{ الصحافة كلمة كانت حتى وقت قريب تدل على المطبوعة الورقية المتداولة يومياً أو أسبوعياً أو بصفة دورية، ولكنها اليوم وبعد ثورات تكنولوجية عديدة ومتوالية ومتكررة صارت متسعة لعدة أشكال من العمل الإعلامي، فبجانب الصحافة الورقية صارت هناك صحافة إلكترونية ويشمل العمل الإذاعي والتلفزيوني وصحافة الإنترنت وأشكال أخرى عديدة. في السابق كانت كلمة الإعلام تعني صحافة الراديو والتلفزيون ثم الصحافة واليوم صارت الصحافة واسعة المفهوم فصار هناك المحرر الذي يكتب التقارير ويعدّها للإذاعة والتلفزيون يعتبر صحفياً عاملاً، والمحرر الذي يكتب الأخبار هو صحفي بجانب زميله الذي يعمل في تحرير الأخبار في الصحافة. إذن ليس الصحافي هو ذلك الذي يعمل في الصحافة الورقية وحسب، فرجل الكاميرا الذي يحدد الهدف ويصوِّب العدسة بزاوية معينة لإبراز جانب معين من الحدث الذي هو بصدده صحفي، كما المصمم الصحفي الذي يقوم بتوزيع المادة الصحفية بكل أبعادها وعناصرها من خطوط ورسوم وصور وعناوين وألوان وكاريكاتور ورسوم بيانية وخرائط وأشكال هو صحفي، له دور مهم وكبير وفني في صناعة الصحافة وجعلها مقروءة ومحببة للنفس والعين لتصل الرسالة من المرسِل إلى المرسَل إليه بصورة مقبولة.. { والمصور الصحفي بما يقوم به من دور فعّال في نقل الصورة الواقعية للحدث والتعبير عن الموضوع بصورة تقطع الشك وتؤكد للقارئ صحة ما قرأ من خبر أو أحدث، وهي أداة تأكيد ونفي، تأكيد للحديث ونفي للشائعة والعكس صحيح كما هي أداة تجميل وتحسين لشكل الصفحة وجاذبية للقارئ لكي يطلع على محتويات الجزيرة وهذا الجانب يكتسب أهمية قصوى لكونه معني بشكل الصحيفة وشكل الرسالة، أما الموضوع Content فهذا واجب آخر يضطلع به المحرر الذي يجب أن تتوفر لديه العديد من القدرات والمواهب والخبرة والمهنية العالية. } دور وسائل الإعلام: لكل وسيلة طبيعتها وأهميتها وخصوصيتها، فالإعلام المقروء له أثره البالغ في التأثير على المتلقي لكونه يوحي للقارئ بأن ما كتب هو أمر صحيح بجانب تأثير حجم الحرف وشكله ولونه في أحداث ذلك التأثير.. وهذا يحدث لعامة القراء الذين يتعرضون للكلمة المكتوبة إضافة إلى الأسلوب واللغة والأدلة والبراهين المضمنة بمهنية عالية للمادة الصحفية.. فالكلمة تترك أثرها وبصمتها في نفس القارئ لأسباب عديدة أهمها الأسلوب والحرفية في كتابة الأخبار بكل قوالبها والتقارير والمقالات والتحليلات. { ولهذا ظلت الكلمة المكتوبة تحتفظ بقوتها التأثيرية منذ قرون اختراع الحرف الطباعي وتطور الطباعة والمطبعة، والثورات التكنولوجية المختلفة التي اعترت الطباعة والحرف الطباعي من طباعة متفرقة إلى طباعة مسطرية «جمع مسطري» إلى طباعة بارزة وغائرة إلى طباعة الأوفست أو الطباعة الملساء، فالثورة التكنولوجية التي صاحبت كل خطوات تطوير الحرف الطباعي أيضاً لازمته الآلة الطابعة اللاينو تايب والمونوتيب ثم الCrtnonis وهي خطوة متفرقة نحو الكمبيوتر الذي صار سيد الموقف في تقانة الطباعة وجودة الحرف وسرعة الأداء مع الاتقان واختزال الوقت والعمالة والدقة. { أما الوسائل الإلكترونية «الإذاعة والتلفاز