يحيى زكريا أبّو الأمين العام لحزب الإصلاح الوطني عضو قوى تحالف الأحزاب الإسلامية التي تنشط الآن لتطرح نفسها بديلاً ديمقراطيًا لحكم البلاد. تحدث ل «الإنتباهة» في هذا الحوار عن أهداف الحزب التي التقت مع أهداف التحالف، وعن المبادرة التي بصدد طرحها قوى تحالف الأحزاب الإسلامية للساحة السودانية ولرئاسة الجمهورية بديلاً ديمقراطيًا لإصلاح الحال الذي تمر به البلاد، كما تطرق لأكثر القضايا تشعباً في الساحة قضية الدستور ومسألة أبيي وإرساء السلام المستدام إضافة لرؤية التحالف في الأوضاع بصورة عامة واستعداداتهم للانتخابات القادمة وخرجنا منه بالحصيلة التالية، فإلى نص الحوار: حوار: عبد الله عبد الرحيم موقف الحزب من القضايا السياسية المطروحة على الساحة؟ نحن في حزب الإصلاح الوطني نؤيد مبادرة السيد رئيس الجمهورية لحلحلة القضايا المصيرية ولكننا نرى أنه من الضروري أن تتضمن هذه المبادرة حلولاً جذرية لبعض القضايا وإلا فستكون ناقصة، كقضايا الاحتراب في دارفور ومشكلات الفساد، وكلنا يعلم بما تمر به مناطق جنوب كردفان ودارفور التي تتطلب من رئيس الجمهورية قراراً شجاعاً بفرض حالة الطوارئ في الولايات التسع، ولايات دارفور وكردفان والنيل الأزرق. وأن يتم تعيين حكام عسكريين ليتمكنوا من نزع السلاح في يد القبائل التي يقتل بعضها بعضًا، وأقرب مثال لذلك الصراعات بين الرزيقات والمعاليا وقبلها بين المسيرية والقمر والتعايشة والبني حسين. أما فيما يتعلق بالحركات المسلحة والتي تدخل الحكومة معها في حوار وتفاوض مستمر نحن نعتبره ليس لأجل السلام وإنما لمصالح ذاتية بغيضة، والمؤسف أن الحكومة دائما «منبرشة» لهم وتعطيهم ما يطلبون ولا تنظر لهموم المواطن المغلوب على أمره هناك، وفاقم من كل هذه المشكلات والمآسي، منهج المؤتمر الوطني في الحكم بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة وهو أن دفع بشخوص لبعض المناصب الحكومية والدستورية، ومن قبل قد لفظهم الشعب السوداني فيما كانوا موالين لأحزاب أخرى، وقد خاضوا الانتخابات في معية تلك الأحزاب ولكنهم لم يحرزوا شيئًا.. نحن نرى أن هؤلاء نالوا مناصب لا يستحقونها إطلاقاً وهذا المسلك محسوب على المؤتمر الوطني لأنه يقدح في الديمقراطية الحقة التي تطالب أن يمثل الناس في الوظائف برهانهم على الانتخابات وعبر أصوات قواعدهم وليس «باللفة» كما يفعل الوطني وغير منطقي أن يأتي بشخصيات ملفوظة من قبل الشعب. أيعني هذا أنكم ضد الحكومة العريضة؟ نحن مع الحكومة العريضة بشرط وهو في حالة إعلان حالة الطوارئ التي طرحناها ومن بعد الدور الوطني للشخص هو الذي يدفعه للتشكيل وليس الترضية، وإذا ما تم هذا فإننا سنشارك في هذه الحكومة. هل لكم تفاهمات مع الحزب الحاكم في هذا الشأن؟ الإصلاح الوطني حزب محترم فنحن لم نتقدم للوطني إطلاقاً بقصد المشاركة معه في السلطة، فهذا المسلك نحن نشجبه ونقف ضده بصلابة. كيف تنظرون لمعالجة الأوضاع في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق؟ نحن شاركنا في ملتقى كادوقلي وقدمنا رؤيتنا، ونحن في الحزب إن شاء الله بصدد تقديم مبادرة لوقف النزيف والاحتراب في دارفور ومناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق للأحزاب ورئاسة الأحزاب ونبشر الشعب السوداني بأن ما طرحناه فيها قوي جداً لإرساء السلام فأنصاف الحلول غير مجدية في هذه المواقف وسندفع بها قريباً إن شاء الله. برؤيتكم ما أسباب هذه الصراعات وما الذي أشعلها؟ بكل صراحة هذه الصراعات أرهقت بلدنا كثيرًا وأدخلت ثقافة المعسكرات والحروب لمجتمعنا وانتشر السلاح بصورة مخيفة في دارفور التي لم تألف هذه الأوضاع من قبل، وكله جاء في عهد المؤتمر الوطني الذي لم يستطع إحكام السيطرة وانفرط العقد تماماً لذلك. وأنتم عضو في تحالف القوى الإسلامية ما هي أهدافكم؟ أولاً نحن نرى أن تحالف الأحزاب الإسلامية هو الطريق البديل لحكم البلاد، وحزب الإصلاح الوطني حزب فاعل في هذا التحالف بمعية أحزاب أخرى تبلغ «17» حزباً تأمل كلها في تقديم مبادرة قوية شاملة للشعب السوداني ولرئاسة الجمهورية بغية إنزالها إلى أرض الواقع وهي تتضمن معالجة قضايا الفساد ومناقشة قضية الدستور الذي يهم الشعب السوداني الذي ظل طوال تلك السنين بغير دستور ثابت، وهذه الأحزاب الإسلامية مستمدة قوتها وشرعيتها من الشعب وتضم شرائح فاعلة ونرى أن الخلاص لهذا الشعب سوف يتم بيدها إن شاء الله. رأيكم في قوى المعارضة وما يُعرف بالجبهة الثورية الحاملة للسلاح؟ رأينا فيها واضح فيما يسمى تحالف جوبا وغيرها لأنها تعمل ضد الوطن وتقتل مواطنيه، والجبهة الثورية عميلة تستمد قوتها من الغرب. وقد طرحنا لهم مبادرة بأن يتركوا السلاح ويأتوا للمعارضة السلمية من الداخل التي لا تكلف الوطن، ولكنهم ارتضوا ان يرتموا في أحضان الأجندة الخفيَّة وقاموا بارتكاب كل تلك الخروقات والاعتداءات السافرة في كل من أب كرشولا والرهد وأم روابة، لذلك نحن أدنَّاها كما ندين بشدة أسلوب المؤتمر الوطني والأحزاب التي تدور في فلكه وأوردتنا إلى هذه المهالك. تقصد بالأحزاب، الاتحادي والأمة؟ أعني الأحزاب التي تشاركه السلطة فكلهم قد أضر بهذا الشعب وبرأينا أن الطريق البديل هو الطريق الثالث وهو تحالف الأحزاب الإسلامية، وإن شاء الله هو المخرج الحقيقي لهذا الشعب من هذه المصائب. أٌلاحظ ثمة اتفاق بينكم وبين الجبهة الثورية، إذ كلكم تتفقون على إسقاط النظام؟ لا، نحن لا نتفق معهم إطلاقاً، فهم يعملون على إسقاط النظام عسكريًا وخلق فوضى، ونحن نعمل على تغيير النظام من الداخل بالأطر السلمية وبالحجة وبصناديق الانتخابات النظيفة الشفافة. وبالنسبة لقانون الانتخابات لنا فيه نظرة وسنعمل على تغيير بعض المواد فيه ليتمكن الشعب السوداني من الإدلاء بصوته. وهل أنتم مستعدون للانتخابات؟ نعم مستعدون لها في حالة إدخال تعديل على قانون الانتخابات سنخوضها وإذا لم يعدل القانون واعتمدوا القانون السابق فسنقاطعها. وفيم تتحفظون في القانون السابق؟ هناك بعض المواد لنا فيها رأي واضح وقلناه وإذا لم تعدل فسنقاطع الانتخابات. ما هي برامجكم التي ترتكزون عليها لتفوزوا بالانتخابات؟ برامجنا شاملة ولم نترك فيها شيئاً لنا فيها نظرة في التنمية وهي أن تكون حقيقية شاملة لكل ولايات السودان ومحاربة الفساد بصورة جادة واتباع العدل والشفافية والحقوق والواجبات على أساس المواطنة. نظريتكم السياسية لحكم البلاد على ماذا ترتكز؟ نرتكز على أساس المرجعية الإسلامية والوطنية فحرصنا الوطني هو الذي دفعنا لإقامة هذا التحالف ومن ثم خاطبنا الأحزاب التي وافقت كلها عليه. ونسعى لإذابة الجهوية التي تفشت بصورة مخيفة كالذي يجري في دارفور اليوم. وهي التي أقعدت السودان عن مراميه. هل للتحالف المقدرة والتأهيل والقواعد التي تجعل منهم بديلاً للحكومة الحالية؟ تحالف الأحزاب الإسلامية والوطنية يضم كوادر مؤهلة وقادرة ومقتدرة لإدارة شأن البلاد بالصورة المثلى التي نريدها، كوادر لم تتلوث يدها أبداً بدماء الشعب السوداني ولا بأموال الشعب السوداني. وقد ظل التحالف ينظر لهذا الوضع منذ سنوات ولم يشارك في الحكم أبداً، والآن يجب أن تأتي الفرصة لهذا التحالف ليرى الضوء حتى يستطيع تخليص الشعب من هذه الابتلاءات. فنحن لا يهمنا إسقاط النظام بقدر ما يهمنا العمل على إصلاحه من الداخل، فإصلاح حال المؤتمر الوطني خير لنا من إسقاطه عسكرياً لأن ذلك يعرض البلاد للانفلات الأمني، و«الشقي يشوف نفسه والسعيد يشوف في غيره» مما لحق بدول الجوار من حال. ونأمل أن ينصلح الحال بطريقة جذرية، فإذا جلست الحكومة والمؤتمر الوطني لنا فسنتعامل معه ونكون دعمًا له، ولكن إذا ما أخذتهم العزة وسارت في طريقها فستتعرى وحينها لن نُسأل عما حدث. أقدمتم مبادرتكم للمؤتمر الوطني لإصلاح حاله وما رده لكم؟ نحن إن شاء الله في لحظة إعلان التحالف ونحسب أنه قريباً، سندعو كل الصحف ووسائل الإعلام لذلك، وحينها سنطرح أنفسنا ونقدم مبادرتنا للمؤتمر الوطني وللحكومة لإصلاح حالها. أراكم تثقون في مبادرتكم لإصلاح الوطني والحكومة؟ إننا نثق تمام الثقة في مبادرتنا، ولم نيأس إطلاقاً في إصلاح حال البلد، وسنعمل بكل قوتنا لإنجاحها، وسنعمل بالحوار، ونحن قادرون على الصبر لتثمر خطواتنا خيراً. لماذا لم تحاولوا هذا المسلك مع الجبهة الثورية بحسبان أنها تشاطركم الرؤية حول النظام القائم؟ قدمنا لهم مبادرتنا ولكنهم رفضوها، بل إنهم قاموا بتقديم الدعوى لبعض أحزابنا للانضمام لهم كنتيجة عكسية ولكنها رفضت. مم يتكون هذا التحالف؟ يتكون من «17» حزبًا كما قلت من قبل وكلها أحزاب وكلها من داخل السودان ليس لها أفرع أو أيادٍ خارجيَّة تنتمي للجبهة الثورية. سمِّ لنا أبرزها؟ حزب الإصلاح الوطني، ومنبر السلام العادل وحزب العدالة وحزب اللواء الأبيض وأحزاب أخرى. لماذا أبعدتم الأمة والاتحادي وهما مرجعيتهما إسلامية وقد كان ذلك شرطكم؟ هذان الحزبان بسوء إدارتهما للبلد جاءت الإنقاذ، فكيف يكون فيهما الخلاص لهذه الأمة وهم من أوردها هذا المورد؟ لم نشركهما معنا لأنهما يشاركان المؤتمر الوطني في الحكم، والكل يعلم ذلك، أضف لذلك أنهما فشلا في إدارة شؤون البلاد في الفترات السابقة ولم يرضَ عنهم الشعب، وكانا الأقدم، هذه أحزاب طائفية فقط، ورغم ذلك لم يقدما إطلاقاً مبادرات لإصلاح الحال في دارفور وفي المناطق المأزومة في الوقت الذي يبادرون فيه للحوار لأجل حصصهم في الحكم مع الوطني ألم يكن هذا بالشيء العجيب؟ً!. معنى ذلك أنكم أبعدتم الأحزاب التي تشارك مع الوطني؟ نعم قمنا بذلك وكما قلت سابقاً إن الوطني أول من سعى لخرق الديمقراطية بإشراك شخصيات حزبية لفظها الشعب السوداني وأتى بها هو ضمن تشكيلة «الإرضاء» وهذا خرق واضح. كيف تنظرون للصراع الدائر اليوم في أبيي؟ أبيي منطقة سودانية ونأمل أن يقف كل الشعب السوداني بمختلف قطاعاته الحزبية وغيرها ضد ما يُحاك بشأنها من إقامة الاستفتاء وغيره من مكائد دولة الجنوب ودينكا نوك، ونؤكد بشدة أنها سودانية ولا نسمح بغير ذلك. وبكل أسف إنما وصلت لهذا التدويل بسبب اتفاق نيفاشا الذي نعتبره أكبر وصمة عار لهذه الحكومة، فقد أعطت الجنوبيين أكثر مما يستحقون إضافة إلى أنها سلمتهم دولة كاملة بُنيت بعرق ودماء الشعب السوداني لأجل السلام ولم يتحقق، فقد ظل يمارس الطعن والغدر ضد السودان. ونحن اليوم لا نثق إلا في القوات المسلحة الساعية دومًا لتحقيق السلام في كل أجزاء السودان ونحن في التحالف ندعمها بكل ما نملك متى ما تحقق لنا الدعم. وما هي رؤيتكم للإصرار على قيام الاستفتاء في أكتوبر المقبل؟ المجتمع الدولي يعمل بكل قوته لأجل إرضاء دولة الجنوب وذلك بتبعية أبيي لها وهذا واضح من هذا الإصرار ولكنا نرفض بشدة هذا الاتجاه الرامي لتبعية أبيي لحكومة الجنوب لا بالاستفتاء ولا بغيره ونؤكد سودانيتها ولا يمكن التنازل عنها، ونبرئ المسيرية من مقتل السلطان كوال الذي أرادوا به إحراج المسيريَّة ليتنازلوا عن حقوقهم، وهذا مخطط واضح. ومن قبل تساهلت الحكومة في عملية تشكيل مجلس إدارية أبيي فقد وافقت على تشكيله بنسبة 12 عضواً من الجنوبيين و 8 أعضاء من الشمال منهم أربعة من المسيرية ومثلهم من دينكا نوك، وهذا تفريط واضح من قِبل الحكومة. ونحن نناشد المجتمع السوداني كله أن يقف وقفة صلبة وألا يفرط في أبيي كما فرَّطنا في الجنوب. هل ستشاركون في الحكومة القادمة إذا طرحت لكم فرصة المشاركة؟ سنشارك بشرط الموافقة على رؤيتنا التي قدمناها محاربة الفساد والجهوية وإعلان الطوارئ في الولايات المأزومة وتشكيل الدستور بمشاركة كل القوى ليكون دستورًا دائمًا للبلاد.