بات واضحًا أن الساحة السودانية على صعيدها السياسي أضحت تمور بكثير من القضايا الساخنة التي تشغل الأوساط السياسية، ولعل من أبرز هذه القضايا النزاع في دار فور والنيل الأزرق وجنوب دارفور والحكم والوفاق والمصالحة الوطنية المصيرية والتي تشكل محل إجماع لدى القوى الوطنية المؤثرة إلى جانب إعداد الدستور الدائم وسبل توسيع قاعدة الحكم والمشاركة وإيجاد الحلول للمشكلات التي تحدق بالوطن في الوقت الذي تكاد فيه هذه القضايا بمثابة قاعدة لتحقيق الوفاق الوطني، وتعد في الوقت ذاتة قضايا «فارزة» للمواقف والثوابت الوطنية بين القوى التي تؤمن بالحل الوطني الشامل وعلى أساس المصالح العليا للبلد وبين تلك القوى التي تطرح أجندتها كجزء من من مشروعات دولية وإقليمية تعرِّض تلك المصالح الوطنية إلى الخطر، وهنا تجدر الإشارة إلى اللقاء الذي تم بين رئيس الجمهورية ورئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي وما له من أهمية كبرى لجهة الدلالات السياسية التي انطوي عليها اللقاء وتتأتى تلك الدلالات من توقيت عقد اللقاء والحيثيات التي ناقشها زعيما الحزبين والسياق السياسي في ظل حالة الترقب التي تسيطر على الساحة السياسية في البلاد في انتظار إعلان التشكيل الوزاري المقبل والذي كثر الحديث حوله مؤخراً وتدفع التحديات الوطنية الماثلة بالقوى الوطنية الكبرى لتسريع الخطى للبحث عن إيجاد الحلول لتلك القضايا، ولعل إيجاد تصور مشترك لمسألة الحكم في البلاد يجنب البلاد الاستهداف الخارجي ويبدو جليًا أن هناك رغبة واضحة من قبل المؤتمر الوطني في لم شمل الأحزاب المعارضة بعد اللقاءات التي تمت بينة وبين قيادات الأحزاب الكبرى ولعل آخرها الذي تُجرى له الترتيبات بصدد لقاء بين الرئيس البشير وسكرتير الحزب الشيوعي السوداني محمد مختار الخطيب في أول لقاء بعد رحيل سكرتيره السابق محمد نقد في سياق لقاءات الرئيس بالقوى السياسية الوطنية، وفي انتظار ما يتمخض منه هذا اللقاء الذي طال الأمد في انتظاره، ويتوقع مراقبون أن يقود الحوار المرتقب بين الحزب الشيوعي والوطني والذي من المتوقع أن يؤدي إلى تقارب الموقف بين الطرفين ربما يقود ذلك إلى توسيع قاعدة المشاركة السياسية لأحزاب المعارضة خاصة في ظل الحديث عن التعديل الوزاري المزمع ربما لا يأتي هذه المرة بالعديد من الشخصيات والرموز من المؤتمر الوطني وذلك لإفساح المجال أمام الأحزاب مثل الأمة القومي والأحزاب السياسية الكبرى وبعض الحركات المتمردة للدخول في طاقم التشكيل الوزاري القادم انطلاقاً من المسؤولية الوطنية. وحول هذا الخصوص أوضح رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية الدكتور عبد الوهاب عثمان كوكو في حديثه ل «الإنتباهة» أن الخطوة التي سيخطوها المؤتمر الوطني ممثلاً في رئيس الجمهورية خطوة ممتازة يجب أن تقابل من الأحزاب المعارضة بالجدية والاستعداد لرتق المسافة بينهم وبين المؤتمر الوطني لمجابهة المخاطر والفتن التي تحاك ضد السودان لتوحيد الصف الداخلي وسيكسب هذا اللقاء المتوقع بين رئيسي المؤتمر الوطني والشيوعي أهمية كبرى لجهة الدلالات السياسية التي سينطوي عليها اللقاء، وتأتي تلك الدلالات من توقيت عقد اللقاء والحيثيات التي يناقشها زعيما الحزبين والسياق السياسي في ظل حالة الترقب التي تسيطر على الساحة السياسية في البلاد في انتظار إعلان التشكيل الوزاري المقبل والذي كثر الحديث حوله مؤخراً ويجب أن تجد مساعي المؤتمر الوطني لعقد لقاءات مع القوى السياسية الأخرى فى إطار المبادرة التي يتبناها الرئيس البشير لتحقيق الوفاق الوطني والاستقرار السياسي الشامل بالبلاد عبر الحوار الوطني مع كل المنظومات السياسية ويتوقع مراقبون أن تساهم تلك اللقاءات السياسية رفيعة المستوى التي دشنت بلقاء البشير والمهدي في إحداث اختراقات في العديد من المجالات والقضايا الوطنية لا سيما مسألة الوفاق الوطني الشامل والحلول الجذرية للقضايا السياسية الكبرى.