و«17» حسب معتمد جبل اولياء، إضافة لتلك التي تقع في ولايتي النيل الأبيض والجزيرة. منذ عام «1992» حتى اليوم، حوالى «24» سنة، وتبقت حوالى ست سنوات فقط ويكون العمر الافتراضي لسندس قد انتهى، ومن المفروض أن سندس حقق أهدافه بتنمية المنطقة وخزينة الدولة وتم تعويض أصحاب الأرض عن ال«40%» وعمرت لهم ال «60%» الأخرى ويفترض أن يستلموا أراضيهم وحرماتهم بعد ست سنوات ولكن أيًا من ذلك لم يحدث فلا تنمية أُسِّست ولا تعويض وانحصر مشروع سندس في بعض مصانع الطوب «البلوك» وبعض المزارع الخاصَّة التي يعلم الله ما يدور داخلها والأمر الذي أثار حفيظة ملاك الأرض ومواطني القرى صاحبة الحرمات الذين كانوا يتوقعون أن تقوم الحكومة بتمويل مشروعات استثمارية تخصها ترفد بها خزينتها وتنمي بها المنطقة عبر خدمات مياه ومراكز علاجية ومدارس وكهرباء وغيرها بدلاً من أن تتنازل عن تلك الفرصة لمستثمرين أفراد أجرت لهم إدارة سندس الأرض لحوالى «90» عامًا مع العلم أن عمر الاستفادة من أرض الملاك «30» عامًا وكان ذلك دافعًا ليخرج بعضهم في مظاهرات تطالب بإعادة الأرض المسلوبة خاصة أن أحد البنود يقول «يحق لإدارة المشروع أن تعيد ترتيب المواقع بالكيفية التي تسمح بتنفيذ المشروع وكان هذا البند سببًا في مشكلات مستعصية دفعت كثيرًا من المستثمرين الذين اشتروا الأرض للمحاكم شاكين أصحاب الملك الحقيقيين باعتبارهم معتدين على أرضهم، وقد تم اعتقال بعضهم للتحقيق معهم وأطلق سراحهم بكفالات مالية. وزاد الطين بلة اتجاه السلطات لإزالة قرى تعتقد أنها «صاحبة ملك» وكادت تحدث مواجهات بين المواطنين والحكومة ممثلة في أراضي محلية جبل أولياء مما حدا بوزير الزراعة بولاية الخرطوم المهندس أزهري خلف الله لإصدار قرار وزاري رقم «16» لسنة «2013» خاص بتشكيل لجنة مشتركة لمعالجة قضايا سندس يكون معتمد جبل أولياء بشير أبو كساوي رئيسًا لها ومدير مشروع سندس الطيب محمد الطيب نائبًا له وعضوية وكيل وزارة التجارة والصناعة الأسبق محمد سليمان فضل الله وشخصي وآخرين يبلغ مجموعهم «22» عضوًا من موجهاتها إحقاق الحق بمراجعة ملكيات المواطنين في الحرمات المأهولة وغير المأهولة في مجالات التنمية من صحة وتعليم وسكن وغيره وبحث الوسائل الناجعة لامتصاص الآثار السالبة للمشروع على إنسان المنطقة. نواصل...