عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاثون خطأ فادحا في مقال الطبيب المريب ذي التشخيص المعيب! (4)..د. محمد وقيع الله
نشر في الانتباهة يوم 29 - 08 - 2013

داء السرقة هو الداء الذي لا يغالب الذي لا يكاد يبرأ منه الدكتور محمد أحمد محمود.
وهو الداء الذي يدفعه دفعًا ويجرجره إلى انتهاب تراث المستشرقين والاعتماد على إلهاماتهم.
ومع أنا نشهد له بأنه أبصر من سائر المستشرقين بلغة الضاد وأخبر من أكثرهم بمصادر التراث الإسلامي إلا أنه يفضل بسبب تمكُّن هذا الداء العضال منه أن يسرق مادة أفكاره من كتابات المستشرقين.
وبالذات المستشرقين المعادين للإسلام.
كما أنه يفضل أن يستعير مسلماته العقدية التأسيسية من كتابات الملحدين المجاهرين بإلحادهم المفاخرين به والداعين إليه بإصرار.
ونحن نوافق الطبيب المريب حامد فضل الله أن: «ليس كل الذين يكتبون عن تراثنا مغرضين». (يقصد مغرضون!)
إلا أنا نلحظ أنَّ صديقه الملحد لا يكاد يأخذ شيئًا من أفكار هؤلاء.
فلم نرَه ينهج المستشرقين المعتدلين وفي طليعتهم إماهم الأكبر هاملتون جب، ومونتغمري واط، وجاك بيرك، وميري شيميل، وجون سبوسيتو، وجون فول، وكارين آرمسترونغ.
ولم نرَه يأخذ منهم شيئًا من حكمتهم وتجردهم واعتدالهم في النظر إلى حقائق الأمور.
ومن المستشرقين من أيَّدهم الله تعالى بعلم صحيح وشرح قلوبهم للإيمان وفي طليعتهم إمامهم الأكبر ليو بولد فايس «محمد أسد» ومارغريت ماركوس «مريم جميلة» ومراد هوفمان.
ولم نر الدكتور يقبس أثرًا من هدي هؤلاء المهتدين الراشدين.
ومن المستشرقين من سخروا علمهم لحرب الإسلام وخدمة المشروع الصهيوني، وفي طليعتهم إمامهم الأكبر إغناز غولد زيهر، وبوسف هل، وديفيد صمويل مارغليوث.
ومن هذا الصنف الأخير من المستشرقين يسرق الدكتور جل معلوماته وينتهب معظم أفكاره ويمضي على خططهم في حرب الإسلام.
ونحن نعرف عددًا من المفكرين الملحدين أو المشهورين بالإلحاد، كنا نقرأ لهم ونفيد منهم برتراند رسل وماوتسي تونغ.
وما كانا حريصين على إعلان إلحادهما والتبشير به بل وقفنا في آثارهما ما يشكك في إلحادهما أحيانًا.
وقد أفاد رسل مرة جوابًا عن سؤال وُجِّه إليه من أحد عوام المثقفين عمَّا إذا كان مؤمنًا أم ملحدًا فقال إنه ملحد إن كان الإلحاد يعني عدم القدرة على إيجاد الدليل على وجود الله تعالى.
وأجاب مرة عن سؤال وجهه إليه أحد العلماء بذات الخصوص فقال إنه غير ملحد لأنه غير متأكد تمامًا من عدم وجود الله تعالى.
واندرج بذلك في سلك اللا أدريين لا الملحدين، ولكن طغت الشهرة بإلحاده.
والأمر نفسه ربما انطبق على ماوتسي تونغ لأنا قرأنا له نصًا في أخريات أيامه يقول فيه إنه ذاهب لملاقاة الله تعالى.
بل ربما لم يكن دارون ملحدًا وأذكر كم كان الشك ينتاب تروتسكي في إلحاد دارون ويتمنى أن يعرف شخصًا يدله على حقيقة الأمر.
وقد أعرب تروتسكي عن شكوكه هذه في مذكراته الشهيرة التي استعان بها إسحاق دويتشر لكتابة سيرته الغيرية المطولة عن الزعيم البلشفي.
