كوّن المجلس لجنة برئاسة الأستاذ نايل أحمد آدم الوزير السابق بجنوب كردفان ومعتمد محلية العباسية تقلي الأسبق.. كتبت اللجنة ورقة جيّدة وضافية.. كما أشرت إليها في المقال الأول.. تناولت محاور عدة أهمها المحور التاريخي لمنطقة تقلي وصفات أهلها وعاداتهم المتمثلة في الكرم والشجاعة وسرعة النجدة والتعاون، محور اجتماعي أشار إلى أهمية التماسك والسلام الاجتماعي، ومحور أمني وضّح الصورة المأساوية التي تعيشها المنطقة بعد اندلاع الحرب مقارنة بأيام السّلام والسلم التي عاشتها منذ أمد بعيدٍ، ثم خلصت توصيات الورقة إلى الآتي. 1/ ضعف مستوى الخدمات خاصة التعليم مما أدى إلى تشرد أعداد كبيرة من الشباب والطلاب وجعلهم عرضة للأفكار الهدامة. 2/ ضعف الوجود القوي لأجهزة الدولة وتراجع دورها الأمني. 3/ الاستقطاب السياسي غير الراشد في ظروف معقدة. 4/ عدم مشاركة أبناء المنطقة في مواقع اتخاذ القرار في الدولة 5/ انتشار السلاح وتعدد صفات حامليه في ظل ضعف نسبة الوعي شكل خطراً كبيراً. 6/ تدهور البيئة العامة جراء حرب الجنوب ودارفور وجبال النوبة. 7/ تنادي الورقة بلمّ الشمل وجبر الكسر والسعي نحو إعادة البناء. 8/ مخاطبة حاملي السلاح من أبناء المنطقة لتحكيم صوت العقل والعودة لبناء السلام، منعاً لمزيد من الدمار والخراب والقتل لأهليهم وبلدهم.. بعد عرض الورقة فُتحت فرصة للنقاش والتداول، حيث اتفق الجميع على إدانة الحرب التي غيَّرت معالم المنطقة وأحالتها إلى دمار وخراب وحالات نزوح وتشرد وهتك للنسيج الاجتماعي الذي تعايشت قبائله بسلام منذ قرون طويلة، وبرزت أصوات عالية أدانت الحركة الشعبية بشدة بأنها لم تحترم الديمقراطية وخيار مواطني المنطقة الذي رجح كفة المؤتمر الوطني على حساب الحركة خاصة في منطقتي الموريب وأبو كرشولا، بينما أدانت أصوات أخرى صمت حكومة المركز إزاء المجازر البشعة التي ارتكبتها الحركة الشعبية والجبهة الثورية في مناطق الريف الجنوبي الغربي للعباسية «طاسي» ثم مناطق ريفي الموريب والريف الشمالي لأبي كرشولا «كالنج» وأدانت أصوات تورط بعض أبناء المنطقة في التمرد وتسببهم في قتل أهليهم ودمار ديارهم وأنهم جلبوا أغراباً فاسدين من خارج المنطقة أذاقوا أهلها الأبرياء مرارات القتل والجراح والنزوح والتشرد والفقر وشتات الأسر وتمزقها دون أن تكون لهم مطالب سياسية ورؤية واضحة تبرر تمردهم وحملهم السلاح ضد أهليهم أولاً قبل الدولة والحكومة، ولذلك وجه المؤتمرون نداءً لأبناء المنطقة في التمرد أن يكفوا عن التسبب في قتل أهليهم وتدمير وخراب بلدهم بأيديهم والعمل على العودة والمشاركة في بناء السلام من الداخل وطرد الأغراب أصحاب الأجندة الذاتية وفي مقدمتهم عبد العزيز الحلو وعرمان وعقار والجبهة الثورية التي صارت تنهب حقوق أهليهم وتهددهم وتفرض عليهم الضرائب الباهظة وتمارس عمليات الجلد المبرح والضرب والقتل على كل من يرفض التعاون معها، وتقوم بعمليات تفتيش مستمرة في القرى والفرقان للحصول على المال والغذاء، وتمارس هي