في مارس عام 1972م زار الرئيس الراحل جعفر محمد نميري مدينة أبيي وعاش على الطبيعة ظروف المنطقة كلها واستمع مطولاً وبتأثير قيل إنه كان بائناً عليه إلى شيوخها ورجالها ونسائها ومن اليد إلى اليد تماسك مع الكثيرين وحصل ما دون عن أبيي منذ القدم ومن الناظر بابو نمر ناظر عموم المسيرية وماتيت أيوم خطيب دينكا نقوك، لمس الرئيس نميري خصوصية العلاقة بين المسيرية والدينكا وتفرد القبيلتين عبر تاريخهما بإخاء وتعاون نادرين وبعد أن أنبلج للرئيس الحق إثر المعطيات كلها والتي توافرت بوضوح له خلص بعد خطاب بليغ له إلى أن أبيي وبحكم الجغرافيا وتاريخ إنسانها وعلاقاته ستبقى كما كانت كردفانية وهي بالشمال وليس الجنوب بأية حال وفي يوم 16 فبراير عام 1982م وفي لقاء مؤثر أجمع وفد الدينكا والمسيرية أمام اللواء عمر محمد الطيب نائب الرئيس وفي إلحاح أنه إذا كان في ذهن الثورة تحويل أبيي إلى أية جهة فليكن الكلام عن الأرض فقط أما القبيلتان فقرارهما قد اتخذاه في لقائهما الأسري بمدينة المجلد في 8/12/1980م من أنهما سوف يذهبان معاً أينما وجهت الحكومة أرضهما شمالاً أو جنوباً، وقالوا إنهم قد أجمعوا على ذلك ولا يبغون سواه وتحت إلحاحهم وطلبهم الذي أجمعوا عليه خاطبهم اللواء عمر محمد الطيب نائب رئيس الجمهورية يومها قائلاً أنا سعيد بهذا الذي وفرتموه لي من معرفة كاملة بكل ما يتعلق بقضية أبيي، وأبيي وأهلها بهذا الطرح الصادق الأمين وأنه طرح بأصالة سودانية وحس وطني وإنني كنت بلجنة الحدود وهذا اللقاء زودني بالكثير المفيد وسيعرفه الرئيس القائد كلمة كلمة وسنعمل معاً حتى يأتي قراره في مصلحة الوطن ومصلحتكم جميعاً، ونقول لكم إن اتفاقكم هذا يريحنا هنا بالخرطوم، وأقول لكم إن الرئيس نميري يعتبر منطقة أبيي وعن قناعة بأنها منطقة تمازج حضاري ومنطقة وحدة وطنية ونموذجاً للانصهار بين المجتمعات السودانية على اختلاف مشاربها وثقافاتها وسحناتها ومكوناتها وسنسعى أن تكون منطقة أبيي منطقة خدمات واستقرار وأمن فاذهبوا إلى دياركم ولا تخافوا إلا الله ونحن معكم وفي يوم 18/2/1981م التقى الوفد المتحد مسيرية ودينكا التقى بالفريق أول عبد الماجد حامد خليل النائب الأول لرئيس الجمهورية وقتها وكان لقاء قصيراً معبراً تحدث فيه الزعيمان الراحلان بابمو نمر ناظر عموم المسرية وماتيت أيوم رئيس محكمة أبيي ورئيس وفد المسيرية والدينكا المتحد إلى الخرطوم فأوجزا في بلاغة مؤثرة أن القبيلتين جاءتا لتطلبا من الرئيس نميري أن يُبقي على وحدتهما التي خلدها التاريخ وخلفها الآباء والأجداد ثم خاطبهم الفريق عبدالماجد قائلاً إن الثورة جاءت لتسعد إنسان هذا الوطن والذي سمعته من العم بابو نمر والعم ماتيت أيوم وهو كلام عظيم ينضح بالحكمة والمعرفة والحدب على السودان وترابه وأن كلامكما هذا ترك أثراً عميقاً في نفسي وسيصل للرئيس كله ولا إخال أن الرئيس إلا سعيد عندما أنقل له هذا الكلام الوطني الأخوي الجميل ويومها قال الدكتور جعفر محمد علي بخيت المفكر الراحل وأول رئيس لمؤتمر صلح قبلي بالمنطقة في عهد مايو وهو يجيب عن السؤال القائل ما مصير أبيي ودينكا نقوك أبيي وهم الآن مصيرهم مرتبط بكردفان؟ أجاب دكتور جعفر نى ذلك التساؤل قائلاً إن دينكا نقوك أبيي حضارياً في منزلة بين منزلتين وليسوا هم تماماً كدينكا بحر الغزال فهم جغرافياً واقتصادياً مرتبطون بكردفان ونافذتهم للعالم الخارجي ومتنفسهم المالي ومورد نقدهم واحتياجاتهم هو السوق الكردفاني وأن أبيي تستطيع أن تنمو تعليمياً وصحياً ببقائها في كردفان تاريخياً وجغرافياً أكثر من انضمامها للإقليم الجنوبي، أما الفريق الفاتح بشارة حاكم إقليم كردفان يومها فقد تناول القفاز منذ أن شجر الخلاف حول أبيي إبان انعقاد المؤتمر القومي الرابع حيث الجنوبيون وكما فعلوا بمجلس الشعب القومي جاءوا وبتصور خاص أجمعوا عليه لوضع أبيي وطرحوه بصورة جماعية فوجد حاكم كردفان ضالته وواتته الفرصة ولم يدع السانحة تضيع فأجرى اتصالاً بالنائب الأول لرئيس الجمهورية ونائب رئيس الجمهورية السيد جوزيف لاقو والدكتور فرانسيس دينج مجوك حيث جاء الاجتماع يومها أن تُترك القضية لشأنها فأبيي كردفانية يسكنها المسيرية والدينكا فماذا يريد تجار اليوم وهم يجهلون شأن أبيي الجهل كله وليتركوا الديار لأهلها.