وكلٌّ من هؤلاء لم يجعل الإلحاد شغله الشاغل ولم يبشر به ولم يدَّع أنه نقطة البدء الصحيحة للثورة والإصلاح كما يزعم الملحد الفوضوي السوداني محمد أحمد محمود.
وبالمناسبة فالدعوة إلى الإلحاد معدودة عند إمام الليبرالية الأكبر الفيلسوف الإنجليزي جون لوك من كبار الجرائم الوجودية.
وقال إن الملحد لا ينبغي أن ينعم بحق التسامح معه لأنه يجترح الإثم الأعظم ويرتكب رأس المظالم.
فهل كان منظِّر الليبرالية الأول إرهابيًا في نظر حماة الملحد السوداني محمد أحمد محمود وفي طليعتهم حيدر إبراهيم وهذا الطبيب المريب؟
«راجع: جون لوك، رسالة في التسامح، ترجمة منى أبو سنة، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 1997م، ص 69».
ومن قبل لوك دعا فيلسوف المثالية الأكبر أفلاطون إلى إعدام الملحدين في جمهوريته.
فهل كان هذا الفيلسوف الذي تدفقت فلسفته كلها بأثر من إعدام أستاذه سقراط أيضًا من الإرهابيين؟
فها قد أتينا لليبراليين الإلحاديين بمراجع من أمهات مراجع ثقافتهم عسى أن يرتدعوا أو يرعووا وحتى لا يتهمونا بالإرهاب.
دفاع الطبيب عن داء السرقة
والسرقة أسوأ عادة وأبشع داء يُصاب به المرء لاسيما إن كان منتسبًا إلى سوح العلم الأكاديمي.
ولكن هذا الطبيب من شدة حبه للملحد محمد أحمد محمود لا يرى في اعتياده السرقة مرضًا أبدًا.
وأشنع من هذه الرؤية العاطفية الحولاء لشأنه مع السرقة فهم يجنح إلى تبرير ارتكابه لها بالتمحلات.
يقول الطبيب المريب: «ولرد هذه الحجة لا بد من الرجوع إلى المصدر الأصلي ومقارنته باستنتاجات محمد ومطابقة استشهاده مع مصدره الأول، فإن جاءت استنتاجاته وأحكامه بعد ذلك مطابقة لباحثين متأخرين، فما هي القضية إذن؟ فتراثنا يعود إلى الآلاف من السنين ولا تزال هناك مناطق مجهولة، وقد تم بحثه ونقده من علماء كثيرين في بقاع العالم وبلغات عديدة، فهل من المستغرب أن تتناص الآراء؟ والعلم تواصل والمعرفة مشتركة والحديث عن التفرد والخصوصية عبث وضيق أفق مثل الحديث عن المركزية الغربية. ودعونا نكون «يقصد نكن لأنها فعل أمر!» أكثر صدقاً مع أنفسنا، فبعد هذا الخضم الهائل من الأبحاث، ماذا يستطيع أن يأتي به باحث من جديد؟ ولماذا نقلل دائماً من أبحاث مفكرينا وعلمائنا وننفي منهم صفة الإبداع وما هم إلا صورة مزيفة من المستشرقين، مع أننا أقدر منهم على تفسير تراثنا بحكم معرفتنا بلغة القرآن الكريم.
ومنذ استلامي الكتاب بغلافه الملوَّن وتناسب وتناسق العنوان مع حجم الغلاف بجانب اختيار الخط والتبويب معطياً الكتاب بُعداً جمالياً يتناسب مع جلال الموضوع الذي يناقشه بدأت في القراءة بكثير من الفضول والاهتمام وكلما أوغلت في قراءة الكتاب الذي تربو صفحاته على 480 صفحة يزداد الفضول وأخشى من أن أطوي صفحته الأخيرة.
قرأت الكتاب قراءة أولية أي استكشافية وهي طريقتي في التعامل مع الكتب الجادة والرصينة، ثم أعود بعد ذلك للقراءة المتأنية والمركزة. دفعني الكتاب أن أعود إلى ذاكرتي وأسترجع ما قرأته سابقاً من كتب التراث. وأعود إلى قراءة السيرة النبوية لابن هشام من جديد ومن المحدثين إلى طه حسين ومحمد عابد الجابري ومحمد أركون ونصر حامد أبو زيد ورضوان السيد وهشام جعيط، وأيضاً إلى الاستشراق الألماني الكلاسيكي والحديث
وكتاب د. محمد بلغته الناصعة وطرح الإشكال وعرض آرائه واستنتاجاته بوضوح وحيادية ينهج نهجًا أكاديميًا لا يقول القول الفصل وإنما يفتح آفاقًا جديدة من البحث والتقصي، محترماً بذلك قارئه بأن يأخذ بعد ذلك ما يتفق مع قناعاته وثوابته، وهذا لعمري ما أتوقعه وأنشده من كل كاتب رصين.
