{ البشير يلتقي الصادق.. «والدولة تختار الحكومة».. والجملة هذه خطأ.. والدولة ليست هي من يختار .. والسبب هو أنه لا أحد اليوم يملك خياره.. لا في السودان.. ولا في غير السودان. { مخطط تجريد العرب يكتمل. «2» { والشهور الماضية الدولة تتردَّد طويلاً وهي تصنع حكومة من الشباب { والسخرية تجعل المجتمعات تحكي أن السيدة التي كانت في منتصف العمر.. حين تتردد طويلاً أمام فستان «شبابي» رائع يقول لها البائع : من الأفضل أن تحسمي رأيك يا سيدتي.. لأنك كلما انتظرت أكثر أصبح الأمر أسوأ. { والدولة انتظرت.. لتفاجأ بأحداث مصر التي تنقل الأمر من الضحك إلى الرعب. «3» { والهجمة الإسرائيلية الآن تعيد الحديث مراحل المخطط.. وحكاية صلاح عبدالصبور نموذج مسرحي لها. { وصلاح الشاعر الذي يكتب لإسرائيلي كان يقول له : وقبل أن تغوص في دمي أغوص في دمك!!! { ثم صلاح يصبح هو ذاته من يفتتح معرضاً إسرائيلياً في القاهرة { وشيء يبقى.. وصلاح هذا حين يلطمه أحدهم بمشهده هذا في ساعة جدال وسهرة.. يسقط ميتاً.. بقايا ضمير.. تقتله. { لكن أنيس منصور الذي يظل يكتب سلسلة طويلة عن «اعرف عدوك».. إسرائيل.. ينتهي بمرافقة السادات إلى القدس. «وسفير إسرائيل في القاهرة بعدها يكتب/ وبطبع العقرب اليهودية/ كيف أنه حين يزور أنيس في مكتبه : دخلت.. وجدته أمام النافذة يحدق في الطريق ويداه خلف ظهره.. في وقفة مسرحية تماماً» { وفلان وفلان.. من الكتاب والإعلاميين تركب إسرائيل ظهورهم في غزوها لمصر. { والسادات حين يتجه إلى إسرائيل ينشق عليه عدد من كبار الوزراء «مراد غالب ومحمد كامل» .. بينما تبقى أسماء تكمل الآن دورها الكامل «عمرو موسى.. ونبيل العربي» { ولا يخطر لك السؤال عن الجامعة العربية.. أين هي الآن. { الجامعة العربية بفضل نبيل هذا تسقط حتى عن الذاكرة. { لكن الانشقاق هذا يثبت.. ولا ينفي.. أن نصف قادة مصر ابتلعتهم إسرائيل. { ورجال الدين يبلغ الأمر بهم فتوى بن باز يومئذٍ التي تجعل كل علماء السعودية ومصر وغيرهم يصرخون في غضب { حتى هيكل ابتلعوه.. وراجع ما يفعله هيكل الآن!! وركام الإعلام/ بعيداً عن المثقفين منه حكاية صاحب الساحة اللبنانية.. مذيع التلفزيون أيام مباراة الجزائر في الخرطوم { الرجل الذي كان يصرخ للمشاهدين وهو يصف البلطجية في الخرطوم وهم يضربون المصريين داخل الإستاد كان في اللحظة ذاتها يجلس داخل فندق الساحة اللبنانية وفي فمه الشيشة.. { وأمن الخرطوم ما يزال يحتفظ بالفلم الرائع لمشهد الرجل. { المباراة بدورها كانت جزءاً يتجاوز هذا الخراب الواسع إلى ما وراءه.. جزءاً من إعلام الخراب. «4» { مصر تفقد خيارها.. مثل الدول كلها الآن.. { والسودان أيضاً. { ومصر ما يقودها هو القاهرة «الأرياف لا صوت لها» والقاهرة ما يقودها هو الإعلام.. والإعلام ما يقوده هو إسرائيل ومشروعها. { والسودان أريافه.. التي لا شأن لها بالإعلام.. ما يقوده هو قبلية غريبة ووجوه هناك من يرسم عقلها هو يوسف كوة «يوسف كوة» في حديثه للإذاعة البريطانية يقول : الناس هنا من يحصل منهم على كلاشنكوف يظن أنه أصبح قوياً بحيث يمكنه مقاتلة الدولة. { والدولة التي تمتلئ أيديها من هذا ومن عناصر فائرة متناقضة تجعلها الدائرة المفرغة هذه تتجه إلى الأحزاب. { والدولة التي تدعو «أمجاد» الأحزاب هذه للعمل الآن تصبح مثل من يرسل منتخب السودان إلى كأس العالم مكوناً من أصحاب الأمجاد «كوشيب ومنزول والهادي صيام وقرعم... و... و...» { الإنقاذ.. والأحزاب.. والقوى الشابة «التي تشتري كل المصانع الناجحة وتقتلها... و» { والقوى الشابة المجاهدة... والتمرد... و... و... هي عناصر التكوين الآن للدولة الجديدة { والأحزاب كل حزب منها هو ركام من الانشقاقات والقيادات.. بحيث يصبح اختيار فصيل من الحزب عملاً يطلق عداء الفصائل الأخرى { والتمرد مثل ذلك. { ومن لا ينشق في نفسه من الأحزاب «الشعبي مثلاً» يمارس تقاربًا هو الحرب ذاتها.. فالشعبي يرسل كمال عمر لينفي ويشتم.. ويرسل السنوسي ليثبت ويقارب. { و... «5» { المشهد الذي يتجاوز صورة الأحزاب إلى صورة المجتمع يعيد كلمات صلاح ذاته.. صلاح عبد الصبور { والرجل في قصيدة له يرسم المجتمع ويحدِّث عن .. الكلب الذي يدخل السوق ليأكل رأس القرد الإنسان.. { والضبع يدخل السوق ليأكل رأس الكلب الإنسان { والسوق يرتج بخطوات الفهد القادم ليأكل رأس الضبع الإنسان {... { أن يلقى البشير الصادق أو غيره خطوة تتعامل مع أرقام خارج أقواس المعادلة { وما يصلح هو أن يلقى بعضنا بعضاً { وأن نعيد تعريف العدو.. من هو { وأن نعلم أن المعركة الآن تتجاوز مرحلة «حكومة تبقى أو تذهب» إلى مرحلة «وطن يبقى أو يذهب». { ولعل الإصلاح كله يبدأ بالجلوس إلى مجموعة معينة «سبعة أشخاص» ثم سؤالهم أو مساءلتهم عن هذا الذي يصنعون.