والحركة عمليات اغتصاب وخطف مستمر للنساء وتمنع خروج المواطنين من مناطق العمليات العسكرية لاستخدامهم دروعًا بشرية في مواجهة عمليات الطيران الحكومي، الأمر الذي أدى إلى قتل أعداد كبيرة من المواطنين بهذه الصورة. في خطابه وتعليقاً على مداولات الاجتماع أكد الوالي آدم الفكي والي جنوب كردفان أهمية المنطقة الشرقية، ثم قال: الجبهة الثورية موجودة في تقلي وتريد إسقاط النظام من تقلي وأنا لا يمكن أن أوافق على ذلك، وشن هجوماً على وجود كنائس في «طاسي» وتساءل ما هي علاقة ذلك بالمظالم؟ وقال: نحن نعلم أن هناك أناساً من أبناء المنطقة هنا في الخرطوم يضحكون من هذه المأساة «يقصد دعاة الحرب» وقال متسائلاً: من الذي تسبب في إيقاف التنمية؟ أليس الذين ناصروا الحركة الشعبية، والغرباء بكره بمشوا ويخلوكم في دمار، وقال: هؤلاء أهلنا وعلينا أن نلتزم بالمسؤولية.. وقال: أنا حلقي بُح من دعوة الحركة الشعبية إلى الحوار والسّلام، أما الحديث عن تقصير المركز فأقول.. «تعملوا المشاكل وتطالبوا بتدخل المركز!!» الوالي آدم الفكي سأل الحشد أيضاً: من الذي تسبب في توقف طرق الولاية بصورة عامة؟ وضرب مثالاً بطريق كاودا كادقلي، والبرام الحمرة، البرام سلارا، وطريق نقاوة والطريق الدائري؟، ثم قال: كل هذه الطرق وقفت بسبب الحرب، لكن هل هناك تنمية أو عمارة أو مدرسة في الخرطوم لم تكتمل؟ ثم قال: الأوضاع حتى الآن في تقلي لم تصل المرحلة الحرجة كما في المناطق الأخرى، وأكد دعم ما جاء في المذكرة وطلب أن تترجم المذكرة وتصاغ في صورة برامج، وأكد أهمية السلام والتنمية، وقال: ليس لنا طريقة إلاّ السلام لأن الحرب استمرت في مناطق جبال النوبة «20» سنة ولم تحقق شيئاً، وأي سلام يُحسم عبر المرارات ليس بسلام حقيقي، والحرب لها مراراتها لكن «الدقيق لو تدفق ما بتخم كله» وفقد الولد ولا خراب البلد، وأكد أنه سيعمل على إنشاء قرى نموذجية آمنة لعودة النازحين حتى تستقر الأوضاع، وقال: «السلام قيمة عليا والتفاوض وسيلة للوصول للسلام»، وقال: لن نقبل أن تطمس هُوية المنطقة ولن نقبل ببار أو كنيسة في طاسي، وتقلي لكل الناس وكل القبائل أولاد حميد وكنانة وتقوي وكل قبائل تقلي، وحذر من الجريمة التي ارتكبتها الحركة الشعبية في منطقة حجير الدوم كنانة أن تتكرر مرة أخرى، وقال إن أبناء تقلي الآن ممثلون في الولاية وعدَّدهم وحيَّا الأحزاب المشاركة في حكومة الولاية وتعهد بإرجاع من أُبعد من وظيفته ظلماً، وقال: لدينا حلان إما استمرار الحرب أو إيقاف الحرب، وأكد أن الخاسر الأكبر من هذه الحرب أبناء المنطقة الشرقية، وقال صيغوا مذكرتكم في برامج ثم أخبروني عاوزين السلام والتنمية كيف. أعتقد أن كلام الوالي كان قوياً ومؤثراً لكن من الأهمية بمكان ودرءًا لآثار الكارثة إيلاء المنطقة أهمية فيما يتصل بالعمل الإنساني والإغاثي والدوائي وفتح المنطقة أمام الإعلام الوطني النزيه لكشف حجم الكارثة للرأي العام وفضح سوءات تحالف الحركة الشعبية والجبهة الثورية الذي دمَّر المنطقة.