أنا لا أفتش في ضمائر وقلوب الناس وكتاب محمد ترك لي من التساؤلات أكثر من الإجابات، ولم يغير من مفهومي للدين وحقيقته وأثره التربوي والروحي ، «وما الأثر الديني نفسه سوى قصيدة ميتافيزيقية ضخمة رائعة مع الإيمان بها؟ »1
أنا لست متخصصاً في الدراسات الإنسانية ولا في علوم الدين وإنما طبيب اختصاصي يهتم بالثقافة والأدب والتراث العالمي عامة وتراثنا خاصة ولهذا كنت أتمنى أن يصل الكتاب إلى أيدي المختصين من علمائنا ومفكرينا لنقد وتقييم جهد أكاديمي سوداني في الغربة. ولمعرفتي بصعوبة الحصول على مثل هذه الإصدارات، قمت أيضاً من جانبي بإرسال بعض النسخ لمن أعتقد بأن لهم اهتمامات في هذا المجال ويملكون القدرة على النقد الموضوعي بعيدًا عن الغرض إلا توخي الحقيقة. كما قمت بإرسال نسخة إلى جامعة الخرطوم- كلية الآداب قسم الفلسفة- التي تخرج فيها محمد وكان أحد أساتذتها.
لقد سعدت كثيراً عندما توالت ردود الفعل والتعليقات العديدة والتي لا أستطيع حصرها وإنما أذكر منها تمثيلاً
مداخلة الأستاذ الفاضل خالد موسى دفع الله و د. حيدر إبراهيم علي ود. محمد وقيع الله والأستاذ مختار اللخمي ود. عمر القراي
وفي هذه العجالة أريد أن أتعرض إلى مداخلات الثلاثة الأوائل فقط وليس من أجل المراجعة والتقييم، فهذا يتطلب العودة إلى الكتاب من جديد ولكنني أريد إثارة بعض النقاط:
:«أثار الكتّاب الأفاضل قضية الإلحاد وصارت نقطة مركزية في مراجعاتهم وأثارها مراراً د. محمد وقيع الله بينما أن الكتاب لم يتعرض إطلاقًا لقضية الإلحاد وإنما موضوعه الأساسي هو قضية النبوة».
معنى ذلك أنك لم تقرأ الكتاب أو أنك قرأته ولكنك تموه أمره على القارئ وتجهد نفسك في إخفاء عورات الكتاب.
لماذا هذا الخلط المنهجي؟ سهوًا؟ أم بهدف النيل من الكاتب وفكره. فقضية الإلحاد والاتهام به قضية خطيرة في عالمنا العربي والإسلامي وخاصة مع موجة الهوس الديني وتصاعد السلفية.
جاءت مراجعة د. حيدر في الواقع رداً على الأستاذ خالد، فهو لم يقم بمراجعة الكتاب وإنما كانت قضيته المحورية هي الدفاع عن حرية الفكر والتعبير
ثم التعرض إلى المصادر واتهام الكاتب بعدم الإشارة إلى بعضها او تجاهلها عمداً وأنه لم يأتِ بجديد، فآراؤه وأحكامه ما هي إلا ترديد لأفكار المستشرقين من يهود ونصارى وماركسيين دون أن يشير إليهم والذين هدفهم فقط النيل من تراثنا وديننا.