والإنترنت» فقد قفزت بالأداء قفزات هائلة نحو تكامل وسائل الإعلام في أداء الرسالة الإعلامية فليس صحيحاً أن الراديو يشكل خطراً على الصحافة الورقية، وليس صحيحاً كذلك أن يغطي التلفزيون على الراديو ويضعف دوره لأسباب وجود الصوت والصورة والمؤثرات الصوتية والإبهار والألوان، وليس صحيحاً كذلك أن الصحافة الإلكترونية سوف تقضي على الوسائل الأخرى قاطبة لما تتمتع به من خصائص الكتابة والأخبار والتحليلات والتواصل بالصوت والصورة ولكونها صحافة تفاعلية وأكثر حيوية ومواكبة للأحداث والآراء والمستجدات، وأكثر حرية وجرأة لكونها لا يمكن مراقبتها وإحكام الضبط عليها أو تطبيق القوانين الراهنة عليها.. { إذن فإن الثورات التكنولوجية جميعها تصب لصالح الإعلام الفاعل والمؤثر، ومن هنا فإن دور وسائل الإعلام وأعني «الجانب الصحفي» منها يتعاظم ويتكامل في الدعوة للسلام ونشر وتصميم ثقافة السلام وهذا الدور يتعاظم في ظل صحافة حرة ووسائل إعلام تتمتع بقدر مناسب من الحريات التي تمكن بل وتدفع القائمين عليها باعتماد سياسات تعزز ثقافة السلام والطمأنينة العامة التي توفر للإعلاميين أنفسهم إمكانية العمل في بيئة معافاة من المشكلات والحروب وما يتبعها من رقابة ذاتية ورقابة قبلية وأوامر، تنزل عليهم وتفرض عليهم لكي يسيروا على نهجها، وليس هناك صحفي أو كاتب أو إعلامي يمكن أن يعمل في بيئة تحفها الأوامر والمخاطر الأمنية، كما أن الحروب تعتبر من أسوأ الأجواء التي يمكن أن تعمل فيها الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى. { فالدعوة إلى السلام ونشر ثقافة السلام مسؤولية معلقة على رقاب الإعلاميين وهي سياسات توضع وخطط واضحة المعالم تسير بموجبها جميع العمليات الصحفية وتنفذ الخطوط لأن الحرية مرتبطة تماماً وبإحكام بالمسؤولية، وثقافة السلام لا يمكن أن تقفل ولا تكون متوفرة لدى الصحافي أو الكاتب أياً كان إلا في ظل الأمن من الخوف والإملاء والرقابة سواء كانت ذاتية أو خارجية قبلية لأن هذا العمل نابع من قناعات الصحفي، وطالما كانت تلك قناعات نابعة عن ذات الصحفي فإنها تتمتع بالكثير من الصفات مثل الصدقية والمرونة في التناول في بيئة يملؤها الأمل والتفاؤل والطمأنينة وهذا دور كبير لا يمكن لعبه إلا عن طريق الإعلام المسؤول فالمجتمع الذي يتعرّض لوسائل الإعلام يحتاج إلى تلك الطمأنينة والمجتمع الصحفي نفسه يحتاج إليه.. إذن هناك رغبة ومطالبة مشتركة بين المرسِل والمتلقي لهذا النوع من العمل الإعلامي في التفاعل الذي يحقق للجميع أهم العوامل للاستقرار وبالتناول المسؤول لكل ما من شأنه أن يدعو للسلام ولتعزيز جوانبه وإهمال كل ما من شأنه أن يخلق أجواءً من الحساسيات والدعوات الداعية للاحتراب وإبراز المظالم وإثارة الغرائز خاصة في مجتمع معقد التركيب كالمجتمع السوداني أو المجتمعات العربية والإفريقية. { إذن نحن بحاجة للتحلي بالمسؤولية والأخلاق والخبرات والرؤية الواسعة والعميقة لكل حركات المجتمع لكي نتمكن من نشر ثقافة السلام والعيش في أمن واستقرار.. يقول تعالى :«الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف»