أمس الأول كان نهاية غير سعيدة لمسيرة طويلة لناد عريق هو نادي الموردة الذي غادر البطولة الأولى في السودان بعد مسيرة حافلة بالبذل والعطاء والتأريخ التليد، كان يوم أمس الأول هو أطول يوم لأبناء الموردة الذين ظلوا يتغنون بفريقهم وبأمجاده وبطولاته، كيف لا وهو الفريق الذي يمثل ذلك الحي التاريخي العظيم الذي قدم للسودان الكثير في كل المجالات وقدم للسودان عددًا من أبنائه البررة الذين وضعوا بصماتهم في كل المجالات الثقافية والفكرية والاجتماعية والسياسية والعسكرية، هبط فريق الموردة بعد أن ظلّ في الممتاز منذ أن انطلقت بطولته في العام 95/96 وقد ظلّت الموردة وهلال الساحل الفريقين الوحيدين الباقيين في الممتاز من الفرق التي أسست البطولة مع الهلال والمريخ ولكن هلال الساحل هبط الموسم الماضي وهاهي الموردة تتبعه الآن، وفي هذا التقرير نلقي الضوء على المسيرة العامة للموردة وخاصة في الممتاز حتى هبوطها. بدايات الموردة فريق الموردة هو الفريق الذي يحمل اسم ذلك الحي العريق في أم درمان وهو يعتبر بحق شيخ وعميد الأندية في أم درمان بل وفي السودان إذ تأسس في العام 1927 قبل المريخ بعدة أشهر وقد اختار المؤسسون له شعارًا وهو شعار الهلب واللونين الأزرق والأحمر وهما لونا شعار الكلية الحربية والتي كان معظم طلابها والملتحقين بها من أبناء الحي وكان أول رئيس للنادي هو خالد سليمان جد المقدم السر بخيت السكرتر الأسبق لنادي الموردة، ظهر فريق الموردة في البطولات المحلية التي كانت تقام في ذلك الوقت مثل بطولة الحاكم العام وبطولة معهد القرش والتعليم وغيرها وقد تأسست أندية كثيرة في عدد من المدن باسم الموردة تيمنًا بها وكانت الموردة المنافس الأقوى لفريقي الهلال والمريخ في بطولة الدوري المحلي بالعاصمة المثلثة كما كان يطلق عليها في الماضي. الضلع الثالث كانت الموردة تمثل الضلع الثالث بعد الهلال والمريخ، إذ كانت غالبًا ما تأتي في الترتيب ثالث الدوري المحلي، ولم يسبق لها أن فازت بالدوري سوى مرة واحدة عندما لُعب الدوري في ستينيات القرن الماضي من دورة واحدة وحافظت على هذا الترتيب في الدوري الممتاز في سنواته الأولى واستطاعت في الموسم الأول للممتاز أن تحقق المركز الثاني عندما لعب الدوري، أما في كأس السودان بالنظام القديم فقد استطاعت أن تفوز به ثلاث مرات، وهكذا فإن الموردة تكون بنتائجها قد استطاعت أن تكون رقمًا مميزًا في خارطة الكرة السودانية ومثلت السودان في عدد من البطولات الإفريقية والعربية وقد سبق أن حققت مركزًا متقدمًا في بطولة الأندية العربية عندما وصلت للمربع الذهبي في قطر. أبرز لاعبي الموردة قدمت الموردة طوال تأريخها عددًا كبيرًا من اللاعبين الأفذاذ الذين قدموا الكثير للكرة السودانية عبر المنتخبات المختلفة طوال تأريخها ومن أبرز هذه الأسماء محمود ود الزبير، علي سيد أحمد، عمر التوم، عمر وبكري عثمان، عوض الكباكا، ختم، الصياد، عصمت الامتداد، مغربي، إلى الجيل الجديد الحالي والذين رفدوا عددًا من الأندية خاصة نادي الهلال والمريخ مسيرة الموردة في الممتاز ظلت مسيرة الموردة في الممتاز شبه ثابتة تتأرجح ما بين الوسط وأندية المؤخرة في السنوات الأخيرة بعد أن بدأت بداية قوية في بدايات انطلاقة الممتاز، وفي السنوات الثلاث الأخيرة تدهور مستوى الموردة كثيرًا وكانت مهددة في أكثر من موسم بالهبوط ولكن كانت تنجو بصعوبة من الهبوط حتى هذا الموسم الذي شهدت فيه الموردة نتائج هزيلة لا تشبه هذا الفريق العريق ففي 25 مباراة لم تحصد الموردة سوى 16 نقطة فقط وهي نسبة لا تساوي «1%» من مجموع نقاط المباريات ففي الدورة الأولى حققت 12 نقطة فقط وفي الدورة الثانية أربع نقاط فقط، وهكذا كتب لاعبو الموردة السطر الأخير في وداع الفريق العريق لدوري الأضواء وتلاشت نغمة «المورده بتلعب» التي ظلت أنشودة عذبة في شفاه جماهيرها داخل وخارج السودان. ثم ماذا بعد؟ لقد كانت مؤشرات هبوط الموردة ماثلة للعيان منذ فترة طويلة منذ أن بدأت الخلافات تدب بين أبنائها ولم تنعم بالاستقرار الإداري إذ لم يستطع أي مجلس إدارة منتخب أو معين أن يستمر حتى نهاية فترته إضافة إلى عدم وجود الأموال اللازمة لتسيير النشاط إزاء الصرف الكبير وعدم وجود موارد ثابتة مما أدى إلى أن تفقد الموردة عددًا من لاعبيها المميزين في السنوات الأخيرة، إن الفرصة الآن متاحة لإعادة النظر في كل ما حدث للموردة وعلى أبنائها أن يطرحوا كل التجارب السابقة على بساط البحث والدراسة المتعمقة وأن يتجردوا لخدمتها بصدق ويضعوا أسسًا جديدة وصارمة لقيادة الموردة لتعود من جديد أكثر قوة وإلا فإنها ستصبح مثل الفرق العريقة التي طواها النسيان في الدرجات الدنيا مثل النيل العاصمي والتحرير وبري.