نظرت إليّ الحاجة دار المنى بثقة كبيرة وهي تتحدث لي عن حبها لبيتها الذي وُلدت فيه وترعرعت حتى فاق عمرها الثمانين خريفًا = ربنا يحفظها = وقالت لي: لن اترك ارضي هذه رغم القساوة التي وجدتها من البعض، وقالت لي انها تحب الرئيس البشير جدًا لذا جعلت جل افراد اسرتها وهي كذلك يصوتون له في الانتخابات الماضية، ولكن بالرغم من ذلك لا يزال منزلها وبقية منازل قريتهم الصغيرة تقبع في الظلام الدامس رغم مجاورتهم للسد الذي تخرج منه الكهرباء لجميع اصقاع السودان. وكذلك كان حال جميع من التقيناه من اهالي قرية كلقيلي التى تعتبر جزءًا من قرى الحامداب التي اختارت الخيار المحلي وبقوا الى جانب اراضيهم ومنازلهم التي تحمل في جوفها تاريخًا طويلاً فاق عمر الحاجة دار المنى، واصابتني دهشة عريضة وكذلك زميلي معتز لحرمان اهل هذه القرية من ابسط الخدمات وغيرها من القرى البعيدة تنعم بجميع الخدمات، وقال لي احد شباب القرية ان قريتهم هذه رغم وقوعها الى جوار جسم السد الا انها كانت خارج القرار الجمهوري الذي بموجبه نُزعت الكثير من الأراضي لقيام سد مروي، واكد لنا انهم لم يمانعوا في قيام هذا المشروع الضخم لعلمهم بأهميته الكبرى للسودان ولكنهم يستغربون حرمانهم من توفير الخدمات البسيطة من مياه وصحة وتعليم وكهرباء و... و... وجميع الخدمات لا يمكن الوصول إليها في كليكلي. ولا أدري لماذا لم يتحرك مسؤولو الولاية بدءًا من الوالي وختامًا بمعتمد مروي لتوفير الخدمات الضرورية لأهلنا في هذه القرية؟ ولماذا يستأجر اهلها منازل في نوري وغيرها من المناطق من اجل ان يجدوا التعليم لأبنائهم؟ ولماذا يحرم اطفال القرية من مرحلة التعليم قبل المدرسي وعدم التصديق لهم «بروضة» يبدأون بها تعليمهم من اجل مستقبل مشرق؟ وقبل كل هذا من له الحق في حرمان مواطن سوداني اصيل من الخدمات الضرورية؟ والكثير من الاسئلة تحتاج لإجابات سريعة من اجل مستقبل اطفال ام كلقيلي ومن اجل حقوق مواطنين سودانيين ضائعة بين الإهمال والجور. ان مسؤولية توفير الخدمات الضرورية تقع على حكومة الولاية التى يجب ان تسعى لاعطاء رعاياها حقوقهم كاملة دون نقصان، ونحن على ثقة بأن الأخ فتحي خليل والي الشمالية لا يقبل ان يقع الظلم على رعيته وفي يده مفاتيح الحل بتوجيه محلية مروي لتوفير الخدمات الضرورية من صحة وتعليم ومياه شرب وكهرباء لأهلنا في كلقيلي وهم احق بكل هذه الخدمات بعد أن واجهوا الظلم في السنوات السابقة، وحتى كذلك تشعر الحاجة دار المنى بشيء من الرضاء بعد ان قدمت هي واسرتها وجميع اهلها في القرية كل ماعندهم من اجل مصلحة السودان.