٭ يبدو أن بعضاً من أساطين بيع العملات الصعبة في السوق الأسود ربما تحولوا أو على الأقل أقبلوا على تجارة جديدة موازية لها تجلب لهم أرباحاً أضعافاً مضاعفة أو كما يسميها الإخوة المصريون «زي الألماس» وهي سلعة لبن البدرة. فهي السلعة الوحيدة التي تفوقت على الدولار في التصاعد الجنوني الذي لا يحكمه منطق أو مكنيزم السوق. فأسعارها تزيد بوتيرة متسارعة في أقل من شهر وأحياناً بعد أيام قليلة، فمن يصدق أن عبوة «2» كيلو جرام بلغ سعرها مائة وأربعين جنيهاً حتى كتابة هذه السطور، لكنها قابلة للمضاربة بعد صدور هذا العدد، وإزاء هذا الارتفاع المجنون زادت بائعات الشاي سعر كوب الشاى إلى ثلاثة جنيهات، وهو ما دعا عاشق شاي اللبن «أبو شفطة» أن يقول في أسى «يا ناس حرام عليكم معقول نشتري كباية الشاي بتلاتة جنيه؟ ده الواحد بتمطق بيها بس ونحن بنشرب كباية سعة صهريج يعني تكون بقت كم؟» بالطبع لا أحد يمكن أن يجيب على أبو شفطة المسكين لأنه من الممكن قبل أن يتم الشفطة الأولى تكون الكباية ماركة أبو صهريج بقت بعشرة جنيهات تماشياً مع الزيادة، لكن الخوف أنو المحليات تخش الخط وتلحق بالمولد، ويسارع أحد عباقرة الجبايات بفرض رسوم إضافية على الكباية أم صهريح بحجة الحد من الاستهلاك البذخي وتوفير العملات الصعبة التي يستنزفها لبن البدرة فترسل مناديبها الجبائيين إلى «ستات الشاي» يحسبون عدد كبايات الصهاريج أولاً بأول، لكن عندما تحاول البائعات التحايل على القرار بالتحول إلى كباية قصيرة ومدردمة تسارع المحليات بوضع ما تسميه بمواصفات كباية الشاي بتحديد حجم الكباية بالسنتمتر تحت شعار «تلقوها عند الغافل». كرة وأناطين وسياسة قال المدرب التونسي محمد عثمان الكوكي الذي كان يدرب نادي المريخ في حوار تلفزيوني بحسب ما نقلته إحدي الصحف إنه قال إن أحد الإداريين قال له إن الانضباط ما مهم في المعسكر لأن الشيخ قال «نحن بنتأهل»، هذا يعني أن السيد الإداري بعد ما سلم الفكي المزعوم المعلوم، أصبح واثقاً من النصر لا محالة وإن كان خصمه برشلونة أو بايرن ميونيخ الألماني بطل أوربا والسيوبر الأخير، وبهذا المنطق يقفز السؤال المنطقي والملح «طيب يا ناس ما دام الأمر كذلك جايبين محترفين على شنو بالدولار ما كان تسجلوا حسين الأشتر وصديقي أبو ساطور وتخلو الباقي على الفكي الكارب؟!» ولا شك أن الاستعانة بالسحرة أو ما يعرف بالأناطين هي ظاهرة قديمة في الوسط الكروي لكنها تفاقمت في السنوات الأخيرة ولم يعد يلجأ بعض الإداريين إليهم فقط طلباً لنصرة فرقهم بل لتعطيل الفرق المنافسة في منافسات لا علاقة لها بالسباق التنافسي أي التي يشارك فيها الفريق بعد أن يخرج من تصفياتها، كما أنها تشمل إعاقة اللاعبين المبرزين، بل أن المعارضة في بعض الأندية تلجأ إليها لتعطيل مسيرة الفريق ولإثبات فشلها ومن ثم الفوز عليها في السباق الانتخابي، وكل هؤلاء يدركون تماماً أن السحر من الكبائر لكنهم مع ذلك يلجأون إليه، فهل تستحق كرة القدم أو حتى الدنيا بأكملها الكفر؟! لكن بالطبع ليس فقط أهل الكرة هم الذين يرتادون السحرة، فقد أوردت الصحف حكايات بعض السياسيين الذين يتعاملون معهم من أجل ارتياد الوظيفة الدستورية، وقد أوردت «الإنتباهة» في عدد سابق حكاية السياسي الذي جلب أحد السحرة في منزله من أجل البقاء في كرسي الوزارة استباقاً للتشكيل الوزاري الذي يشمل عملية الإحلال والإبدال، حتى أن دخان البخور بات يتصاعد من شقته زي الكماين، وعندما سمع حاج أبكر بهذا الأمر قال «الجماعة ديل ما سمعوا بي ولا شنو عليَّ الطلاق كان بقى خفير أبقيه مدير وكان بقى سياسي بوديه لفوق وكان معارض بعمل له تسوية مدنكلة لكن كلو طبعاً كلو بتمنو». برضو ما عايزين احتفت العديد من الصحف بخبر خروج مظاهرة في دولة الجنوب تطالب بالوحدة مرة أخرى مع السودان عدا «الإنتباهة» بالطبع لأن الموقف من الانفصال له مسببات منطقية بعضها عقدي وآخر يتعلق بالتباين الكبير بين الشعبين، وأنه لا علاقة له بالعاطفة السياسية ناهيك عن تظاهرة محدودة أو حتى مليونية، إذ أن القرار تحكمه هذه المعايير وليست رغبة الطرف الآخر، لكن من جانب آخر فقد أثبت الحدث أن حكومة الحركة الشعبية لا يمكن أن تكون حكومة راشدة، وأن ميول «الهبر والبلع» تجري مجرى الدم لديهم، وأن رعيتهم المسكينة ليس لها خيار آخر غير الصبر أو الإطاحة بها لعلهم يرزقون بهماتة اتنين بوصة بدلاً من سبعة بوصة كما هو الحال الآن.