بالطبع من المألوف أن يتم دفع أو «دفر» سيارة متعطلة بغرض تحريك محركها من جديد، لكن قطعاً من غير المألوف والمعقول أن يتم «دفر» طائرة بواسطة الأيادي على طريقة «هيلا هوب.. شد حيلك.. ارفع يا زول»، لكن هذا المشهد اللامعقول لم يرد في خيال كاتب درامي لمسلسل أو فيلم كوميدي من بطولة عادل إمام لكنه حدث بالفعل كفاحاً في أحد المطارات بالسودان، وقد روى الزميل أبو عبيدة عبد الله الحدث في مقال له هذا الأسبوع بعد أن تلقى شريط فيديو وثق الحدث الغريب بالصورة والصوت، ويقول الكاتب إن «الشريط المصور يظهر فيه أولئك القوم يقومون بعملية «دفرة» لطائرة تحمل علم السودان في أحد المطارات، يظهر في المقطع قوم أمام الطائرة وآخرون خلفها ويصيحون «أووو...أووو.. أوو.. طوالي طوالي، هااا.. هااا.. هااا، يلا.. يلا، ما يرجع ما يرجع»، وفي نهاية التسجيل تسمع صوت أحد الأشخاص يقول «البصور دا بنغالي ولا شنو؟ قول ليهو ما تصور». ونحن في رأينا أن المصور ليس بنغالياً بدليل أن المشهد تسرب إلى مواطنين سودانيين، ففي عهد ثقافة الواتس ساب والمنتديات عبر الشبكة العنكبوتية لم يعُد الأمر يحتاج إلى أجنبي جاسوساً كان أو وطنياً، فالعديد من الشباب باتوا مولعين بتوثيق الأحداث سواء كانت حوادث مرورية أو شغبًا أو تظاهرًا أو غيرها. وبالطبع القضية ليست في التصوير لكن في حدوث الحدث نفسه، ذلك الحدث الذي لا يمكن تجاهله لأن له علاقة بمدى التدهور الذي آل إليه استثمار الطيران في بلادنا والذي تؤكده حوادث الكوارث الجوية خلال السنوات القليلة الماضية وخروج عدد من شركات الطيران العالمية والوطنية من السوق. وبما أن الطائرات لدينا باتت تحتاج إلى دفرة أو «زقة» على الطريقة المصرية فنحن نقترح على السلطات المسؤولة إعلان المناقصة التالية: - يعلن السيد مدير السلامة الجوية عن حاجته إلى دفّارين أشداء على النحو الآتي: 1 أن تكون لديهم عضلات مفتولة وعرضها خمس بوصات على الحد الأدنى. 2- أن تكون لديه خبرة طويلة في مجال شد الحبل. 3- أن يكون عمل مساعداً في اللواري لفترة طويلة في المناطق الرملية ويمتلك خبرة كبيرة في مجال رمي الصاجات. 4- أن يمتلك لياقة بدنية عالية جداً تمكنه من شد الطائرات الضخمة. 5- ألّا يكون قد أُصيب بجرح من صاجة قبل ذلك وأصابعه سليمة وعريضة. 6- ألّا يكون مصاباً بالحساسية أو أمراض الشرايين أو من المدخنين أو متعاطي التمباك. 7- أن يكون كتوماً ومن الذين يحفظون أسرار العمل ولا يحبون الثرثرة والشمارات. 8- الذين سيتم اختيارهم سيخضعون إلى اختبارات عملية في أماكن رملية وبواسطة لواري ماركة فورد موديل «1937» ويُشترط اجتياز الاختبار بتحريك محرك اللوري العتيق بدفرة واحدة أو اثنتين. 9- سيتم صرف أغذية للمشاركين في الاختبار عبارة عن موز وعصائر مركزة وكبدة على أن يتم تسديد الرسوم البالغة مائة وخسمين جنيهًا لا تُرد عند الرسوب. 10- المدير غير مقيد بقبول أي عطاء مخالف لهذه المواصفات، وتُرسل الطلبات باليد، وعلى المتقدمين إبراز صور فتوغرافية إن وُجدت توثق حالات الدفر القوية التي قاموا بها في الصحاري والأماكن الرملية، ويفضل ألّا يقل موديل العربة عن بيجو مكوي كحد أدنى.