والتاريخ يدون الفتنة (السبيئة) التي أشعلها عبد الله بن سبأ (الصنعاني) من (القاهرة) حرّك رؤوس الفتنة. حركة تمرد.. بذرتها لم تمت حتى يومنا هذا.. (المتمردون) في ليلة مشؤومة تسلقوا الأسوار.. فحاصروا الخليفة الراشد ذا النورين.. و(الكرار علي) يدفع بابنيه (الحسن والحسين) ليدافعوا ويحموا دولة الإسلام ورئيسها المبشر بالشهادة والجنة.. لكن الفتنة كانت أكبر فما قدرت سيوف (الكرار) وابنيه أن توقف الفتنة (السبئية) اليهودية.. والخليفة يصمم على (التمترس) في خندق الحصر.. يصمم أن يفطر في الجنة مع قائده ومعلمه نبي الرحمة.. الذي بشره بالشهادة.. ويدخل عليه (المتمردون) وبالسيف تُضرب الكف التي خطّت الكتاب المرسل.. فالخليفة الذي كان مستعداً للحاق بأصحابه كان في كامل (لباسه) حتى لا تكشف (عورته) كيف لا وهو الذي استحت منه الملائكة.. ويختم حديثه قبل أن يلحق بالرفيق الأعلى (برسالة) إلى المسلمين.. رسالة تستوجب أن يقف عندها المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.. فقال الخليفة الشهيد عثمان بن عفان لقاتليه (لا تقتلوني.. فوالله لئن قتلتموني لن تصلّوا بعد اليوم خلف إمام واحد) قالها لا خوفاً ولا جزعاً.. قالها وهو الذي يدري أنه سيُقتل.. وكيف وهو الذي أشار عليه النبي.. بأنه سيموت (شهيداً) فيوم أن اهتز الجبل.. قال (النبي) أثبت (يا جبل) فإن عليك (نبي مرسل) و(إمام شهيد).. وعثمان كان مع (النبي) في يوم الجبل.. وقبل ليلته المشؤومة رأى (ذو النورين) في النوم النبيَّ وقد قال له (تعال يا عثمان وافطر معنا هذه الليلة) فإذن لم تكن رسالته (رسالة) خوف على نفسه بل هي (رسالة) خوف على الإسلام والمسلمين.. فمن تلك الليلة (المشؤومة) لم يصلِّ المسلمون خلف (إمام واحد) ومن يومها تفرقت بهم الطرق.. فأصبحوا شيعاً وطوائف إلى يومنا هذا. ولأن المسلمين يعيشون في هذا الوقت ظرفاً معقداً ومتشابكاً.. فرقتهم إلى (شيعة) و(سنة) و(سلفيين) أصبحوا لقمة سائغة لأعدائهم.. فالعالم اليوم لا يشهد إلا الحرب بين المسلمين وإلا الدمار إلا في عالم المسلمين (بؤر مشتعلة) تحصد المسلمين.. في أفغانستان وباكستان.. في فلسطين والعراق ومصر وليبيا والسودان وسوريا.. وفي كل (بلد مسلم) موت ودمار.. وخلاف وعدو يضع العويش على النار.. يفتنهم.. يتربض بهم (يستغلهم)، (يستعمرهم).. يهيمن عليهم.. (داحسهم وغبراءهم) تطول وتتمدد.. وفي كل يوم عندهم تولد (داحس وغبراء) جديدة.. فالذي يجري الآن على أرضهم هو ذات الذي صنعه ابن سبأ (الصنعاني).. مما يتوجب أن يقفوا لا ليقرأوا التاريخ فقط.. بل يتعظوا ويتدبروا فالمطلوب منهم لا ليصلوا خلف (إمام واحد) فصلاتهم خلف (إمام واحد) مستحيلة.. ورسالة (ذو النورين) قد بينت أن الفتنة لن تبقي الأمة على قلب (رجل واحد) ولا في (صف واحد) فالموقف العصيب الذي يعيشه المسلمون الآن يتطلب التصالح بينهم لا (التوحد) فلا توحد بينهم من تلك الليلة المشؤومة (فالمذاهب) و(المناهج) فرقت بينهم (أشياعاً) و(جماعات) فرقتهم إلى (عوالم) لا تلتقي إلا في حدود (الوحدانية) ومسائل أخرى.. إذن فإن الدعوة التي يطلقها بعض الحادبين على الإسلام (بوحدة) أهل القبلة غير دقيقة.. فاختلاف الرؤى والأفكار أبعدت مفردة (وحدة) لذا لم يبق لهم إلا (التصالح) والتعايش.. تعايش المذاهب والجماعات.. تصالحها. لأن (أعداءهم) الذين يجمعهم (العداء) على الإسلام وأمته.. ظلوا ويظلون يستغلون هذا التناحر والتباغض لمصلحتهم.. وبنظرة بعيدة عن الانحياز لشيعة أو سنة أو سلفية.. فالذي يراقب يرى أن المستفيد من الصراع (الإيراني) (الخليجي) هو العدو الصهيوني.. فالملف (السوري) و(العراقي) و(المصري) يكشف عن أصابع العدو في تلك الملفات الحارقة.. فدمار وهلاك (الشيعة) إضعاف للمسلمين.. وقتل وإبادة (السنة) دمار وهلاك للمسلمين فبكر (عربية) و(ذبيان) عربية.. فبكل (المقاييس) فإن إضعاف ودمار (حزب الله) مثلاً لصالح إسرائيل.. وإن إبادة (الإخوان المسلمين) لصالح العلمانيين والكنيسة (الصليبية) وإسرائيل.. فالخاسر مصر والسعودية والعراق والسودان وقطر وإيران وباكستان وكل بلدان المسلمين.. من طنجة إلى جاكرتا. لذا أعتقد أنه قد آن الأوان (للمسلمين) أن (يتصالحوا) تصالح (إستراتيجي) لحماية النفس والعقيدة.. تصالح بين السنة والشيعة والسلفية.. وأي جماعات أخرى.. تصالح مبني على اتفاق أدنى قائم على القواسم المشتركة.. مهما كانت قليلة.. تصالح فكري و(مذهبي) فمهما كان الخلاف فهناك ما يجمع بين الجميع.. فكلمة التوحيد (لا إله إلا الله) تجمع بين الكل.. فتعالوا يا أمة الإسلام إلى (كلمة سواء) وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.