تدخل فرنسا في مالي.. ليس من باب محاربة الإرهاب.. كما يبدو من ظاهره.. فمحاربة الإرهاب مظلة استعمارية لأمريكا ودول الغرب الامبريالي.. فالإرهاب تحاربه الدول التي بها إرهاب.. ففرنسا هدفها من التدخل في دولة «مالي» مستعمرتها القديمة هو إعادة نفوذها على مالي ومستعمراتها في غرب إفريقيا «السنغال.. النيجر.. بوركينا فاسو.. وموريتانيا».. مصالحها هي التي دفعتها للتدخل العسكري في مالي الغنية بالنفط والثروات المعدنية.. فرنسا شعرت بأن مستعمراتها القديمة بدأت تتوجه إلى الولاياتالأمريكية وأن دولاً جديدة بدأت تتغلغل إليها كالصين وإيران تريد أن تحمي مصالحها في مالي.. فهي تمتلك أكبر شركة اتصالات هي شركة «اورانج» ولها شركات كبيرة تعمل في تنقيب الذهب فعدم استقرار مالي سيعرقل مصالحها.. فلذا اتجهت بكل ثقلها لتحسم التمرد في مالي لأنها تعلم أن مالي هي ثالث دولة في إنتاج الذهب بعد جنوب إفريقيا وغانا فدولة مالي تنتج «49» طنًا مكعبًا من الذهب.. ومالي بها احتياطي كبير من البترول فقد تم اكتشاف النفط واليورانيوم والفوسفات في شمال مالي من قبل شركة إيطالية.. والصين ذلك «التنين» الآسيوي.. الذي دخل القارة السمراء.. تحصلت على حق التنقيب عن اليورانيوم في شمال مالي خلال حكم الرئيس المالي «أمادو».. فدخول فرنسا عسكريًا.. تدخل وراءه مصالح ليس في مالي وحدها فعيونها على «اليورانيوم» الموجود بكميات ضخمة في الصحراء الإفريقية.. ففرنسا احتياجها للكهرباء يعتمد على الطاقة النووية بحوالى 75% والطاقة تُوجد في شمال مالي وشرق النيجر.. إضافة للنفط.. ففي النيجر شركة «أريفا» التي تزود أكثر من ثلث محطات فرنسا بالطاقة النووية.. ففرنسا التي تحسب أن مالي وجارتها هي حديقتها الخلفية وتريد أن توقف الزحف الأمريكي على مستعمراتها.. سيما وأن الولاياتالمتحدة.. قد اختارت شمال مالي مقراً لقاعدتها العسكرية «آفريكوم».. فالولاياتالمتحدة أرادت أن تقيم هذه القاعدة.. لتتمكن من مراقبة منطقة شاسعة من إفريقيا.. منطقة تمتد من الصومال حتى موريتانيا في غرب إفريقيا.. لتكون قاعدة ثانية.. لقاعدتها في ألمانيا.. التي تغطي أوربا.. ففرنسا هرولت إلى مالي.. لتعيد رسم دائرة نفوذها.. فتخوفاً من الصين أسرعت إلى مالي لتوقف الزحف الصيني والأمريكي. وأما محاربة الإرهاب فهي تأتي من باب التحكم الأمني على مالي.. ودول المجموعة الفرنكفونية.. فهي بالتأكيد قادرة على السيطرة والهيمنة على مالي والمجموعة الفرنكفونية.. لأنها تملك مفاتيح ليست بيد الصين ولا الولاياتالمتحدة.. فهي تملك العلاقات الثقافية فاللغة الفرنسية هي اللغة التي تحكم السوق في تلك الدول.. فمعلوم أن الاستعمار الفرنسي.. كان استعمارًا ثقافيًا.. عبره تمكنت فرنسا من الهيمنة والسيطرة على شعوب مالي.. النيجر.. تشاد.. السنغال إلخ... فها هي فرنسا.. بجيوشها تعود إلى مالي مستغلة ثغرة «الإرهاب».. تعود غاضبة.. على تلك الدول التي تريد إمتلاك مناطق نفوذها.. ففرنسا طموحها أكبر من دول غرب أوروبا فهي تطمح في دارفور.. التي بحساباتها أنها امتداد لتشاد.. ففرنسا ليست كبريطانيا وبقية الدول الاستعمارية الأخرى.. فهي تحافظ على مستعمراتها القديمة.. ولا تمانع من التدخل عسكرياً فيها.. كلما أحست أن مصالحها تضررت.. فقد تدخلت عسكرياً في إفريقيا أكثر من «50» مرة.. فلا غرو أن تدخل عسكريًا في مالي.. فمخطئ من ظن أن الاستعمار قد رحل.