لا حول ولا قوة إلا باللَّه.. تصرَّمت الأيام وانسلخت الشهور ومضى عام ميلادي على رحيل الشهيد فتحي خليل. مضى عام وكأنك بيننا يا فتحي في قامتك المديدة وابتسامتك الوضيئة. ابتسامتك التي لم تكن تفارق ثغرك في الصحة والسقم في الرضا والغضب في حلك وترحالك من مدينة إلى مدينة ومن قرية إلى قرية.. في صبر وجلد وأنت المسكون بحب الأهل وتراب الوطن. مضى عام يا فتحي وما زال في الحلق غصة وفي العين دمعة وفي القلب جراح لا ندري متى وكيف تندمل!؟ رحمك اللَّه رحمة واسعة وألهم أهلك وإخوتك وصاحبتك وبنيك ومحبيك وزملائك الحزانى الصبر والسلوان. أمس الإثنين (16 سبتمبر) تنطوي سنة ميلادية على فقدك الجلل ومصابنا الأليم.. ينطوي العام وفي خاطري وذاكرتي شجون!! أتذكرك أخي فتحي.. وأنت تخاطبنا في مجلس الوزراء بالولاية الشمالية وفي مجلسها التشريعي قائلاً: (يا إخواني ماذا قدمنا لهذا المواطن!؟ لقد منحنا صوته وبارك انتخابنا وقد وعدناه بتغيير الواقع وإصلاح حاله فهل حقاً غيَّرنا واقعه وأصلحنا حاله!!؟ أم شغلتنا أنفسنا وأهلونا واستحكمت فينا أهواؤنا؟! ألم نتعاهد على تحسين بيئته، التعليم، الصحة وسكن المهمشين. أنَّى هي مسيرتنا القاصدة إلى اللَّه!؟) واللَّه لقد كان المواطن المغلوب على أمره أكبر همه. ما سكت عن قول الحق وما جامل في باطل. نعاهدك باللَّه أخي الشهيد بأن الراية التي حملناها معك يوماً ما لن تسقط بإذن اللَّه والوالي الجديد أخونا المفضال د. إبراهيم خضر الحسن والذي جاء بالتزكية لن يُخزي من سبقه، معكم في نفس الخندق وعلى ذات المنهج. نم قرير العين في روضتك وأنت الشهيد بإذن اللَّه. ونسأل اللَّه تعالى أن يجمعنا وإياك في فردوسه الأعلى في يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون إلاَّ من أتى اللَّه بقلبٍ سليم. في مقالنا في صحيفة (الإنتباهة) الصادرة بتاريخ الخميس (5 شعبان 1434ه) الموافق (4 يوليو) العدد (2627) وتحت عنوان (مجمع فتحي خليل الإسلامي.. يا شيخ علي!!) سعدتُ بحق وبعد انتظار لم يطُل أن دعاني الأخ العزيز ممدوح زكريا لَّلقاء الأول في حضرة الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية وفاءً لعهد قطعه أمام أبناء حلفا خصوصاً وأبناء الشمالية عموماً وأمنَّ فيه على قيام مجمع فتحي خليل الإسلامي. وفي حضرة النائب الأول الذي أحسن استقبالنا مهللاً مستبشراً خاطبنا نحن أعضاء اللجنة العليا بأسلوبه السهل الممتنع (هل في هذا تكسير تلج!!؟) وفي إيجاز غير مخل قائلاً بعد الترحم على الفقيد الشهيد وصديقه الراحل نشكر الولاية على المبادرة، وأرى أن تضم اللجنة فرداً من الأسرة (وقد كان)، كما أشار سيادته إلى أن تفكر اللجنة في وضع أهداف المجمع والترويج له إعلامياً واستنهاض همم المحسنين، والسعي للحصول على الدعم من الولايات والمؤسسات الوطنية والأفراد. ومن مُوجّهات سيادته العمل من خلال لجان فرعية لوضع الأنشطة والإدارات والوظائف التي ستدير الَمجمع. على أن تكون جاهزة قبل إكمال المشروع. ثم كان الاجتماع الأول للجنة العليا بالقاعة الرئيسية بنادي القوات المسلحة صباح الخميس (5 سبتمبر) الذي رأسه سعادة اللواء الهادي بشرى حسن الشاذلي الوالي الأسبق للولاية الشمالية. أدار الحوار بحكمته وحنكته المشهودة لا أزكيه على اللَّه. فقد تحدث مثمناً ومؤمناً ومباركاً توجيهات الأخ النائب الأول. وبعد مداولات هادفة وكلمات صادقة من الجميع في حق الشهيد تناولت اللجنة عرضاً (للمَجمَع) قدمه بأسلوب جزل الفريق البروف فتحي محمد سعيد عميد كلية الهندسة بجامعة أم درمان الإسلامية نيابة عن مجموعة مصطفاة من زملائه وطلابه بالجامعة مع مشاركة قريب الشهيد (الرقم المهندس أحمد سليمان). انقسمت اللجنة العليا إلى لجان فرعية منها الأم (التنفيذية) برئاسة الأستاذ اللواء الهادي. واللجنة الهندسية على رأسها الفريق فتحي واللجنة المالية ورأسها الأخ د. عبد الله سيد أحمد ولجنة الإعلام للنوبي فصيح العربية النائب البرلماني عصام ميرغني ولي شرف الانضمام للجنة العليا وفي الفرعية لجنة الإعلام وآمل في مساحتي (قراءة متأنية) بجريدة (الإنتباهة) مع جهود الإخوة المخلصين في بقية الصحف السيارة الذين يعرفون فضل الشهيد أن نتابع عن كثب نشاط اللجنة الأم وفرعياتها حتى يُولد هذا المشروع بأسنانه بإذن اللَّه. فات عليّ أن أُنوه إلى مشاركة اتحاد أو نقابة المحامين في شخص مولانا الأستاذ عثمان الشريف والذي أفاض في تقريظ الفقيد ودوره المشهود في تاريخ النقابة. وتمنى باسم زملائه المحامين أن يُقام المَجمَع ويكون في قامة زميلهم الراحل المقيم. افتقدنا في الاجتماعين الأولين شخصية محورية بكت الراحل نثراً وشعراً.. إنه الأستاذ الجليل عبد الجليل النذير الكاروري آمل أن نراه في اجتماعنا القادم المزمع عقده الخميس (19 سبتمبر) بإذن الله وأن نحث الخطى ونُجوِّد العمل وألا نُخيِّب ظن النائب الأول فينا، بل وآمال أهلنا أبناء حلفا والشمالية جمعاء المنتشرين في (القِبَل الأربعة)!! داخل وخارج السودان. حاشية: شرَّف الاجتماع الأول السيد الكريم الأخ والي الولاية الشمالية الأستاذ د. إبراهيم خضر الحسن بادئاً بشكر الأخ النائب الأول وقد كانت كلمته الاستهلالية مختصرة وافية ومشجعة، تعاهدنا أن يقام المَجمع في فترة قياسية تتوازى وطموح أبناء الولاية بل أبناء القطر جميعاً بإذن اللَّه. وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم. (نرفع) أكف الضراعة للمولى جلَّ وعلا سنداً لنا، و(نرفع) التمام لسعادة اللواء الهادي بشرى رئيس اللجنة العليا، وبعيداً عن (رفع) الدعم، خاصة عن المحروقات، حيث لكل مقامٍ مقال. ألا هل بلغت، اللهم فأشهد وأنت خير الشاهدين.