قبل بضع سنين كنا نعمل بإحدى الصحف ذائعة الصيت، رئيس التحرير كان حاسماً وضاغطاً لا يجامل ولا يحابي، يتابع ويلاحق، يعني باختصار هارينا هري شديد.. مدير التحرير كان تعبان شديد معاهو، تعال يا محمود، أمش يا محمود، وعملتا دا كدي ليه، وأنا قلتا ليك تعمل كدي ما عملتو ليه، وهاك يا كواريك وهاك يا صرِّيخ.. محمود المسكين في فترة بسيطة جاهو سكّري وضغط ومصران.. كان محمود في حيرة من أمره، يأتينا ويبث شكواه وحزنه مما يجده: «وروني بس أنا أعمل شنو للزول دا، أنا ح أستقيل بس»، ونحنا دائماً نستعطفه ألا يفعل، يعني من جهة نحنا ضاغطين عليهو عشان ما يمشي، وبي هناك رئيس التحرير ضاغط عليهو.. وبي هناك ضغْطو روَّح فات مناسيب النيل، كل ما يوم ماش مرتفع، والسُّكر دا هآآزول ههه مشى بعيد خلاص.. وأخونا محمود زهلل خلاص، بقى كان سمع صوت بوري في الشارع ساي بفتكرو دا جرس رئيس التحرير، ولو شاف زول طالع من مكتبو يقعد يعاين ليهو في وجهو يقول يمكن يقول لي رئيس التحرير عايزك، ولو قالوا ليهو عايزك يقوم ويقرأ «حسبنا الله ونعم الوكيل» عشر مرات لحدي ما يدخل عليهو، وبي دا كلو نسمع ليك الجوطة نار لمبة... مرة أخونا محمود عايز يضرب تلفون لي زوجتو، وما تنسى إنو التلفون هو حق الجريدة، وكان ممنوع رسمي إنو ما في زول يستخدمو لي أمور خاصة، ودي طبعاً بتجيب «كسافة» رئيس التحرير.. محمود لسوء حظو عايز يضرب لزوجتو قام ضرب نمرة رئيس التحرير: يا سامية، أنا الليلة بتأخر شوية، الزول الفقُر دا قال.. وكانت المفاجأة صادمة عندما جاءه الصوت المألوف: سامية منو، والزول الفقُر منو.. محمود جدع السماعة بعيد على الأرض، نحنا افتكرنا ضربتو كهربة ومن حينها لم يأت محمود..