في هذا الحوار أكد السفير الصيني بالسودان ل«الإنتباهة» أن علاقات السودان والصين تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين مشيرًا إلى أن الصين تؤمن بمقدرة الوساطة الإفريقية على حل الخلافات بين دولتي السودان والجنوب، ونفى أن تكون المصالح الصينية في السودان قد تأثرت بانفصال الجنوب. وفي إطار حل قضية دارفور نادى لوه شياوقوانغ بالإسراع في تنفيذ وثيقة الدوحة. يجدر ذكره أن الحوار أُجري مع السفير الصيني قبل التطورات السياسية الأخيرة التي جرت على الساحة وهي القمة الرئاسية التي جمعت كلاً من رئيسي السودان والجنوب المشير البشير والفريق سلفا كير، بالعاصمة الخرطوم. ووصلا من خلالها لكثير من التفاهمات بشأن بعض القضايا الخلافية بين الدولتين، من تجارة حدود وتبادل تجاري وحسن جوار إضافة لترسيم حدود البلدين وتسوية قضية أبيي. بيد أن السفير الصيني أشار خلال الحوار إلى أن بلاده ستعمل مع البلدين لتسوية بعض الملفات العالقة بين الطرفين السودان ودولة الجنوب. هذا وغير ذلك الكثير من النتائج التي تحصلت عليها «الإنتباهة» من سفير الصين حول موقف بلاده وعلاقاته بالخرطوم عبر هذا الحوار، فإلى نصه: في البدء حدِّثنا سعادة السفير عن العلاقات الصينية السودانية بين البلدين وسبل دعمها؟ إن العلاقات الصينية السودانية موغلة في القدم. وعلى مدى أكثر من «50» عامًا بعد إقامة العلاقات الدبلوماسية، وبفضل رعاية قيادتي البلدين، شهدت العلاقات الثنائية تطورًا مطردًا في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها. ستظل الصين تتمسك بسياسة تطوير علاقات الصداقة مع السودان على أساس المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، وهي الاحترام المتبادل للسيادة ووحدة الأراضي وعدم الاعتداء وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للجانب الآخر والمساواة والمنفعة المتبادلة، والتي تثري حيويًا مستمرًا لتطوير علاقات الصداقة والتعاون بين بلدينا. أين وصلت الاستثمارات الصينية في السودان وما هو السقف الذي ترسمونه لهذه الاستثمارات؟ انتشرت الاستثمارات الصينية في السودان عمومًا في صناعة النفط والتعدين والاتصالات والخدمات، وتشجع الحكومة الصينية الشركات ذات القدرة والسمعة على الاستثمار في السودان بما يعود بمنافع ملموسة إلى أبناء الشعب السوداني. وبالنسبة إلى سقف الاستثمار، هذا يتعلق بالبيئة والظروف والشروط الاستثمارية في السودان. أود أن أقول، إن السودان يمر بما مرت به الصين قبل أكثر من «30» عامًا بعد اتخاذ الصين سياسة الإصلاح والانفتاح. إن الحكومة الصينية وفَّرت كثيرًا من الظروف الاستثمارية التفضيلية للشركات الأجنبية حتى تركت نصيب الأسد للأرباح في سبيل جذب الاستثمارات الأجنبية. وفي المقابل، استفدنا من التجربة الإدارية المتقدمة والتقنية العالية من الشركات الأجنبية لزيادة القوة التنافسية للشركات الصينية تدريجيًا. وبعد مرور «30» عامًا، يمكنكم أن تجدوا كثيرًا من الماركات الصينية المشهورة في الأسواق العالمية. لذلك، نرجو من السودان الصديق الاستفادة من التجربة الصينية الناجحة لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتوفير الظروف التفضيلية والتسهيلات الأكثر للشركات الصينية لزيادة القوة التنافسية للسودان من الدول الإفريقية التي ترغب في جذب الاستثمارات الصينية، بما يحقق المنافع المتبادلة والفوز المشترك. ما هو الدور المنوط بالصين لعبه خلال الفترة القادمة للارتقاء بالعلاقات بين السودان وجنوب السودان؟ إن الصين صديق مشترك لدى السودان وجنوب السودان وتلعب دور الوساطة المستمر لدى الطرفين، وقام مبعوث الحكومة الصينية للشؤون الإفريقية بزيارات مكثفة إلى السودان وجنوب السودان خلال هذه السنوات وذلك لتدعيم السلام ودفع المفاوضات بين الطرفين. وستواصل الصين جهودها الدؤوبة في هذا الصدد ولعب الدور البناء في سبيل تحقيق حسن الجوار بين البلدين السودان وجنوب السودان. وماهى الآليات التى يمكن استخدامها لإعادة العلاقات بين الدولتين لطبيعتها؟ تقدر الصين تقديرًا عاليًا جهود الوساطة للاتحاد الإفريقي لدى السودان وجنوب السودان وتدعم مبدأ «حل القضية الإفريقية في الإطار الإفريقي»، وتعتقد أن الآلية بإشراف الاتحاد الإفريقي هي الوسيلة الأنسب والموثوقة لحل الخلافات بين السودان وجنوب السودان. إلى أي مدى تأثرت المصالح الصينية في السودان عقب انفصال الجنوب؟ إن المصالح مهمة لكل دولة في العالم ولكنها ليست مقياسًا وحيدًا لتقييم وتحكيم القضية.إن انفصال جنوب السودان حظي بموافقة السودان حكومة وشعبًا وبتأييد جنوب السودان حكومة وشعبًا، لذلك، تحترم الصين الخيار النهائي للبلدين والشعبين. ما مدى تفاؤلكم بالنجاح في إيجاد حل جذري للتوتر بين دولتي الجنوب والسودان؟ لا توجد دولة تعرف وضع جنوب السودان أكثر من السودان ولا توجد دولة تعرف وضع السودان أكثر من جنوب السودان. وبالمعنى الآخر، قد انفصل السودان وجنوب السودان، ولكن لن تنقطع العلاقات التاريخية التي تضرب جذورها في أعماق التاريخ. نعتقد أن الخلاف بين السودان وجنوب السودان مؤقت، واثقين بأن السودان وجنوب السودان قادران على تجاوز الخلافات بينهما بالحكمة والشجاعة والإرادة القوية من قبل الشعبين. أين الصين من قضية دارفور؟ فهي ليس لها موقف واضح من القضية؟ الصين تهتم بقضية دارفور منذ البداية. إذا تابعتم تطور قضية دارفور، فلا بد أن تروا أن جهود الصين في تدعيم السلام وإعادة الإعمار لم تنقطع، بل ستواصل الجهود كما كانت عليه في دفع عملية السلام في دارفور. وعلى مدى العشرة أعوام المنصرمة، قدمت الحكومة الصينية المنح في دارفور في مجالات البنية التحتية والعلاج الطبي والزراعة والتعليم، وشاركت مع UNAMID لحفظ السلام في دارفور، بما يساهم مساهمة كبيرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في دارفور. وعلى سبيل المثال، طريق الإنقاذ الغربي بقيمة 96 مليون دولار أمريكي وطريق النهود أم كدادة وسيارات الإسعاف والمعدات الطبية بالتقنية العالية والجرارات وحصادات القمح وبناء 4 مدارس كاملة وتحسين الظروف الدراسية ل120 مدرسة وحفر المئات من آبار المياه، إضافة إلى الدفعات السبع المتتالية للمساعدات الانسانية. إن موقف الصين من قضية دارفور واضح وثابت، تنادي الصين الأطراف بوضع مصالح أبناء دارفور فوق كل الاعتبارات والمشاركة في آلية تنفيذ وثيقة الدوحة في أسرع وقت ممكن. مطار الخرطوم الدولي الذي تم التعاقد فيه مع الحكومة السودانية... كم قيمة القرض ومتى يبدأ العمل فيه؟ التعاقد تم توقيعه من قبل شركة صينية مؤخرًا وذلك لبناء مطار الخرطوم الجديد مع الجانب السوداني بقيمة «700» مليون دولار أمريكي. قد يوفر بنك الصين للتصدير والاستيراد القرض الميسور لهذا المشروع بعد إجراء عملية التقييم.