ليس كل الذين يكتبون عن تراثنا مغرضين. وهل نحن معصومون من الغرض؟
مع ازدياد موجة العداء للإسلام ورهابه «الاسلاموفوبيا» في ألمانيا كتبت د. انجليكا نويفرت أستاذة الدراسات العربية بجامعة برلين الحرة سابقاً مقالاً هاماً بعنوان «القرآن: جزء من أوروبا؟» 3 جاء في المقدمة: «إنها لمجازفة المطالبة بجعل القرآن الكريم مقبولاً وواضحاً كجزء من الثقافة الغربية إذ لا يوجد موضوع آخر يلهب العلاقة التي تربط بين العالم الإسلامي والغرب الأوروبي. وقد يبدو للوهلة الأولى أن هذا الجدل خاضع لحسابات سياسية مما يجعل التوصل إلى خلاصة مقنعة أمراً متعسراً. ولكن لا بد من الإقرار بادئ ذي بدء بأن هناك نواة تاريخية لهذا النقاش من الممكن توصيفها واتخاذ قرار بشأنها: فالأمر يتعلق بالقرآن الكريم وعلاقته بالكتب المقدسة للمسيحية واليهودية...» وتصل في ختام مقالها إلى أن «إعادة استيعاب القرآن وفجر الإسلام في نهاية العصر القديم للشرق الأوسط تصحيح لمفهوم كانت تحتكره أوروبا تقليديًا بأنها تنتمي للثقافة اليهودية المسيحية فقط ما سيوضح من جديد مدى إسهام القرآن في تاريخنا اللغوي والثقافي المشترك .«صحيح أن ضبط المصادر في عمل أكاديمي هام وملزم. ولكن الكاتب أشار في المقدمة إلى مصادره وهى تراثية غارقة في القدم.
قام د. محمد وقيع الله بجهد مقدر في مراجعته لكتاب محمد ولكنه جنح إلى التجريح الشخصي السافر والصريح واِلى الكلمات المسيئة وخاصة فيما يتعلق بالدكتور حيدر في عدة مقالات بالرغم من أن القضية تدور حول كتاب د. محمد محمود وكأنه كان يترصد الفرصة للهجوم على حيدر، مما يقدح في مصداقيته ويجعل القارئ ينظر إلى كتاباته بكثير من الشك والريبة.
لا يكتفي بالدفاع عن الملحدين بل يتطوع ليتحدث بلسانهما فيقول: «وإذا كان الهدف إسكات صوت محمد محمود وحيدر إبراهيم فهذا لن يتم، فهما لن يحفلا بمثل هذه الترهات. فسوف يواصل محمد أبحاثه الأكاديمية المحكمة مثلما أصدر من قبل كتابه عن الشهيد الأستاذ محمود محمد طه باللغة الإنجليزية».
وسوف يواصل حيدر إصدار كتبه القيمة وممارسة دوره التنويري مثل كل المخلصين من كتابنا ومثقفينا حتى نتجاوز الخواء الفكري والجدب الثقافي والتخلف المُوطد وخدع السياسة والتسطيح المبرمج الذي يخيم على وطننا الآن. فلا بد من التضحية ودفع الثمن والصمود مهما بَعُد الطريق واشتعلت النار وتصاعد الحريق
أتمنى أن لا يقوم محمد محمود وحيدر إبراهيم بالرد على د.محمد وقيع الله ، احتراماً للنفس وارتقاء بأدب الحوار، فلقد تعلمنا: أن نعرف الرجال بالحق ولا نعرف الحق بالرجال.
وبالغ الطبيب العجيب في سفهه المسف إذ قال: «إن عفة اللسان والتربية واحترام شعور القارئ، الذي ربما لم يطلع على مقالات د. محمد وقيع الله تمنعني أن أردد له الكلمات الجارحة والمخجلة التي وصف بها الأستاذين الفاضلين محمد وحيدر».
فما هي عفة لسانه وهو يتعرض إلى أصدقائه بالغيبة ولم يرحم حتى الموتى منهم.
وما هي عفة لسانه وما هو أدبه حيث يتحدث عن شربه الخمر بمقاهي أوربا وكأنه يحتسي الماء القراح؟!
وما هي الألفاظ الجارحة التي وصفت بها المدعو حيدر غير أنه جهول لا يعرف منهجيات البحث في علم الاجتماع وأنه يدافع بلا منطق ولا علم عن الإلحاد وأنه وقح لا يتوانى عن إطلاق أبشع النعوت على أهل العلم الشرعي ويسخر من سائر المسلمين ويدعي عليهم الكذب؟!
هذا ما قلته عن حيدر وهو صحيح في حقه وليس فيه لفظ غير أديب كما أردت أيها الطبيب غير اللبيب أن توحي للقارئ اللبيب!
