عندما احتدم الجدل حول أبيي بمجلس الشعب القومي وهل تتبع للشمال أم تضم إلى الجنوب حينها أرسل عمد نقوك جميعهم وأعيان دينكا أبيي البرقية الآتي نصها بسم الله الرحمن الرحيم السيد رئيس الجمهورية قصر الشعب نحن عمد ومشائخ ومناديب دينكا نقوك أبيي المجتمعون الآن مع إخوتنا المسيرية بمدينة المجلد وانطلاقاً من روح الود والإخاء الذي انتهى إليه اجتماعنا المشترك وحفاظاً للعلاقات الأخوية عبر التاريخ بيننا وشعارنا الوحدة الوطنية التي نقف من خلفها بقوة رافضين شعارات الفرقة والانقسام قف وتأكيداً لهذا المبدأ فإننا نرفض وبقوة أصوات الأشخاص الذين عزلتهم الجماهير للتحدث باسمنا وخاصة في مسألة الحدود قف نحن جزء لا يتجزأ تاريخاً وجغرافية من إقليم كردفان قف نرفض الوصاية علينا من أية جهة إمضاء 1/ العمدة مكوج أبيم بكت عمدة مانوار،2/ العمدة ميرورفور شور عمدة أشاك، 3/ العمدة كوال لوال عمدة مران، 4/ العمدة ماتيت أيوم رئيس محكمة أبيي، 5/ العمدة فقوت دينج عمدة بانقو، 6/ العمدة أجوانق دينج عمدة أنل 7/ العمدة كوال كون تنقلوت عمدة ديل ورئيس محكمة أنا قاديل، 8/ العمدة بلل شول عمدة تورجوك والله نسأله التوفيق وشكراً (8 ديسمبر 1980م) ثم أعقب ذلك أن ذهب جميع هؤلاء ورصفائهم من المسيرية وقابلوا المسؤولين بالخرطوم جمعيهم بمطلب واحد هو أنهم ومنذ القدم ظلوا أهل بعض وعاشوا حياة لا تستوجب الفراق بينهم وفي نهاية الأمر استجابت السلطات لذلك المطلب الصادق والمجمع عليه والذي أبقى على منطقة أبيي كما كانت جزءًا من الشمال وموطناً للمسيرية ودينكا نقوك معاً وفي التقسيم الولائي للسودان طالب وفد الدينكا والمسيرية بمحافظة بحر العرب لهما معاً لذا فإن العلاقة قديمة قدم حضارة الإنسان بهذه المنطقة ولو كان الحيز هنا يبيح منهجاً استقرائياً يقوم على رصد المشاهد والأحداث كلها لهال الأمر السامع والقارئ كليهما وهما يتابعان قضية أبيي المفتعلة ظلماً اليوم فقد استوى المسيرية والدينكا في المحن والعافية والعسر والرخاء وتشاوروا في الأمر كله وإنسان المنطقة فطر وهو يرنو إلى الرقي. فطر على التزام الجماعة وإننا نشك في أبصارنا ولكننا لا نستطيع الشك فيما وصل إلينا متواتراً عن تاريخ المسيرية ودينكا نقوك وعن تاريخ منطقتهم وهي منطقة ما خرست الحكمة ولا نامت الفطنة لدى زعماء عشائرها عبر التاريخ فهي قبائل عاشت تاريخها ذلك متآخية متحابة متماسكة متحدة في كل شؤون حياتها ولاء الفرد للمجموعة لا يصرفه عن تلبية داعيها جليل أو حقير وهنا فإن العقلية القبلية لا تعرف الفردية القائمة بذاتها بل الأفراد يندغمون في جماعاتهم دائماً فكان النظار والعمد والشيوخ هم الرموز والفرد في القبيلة ليس بحاجة إلى علل أو منطق بل تأخذه وجدانياته نحو القبيلة فيستجيب داعيها أنى وكيف أتاه وهنا قال دكتور فرانسيس دينج مجوك ابني ناظر عموم دينكا أبيي وكان يومها وزيراً للدولة بالخارجية عن مذكرته التي قدمها حال توقيع اتفاقية أديس أبابا عام (1972م) عن أبيي وتبعيتها قال إن تصوري لحل قضية أبيي الذي قدمته لذلك المؤتمر المهم لا يخرج عن ذلك النسيج الفريد من العلائق بين دينكا نقوك والمسيرية والذي حافظوا عليه على مر العصور فليس بخليق بمثقف مثلنا أن يشرخ في نفس أحد من المؤمنين بتلك الوحدة المقدسة في أن يدعوه ليسبح عكس التيار الذي ارتاد العوم فيه الأجداد والآباء فكان محور مذكرتي هو ضرورة أن تبقى أبيي بالشمال كما كانت وذلك لتحفظ وحدة المسيرية ودينكا نقوك وتقوي الروابط هكذا كانت قناعة دكتور فرانسيس وكثير من مثقفي أبيي حين عقد مؤتمر نادي الضباط بالخرطوم لأبناء دينكا نقوك والمسيرية عام (1983م) حيث خرجوا وبعد مداولات مطولة عن قضية أبيي وذلك بإجماع قدموه يومها للرئيس السابق جعفر نميري من أن أبيي وبإجماع سكانها ينبغي أن تبقى بالشمال يعيش الحياة عليها دينكا نقوك والمسيرية كما كانوا على مر الأيام مسيرة الآباء والأجداد لذا فعلى الذين يتاجرون اليوم إفكاً بقضية مفتعلة أن يرجعوا للحق إن كان أهل حق وإلا ستبقى أبيي كردفانية.