ذرفت الحاجة فرحين طلحة حبيب الله الدموع وهي تتحدث لي ولزميلي معتز عن معاناتها منذ أن قررت الرحيل عن ديارها في أمري حيث كانت تسكن في منزلها المتواضع على ضفاف النيل، وجاءت إلى ذاك الوادي الفسيح الذي شيدت فيه إدارة سد مروي مساكن للمهجّرين من أمري «ست الاسم» إلى الأخرى الجديدة، ولم يبقَ في ذاكرتها سوى ذكريات جميلة تؤنس بها النفس حين تضيق بها السبل، فتلك المرأة هي أم لسبعة أبناء منهم ثلاثة شباب من ذوي الاحتياجات الخاصة، فالمولى عز و جل قدر لأبنائها الثلاثة أن يحرموا من نعمة السمع وبالرغم من ذلك كانوا يعملون بجهد في قريتهم القديمة ويسترون حالهم بالقليل الموجود، والآن هم يعيشون في ضيافة أهلهم بعد أن حُرموا من منزل في أمري الجديدة على الرغم من أنهم كانوا يمتلكون دارًا في أمري القديمة، وتحكي حاجة فرحين عن الظلم الكبير الذي وقع عليها وعلى أسرتها وهي تسأل لماذا لا يملكون منزلاً وحواشة في القرية الجديدة التي رحلوا إليها قسراً بعد أن غمرت مياه البحيرة ديارهم؟ وتكرر في حديثها بين الفينة والأخرى.. «نحن ما عندنا مانع من قيام السد» باعتبار أن خيره سيعم على كل السودان ولكن لماذا لا نُعطى حقوقنا؟ ولماذا نعيش كالمشردين بعد أن كنا نعيش بكرامتنا في ديارنا؟ ولم تنقطع دموع الحاجة فرحين وهي تحكي عن قساوة الظروف التي يمرون بها في أمري الجديدة خاصة بعد أن جلس أبناؤها إلى جوارها في ظل تردي المشروع الزراعي الذي يبحث عن قطرات المياه وقالت إنها وأبناءها يعانون بشدة في سبيل الحصول على لقمة عيش بسيطة تغنيها وأولادها حاجة السؤال. إن حالة الحاجة فرحين هي نموذج للكثير من الحالات إن كان في أمري الجديدة أو الحامداب الجديدة فالأسر هناك يسيطر عليها الفقر المدقع بعد توقف المشروعين بسبب الري، حتى إن البعض طالب بالصوت العالي بضرورة إرسال معونات إنسانية لتلك المناطق لإنقاذها من خطر الجوع. ولا أدري أين هي مفوضية السدود وأين هي حكومة الولاية من هذا الفقر والإهمال الشديد؟ وأين ديوان الزكاة والمنظمات الخيرية من تلك المعاناة الكبيرة؟ ومن حالة الحاجة... وغيرها من الأسر؟ أسئلة عديدة وتحتاج لإجابات شافية وعملية وسريعة لإنقاذ أهلنا في تلك المناطق.