ويقول الطبيب المريب: «أنني «يقصد إنني!» لم التقِ بعالم يثق بنفسه وعلمه إلا وكان متواضعاً ومحترِماً لرأي الآخر».
يريدني أن أحترم رأي الملحد في إلحاده المشتط المستفز فلا ورب الكعبة ما أنا بمحترمه ولا محترما إلحاده.
أما آراء البشر المحترمين فأنا أحترم منها ما يستحق الاحترام مهما كان الرأي متواضعًا ويعلم ذلك مني طلابي وأصدقائي ومعارفي أجمعون.
أما من لا أحترم آراءهم من الملحدين فليس لدي من خلق الميوعة الفكرية ما يدعوني للقول بأنني أحترمها أو أقدرها أو أعتبرها.
بل أقاومها وأجهد فكري في تقويضها وتصديع أصحابها المفترين.
فهو يعلم جيداً بأن فوق كل ذي علم عليم، أو كما قال شاعر رائع هو الحسن بن هانئ «أبو نواس» ردًا على منطق متكلم كبير هو إبراهيم بن سيار النظام:
فَقلْ لِمَنْ يَدعي في العِلْمِ فَلسَفة حَفِظْتَ شَيئاً وَغابَتْ عَنكَ أشياء
تربطني بخالد موسى علاقة صداقة أعتز بها وأنا أعلم توجهه الفكري وانتماءه العقائدي، وكتبت في هذا الصدد:
«وكعلماني فكراً وممارسة امتلك القدرة على الفصل بين الخلافات السياسية والفكرية والعقائدية و الأيدلوجية وبين العلاقات الإنسانية»
إذا انعدمت الإنسانية والعقلانية اللتان حبانا بهما الله عز وجل فإننا نصبح وحوشاً كاسرةً.
الشيء الرائع لا تُسبر أغواره،
فليفهمه كل منا كيف يشاء» 5
مِنْ حماقةِ الإنسان في دنياه
أن يتعصَب كلُ منا لمِاَ يراه
وإذا الإسلام كان معناه أن لله التسليم
فإننا أجمعين، نحيا ونموت مسلمين. 6
1. هشام جعيط ، في السيرة النبوية: تاريخية الدعوة المحمدية في مكة «بيروت: 2007»، ج 2، ص 181
2. لم استطع متابعة مقالات الأستاذ اللخمي لأنها كتبت في فترات متباعدة ومقالات د. القراى لم تكتمل بعد.
3. صحيفة فرانكفورتا ألجماينة (Frankfurter Allgemeine)، 16 إبريل 2012.
4. أبيات من قصيدة رائعة لشاعر ألمانيا العظيم فولفجانج جوته بعنوان »حنين مبارك« Selige Sehnsucht« من الديوان الشرقي الغربي وهى من أجمل قصائد الديوان وأعمقها وقد اختلف واحتار النقاد في شرحها وسبر مضامينها، وهى تتحدث عن الحب والتضحية والفناء. قام بترجمة القصيدة د.عبد الغفار مكاوي، وبمقابلة النصين يدهشك جمال وروعة الكلمات الألمانية والعربية. وأول قصيدة في الديوان بعنوان «هجرة»، وهى إشارة واضحة إلى هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعنوان القصيدة نفسه مكتوب بنطقه العربي »Hegire«.
5. جوته، نفس الديوان.
6. أيضاً جوته نفس الديوان والأبيات الأربعة الأخيرة قام بترجمتها الشاعر عبد الرحمن صدق
كيف دخلت في قلبي ونقبت فيه حتى عرفت أني كنت أترصد لصاحبك حيدر وكنت من قبل قلت إنك لا تدخل في قلوب الناس ولا تفتش في ضمائرهم؟!
ولعمري إنك لأخبث من أنجبته أرض السودان.
لأنك سببت النبي صلى الله عليه وسلم بما لم يسبه به أحد في السابقين.
ولا يجاريك في الرجس إلا من أشهروا أقلامهم النجسة للدفاع عنك.
لا يورد نصًا قرآنيًا أو سنيًا إلا لينتقده ويستخرج منه الشبهات.
فقلبه مشرب بالشبهات مراهق طائش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.