{ أمام الدولة بعد إعلان انفصال الجنوب مشكلة في غاية الأهمية سيواجهها من المحتمل الرعاة الذين يعتمدون في مواسم الصيف على مساحات من أرض الجنوب الذي أصبح دولة مستقلة لا تخلو الحكومة فيها من غشماء وأعداء للشمال. وإذا كان الانفصال أو عدمه بعد أن سيطرت الحركة الشعبية بجيشها الشعبي على كل الجنوب، يبقيان واحداً من حيث أي ضرر يقع على ما يقارب ستة ملايين رأس من الماشية المملوكة لشماليين وهم الرزيقات والمسيرية والرفاعيين وغيرهم، إلا أن الأمر من زاوية زيارة سلفا كير الأخيرة للخرطوم كرئيس للحركة الشعبية والأولى له كرئيس دولة جديدة يمكن أن يُنظر إليه بأن العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين تُتاح بها فرصة حماية ماشية الرعاة السودانيين أكثر منه أن تتاح بالشراكة بين الحزب الحاكم في الخرطوم والحركة الشعبية، والكل قد شاهد وعرف مدى التشاكس وحالة الاستقطاب الحاد فيها، ومثل هذا لابد أن ينعكس بأثر سيئ جداً على دخول القبائل الرعوية إلى جنوب بحر العرب وعبور حدود دولة جنوب السودان في موسم الصيف الذي تشح فيه المراعي التي ترعى كل هذا العدد من الماشية. لكن حينما تكون هناك علاقات دبلوماسية جيدة تحمي ناقل النفط من الجنوب إلى الشمال لصالح الاقتصاد الجنوبي بالدرجة الأولى وتحمي أيضاً ماشية الرعاة السودانيين التي تعبر إلى الجنوب في موسم الصيف، فهذ يعني أن إقامة دولة جديدة في الجنوب مستقلة عن السودان أفضل للقبائل الرعوية من حالتي التشاكس والاستقطاب بين بعض التنظيمات السياسية، وقد شهدت أيام الشراكة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية أسوأ وأمر تداعياتها على استقرار منطقة أبيي، وكان الانطباع السائد هنا وهناك هو أن الحزب الحاكم نصير للرعاة العرب وأن الحركة الشعبية بجيشها الشعبي نصيرة لبعض أبناء الجنوب على امتداد جنوب وشمال حدود عام 1956م.. ولكن الآن فإن المطلوب من الحركة الشعبية أن تتحلى بالأخلاق والأعراف الدبلوماسية، فلا تسمح لتعرض الماشية السودانية في موسم الصيف لإلحاق الضرر بها وإيذاء أصحابها وفرض الرسوم الباهظة الابتزازية حتى لا تضطر حكومة الخرطوم للجوء إلى حلول بديلة قد يترتب عليها عدم تعاونها مع حكومة الحركة الشعبية في قضايا مهمة أخرى كانت من ضمن أجندة زيارة سلفا كير إلى الخرطوم مؤخراً. لكن بعض عُمد وأعيان القبائل الرعوية رغم إصرارهم على عبور حدود الجنوب بماشيتهم بعددها الضخم إلا أنهم لا يطمئنون أن تعود إلى الشمال في أول صيف يشهد الجنوب دولة منفصلة، وقال عمدة بحر العرب السيد محيي الدين عبدالله: «إن الرعاة كلهم من الأميين والجهلة لا يعرفون أن الجنوب انفصل وأصبح دولة قائمة بذاتها». انتهى.. وهذا يعني أن الدولة واقعة في التقصير تجاه توعية شريحة أهم من المواطنين من ناحية ارتباطها بمراعي صيفية في الجنوب، لكننا نهيب بمنبر السلام العادل أن يقوم بالواجب السياسي تجاه هؤلاء الرعاة قبل أوان الصيف القادم. نقروز البهجة والمسرة جاء في الأخبار أن الشرطة قد أكدت انتهاء ظاهرة عصابات النقروز، وهي عصابات خرجت من الشعور لدى أنصار الحركة الشعبية في الشمال السوداني بعد التوقيع على اتفاقية نيفاشا بالزهو والغرور والأمل الواهم بأن ترث حركة باقان وعرمان حكم السودان، وكانت هذه العصابات تتجاوز بسلوكها قوانين البلد وهي تروع المواطنين الضعفاء العزّل، وكانت قد تنامت إلى درجة جعلت بعض الناس يتساءلون: «من ينبغي أن يستفتى لاختيار الوحدة أم الانفصال؟! أهم الجنوبيون أم الشماليون الذين جعلتهم هذه العصابات هم الأحوج إلى انفصال الجنوب عن الشمال؟!» فقد وقع الانفصال وبجهد الشرطة في حماية المواطنين من مهددات «الأجانب» للأمن الشخصي للمواطن وممتلكاته انحسرت نشاطات هذه العصابات المرتبطة بفوضى وعبث الحركة الشعبية. لكن المفاجئ في الأيام الأخيرة الفائتة هو ظهور عصابة نقروز «ناعمة» إلى حدٍ ما تقول الشرطة إنها تتفق مع عصابات النقروز تلك في الشكل وتختلف معها في الجوهر، ولم تطلق عليها الشرطة اسم «النقروز». أما النقروز «الناعم» هذا فتقول الشرطة إنهم جماعة من المراهقين وتجمعهم «هموم محددة» هي اللهو والحفلات واستعراض العضلات» إذن هي عصابة راقصة تهوى الرقص في الحفلات بأنغام الموسيقا وتهواه في الأسواق على صراخات ضحاياها. خاصة وأن المحفِّز لها هي أنها تضم فتيات مراهقات يُمثلن «المرأة الأخرى» الشرسة، وكأنما أرادوا إعمال الاتفاقيات الدولية التي تدعو إلى «الجندرة».. مثل اتفاقية سيداو، وإن كانت فتيات هذه العصابة أكثر براءة وأقل ضرراً من اتفاقية سيداو. فالعصابة تهاجم أفراد والشرطة بالمرصاد لها، لكن اتفاقية سيداو تهاجم النظام الأخلاقي للمرأة المسلمة ولم يكفها عشرات القنوات التي تشكل عناصر فعّالة لإفساد المرأة. المهم في الأمر أن عصابة «نقروز الجندرة» تهتم باللهو والرقص ومع ذلك تخرِّب، فهل هي حركة البهجة والمسرة لتحرير السودان؟! لقد سمعنا بعد أن ذهب نميري وعادت اسطوانة الأحزاب المشروخة بحزب اسمه حزب البهجة والمسرة لكن بين حركات التمرد لم نسمع بحركة البهجة والمسرة لتحرير السودان، لعلها هي هذي العصابة.. نعم إنها حركة البهجة والمسرة لتحرير السودان، لكن لسوء حظها لن تحظى باعتراف من الدولة ولذلك ستحرر منها الشرطة «السودان». مجرد سؤال من يقف وراء قناة النسمة التي بثت فيلمًا كرتونيًا إيرانيًا يسيء إلى الذات الإلهية؟!.. لقد ثار ضدها الإسلاميون في تونس.