فاجعة كبرى ارتُكبت في بلادنا بمنح مجلس شؤون الأحزاب السياسية الإذن بتسجيل ما يسمى بالحركة الشعبية لتحرير السودان، وتكوين حزب سياسي بهذا الاسم، استناداً للمادة «15««4» من قانون الأحزاب السياسية لسنة 2007م والمادة «11»« 1» من لائحة تسجيل الأحزاب السياسية، بعد أن تقدم عدد من أعضاء الحركة الشعبية قطاع الشمال بطلب تسجيل حزب سياسي باسمها عقب فشل كل مخططاتها الدنيئة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.. ومهما كانت المبررات والدوافع في سياسة الانبطاح وسوء التقدير التي تمارس في معالجة القضايا الحساسة والكبيرة، فإنه لا يمكن أبداً القبول بهذا الحزب الذي جاءت أهدافه متطابقة مع أهداف الحركة الشعبية الأم التي غادرتنا بلا عودة إلى الجنوب بعد انفصاله، وتركت أذيالها هاهنا ليواصلوا المؤامرة والكيد وطعننا في الظهر كما دلّت الأحداث بعد ذلك. أول هدف من أهداف هذا الحزب المزمع تسجيله، هو بناء مشروع السودان الجديد ..!! يا للعار ... مشروع السودان الجديد مرة أخرى، هو المشروع الذي لفظه الشعب السوداني كما يلفظ الجسم الصحيح أي عنصر غريب عليه لا يمتّ إليه بصلة، وهو مشروع لتدمير بلادنا وتغيير توجهاتها وهُويتها وعقيدتها ووجودها وثقافتها، لم يكن يوماً نتاج فكر سوداني، إنما هو وليد العقلية الصهيونية - المسيحية المتطرفة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، تم تلقينه للهالك جون قرنق الذي أُعدَّ خصيصاً لتنفيذه ووُلدت الحركة الشعبية عام 1983 من أجل قيامه، وشاء الله أن يطيش السهم ويخيب المسعى وينجي الله بلادنا من السم الزعاف والابتلاء العظيم أن يحل بها.... وعندما فشلت كل المحاولات لزراعة هذه البذرة الحرام، غادرت الحركة الشعبية تجرجر أذيال خيباتها بعد أن استيأست من أن يجد مشروعها موطئ قدم في أرض السودان.. لكن التخطيط الخبيث استمر لغرس الخناجر المسمومة في النيل الأزرق وجنوب كردفان، وقبل أن تجف دماء الشهداء في هاتين الولايتين، وقبل أن تزول آثار الدمار ورائحة الحرب والبارود من جراء حرب الحركة الشعبية في ولاياتنا المنكوبة، يتفاجأ الشعب السوداني وكل الوطنيين والحادبين على أمن وسلامة بلادهم، بالحركة الشعبية تطل برأسها المأفون وصورتها الكالحة من منصة تسجيل الأحزاب السياسية، كأنها حمل وديع ومجموعة بريئة لا حول لها ولا قوة، تستخف بدم كل شهيد من القوات المسلحة، وتمد لسانها استهزاء بأمتنا الصابرة التي كظمت غيظها طيلة فترة نيفاشا ووضعت يدها على جرحها النازف... الحزب باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان المراد تسجيله، لم يعلن تخليه عن نهج الحركة الشعبية الأم وتوجهاتها وأهدافها، بل تبنى ذات الأهداف، ولم يقل شيئاً في تنظيمه المسلح «الجيش الشعبي» ولم يعلن مؤسسو هذا الحزب تخليهم صراحة عن العمل المسلح وتسريح عناصره التي لا تزال في الجيش الشعبي، ولم يتحدثوا في أهدافهم ووسائلهم عن ضرورة حل الجناح العسكري ورفضه أو الإفصاح عن مصيره، فهم ذاتهم كانوا أي المؤسسين كانوا في صفوف هذا الجيش وفق هياكل الحركة الشعبية قبل التسجيل... كيف يعطى حزب بهذا التكوين والخلفية الإذن بالتسجيل والسماح بقيام حزب عميل لدولة أجنبية وشعاره هو شعارها، وهو علم دولة الجنوب مع إضافة أربع نجمات لتكون خمس نجمات بدلاً من نجمة واحدة..؟؟!!! وحتى الاسم لم يتخلوا عنه .. بالله تحرير السودان مِن مَن وكيف ولماذا..؟؟؟ مجلس شؤون الأحزاب أعطى الإذن مع فتح الباب للطعون، وحتماً هناك من سيطعن في هذا الحزب، لكن ما كان من الصواب الاستجابة لهؤلاء المؤسسين من أعضاء الحركة الشعبية وقطاع الشمال دون أن يعلنوا صراحة تخليهم عن نهج حركتهم الأم ولفظهم لأهدافها وإدانتهم الصريحة لأفعالها ونبذ حتى اسمها وشعارها وعَلَمها. ندعو كل وطني شريف وغيور على بلده للانضمام لحملة الطعن ضد هذا الحزب ومحاصرة قرار مجلس شؤون الأحزاب، والمضي في حملة سياسية وقانونية وإعلامية حتى نجتث الحركة الشعبية وبقاياها من بلادنا .. وعلى الحكومة والدولة ألّا تقدس اللوائح والقوانين إن كانت ضد إرادة الشعب ولا تعبِّر عن قِيمه وتوجهاته وأخلاقه... ولا نامت أعين الجبناء.