سخر أحد الروس فى أحدث استطلاع للرأي أجراه أحد مراكز الرأي فى موسكو، قائلاً إن عودة بوتين لرئاسة روسيا لن تضيف لحياته شيئاً جديداً، إلا أن قلة الخيارات ستدفعه للتصويت لبوتين فى انتخابات الرئاسة العام القادم، حيث أعلن حزب روسياالمتحدة أن مرشحه للرئاسة للعام القادم سيكون فلاديمير بوتين ومرشحه لرئاسة الوزراء ورئاسة الحزب الرئيس الحالي مدييف، ويعكس تدني شعبية بوتين التي قاربت الخمسين في المائة في آخر استطلاع للرأي، عدم اكتراث الروس في الأحداث السياسية في بلادهم بالوعود التى يطلقها بوتين بإصلاح الاقتصاد ومحاربة البطالة والفساد، وجاءت إقالة وزير المالية اليكسي كوردين الحليف القوى لبوتين إثر خلافه مع الرئيس الحالي مدييف في خطته لزيادة الانفاق العسكري للسنوات الثلاث القادمة بحوالى 2.1 تريليون روبل ما يعادل 66 بليون دولار تعادل 3% من الدخل القومي لتزيد من مخاوف الروس من قادم الأيام، حيت يعتبر كوردين من أكثر التكنقراط نزاهةً، وقد عبر باقتصاد روسيا إلى بر الأمان خلال الأزمة الاقتصادية العالمية. ويرى أحد المراقبين الروس أن عودة بوتين فى ظل قتامة المشهد السياسي في روسيا ستعني عودة الركود للحياة السياسية في السنين القادمة، مشبهاً هذه الأيام بصورة المشهد السياسي خلال حقبة السبعينيات في عهد الرئيس الراحل بريجينيف، وفي ظل انصراف الروس عن تعاطي السياسة وسيطرة بوتين وانصاره على كل مفاصل الاعلام والاقتصاد وضعف المعارضة الداخلية، ستكون الفرصة مواتية لبوتين لحكم روسيا لدورتين حتى عام 2024م بعد تعديل الدستور، لتصبح الدورة الرئاسية ست سنوات دون معارضة تذكر، فالحزب الشيوعي الروسي مازال يعاني آثار البريستروكيا وجمود برنامجه الانتخابي الذي لا يلبي تطلعات الشعب الروسي، خاصة جيل التسعينيات من الشباب الذي عاش سياسة الانفتاح خلال عهود يلتسين وبوتين ومدييف، بينما تضاءل نفوذ الحزب اليميني الروسي نتيجة لانحسار المد اليميني في أوروبا لغياب المنهج والرؤية لمعالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية المتداعية فى أوربا. وتبشر هذه الأحزاب ببرامج عنصرية اقصائية للأجانب، وتظل روسيا تفتقر إلى مقومات الحكم الرشيد ومحاربة الفساد والبطالة والتوزيع العادل للسلطة والثروة، حيث لا يتمتع أكثر من 70% من الروس بعائدات النفط والغاز في دولة تنتج حوالى عشرة ملايين برميل من النفط، وتتربع على عرش منتجي الغاز في العالم. وتسيطر شبكة العلاقات التى قامت عليها سلطة بوتين من بطانته التي حكمت مقاطعة بطرسبيرج خلال عهد الرئيس الراحل يلتسين وضباط ال «كى. جى. بى» الذين استعان بهم لتوطيد أركان حكمه بعد انقلابه الشهير على يلستين، بجانب طبقة رجال المال والأعمال الموالين لحزبه والتي خلفت الطبقة الفاسدة التي عاشت خلال عهد الرئيس السابق يلستين، وسيطرت على كل مفاصل الاقتصاد والإعلام بخصخصة هذه المرافق وبيعها بأبخس الأثمان، ورغم كل هذه التحديات إلا أن الشعب الروسي مازال يدين بالعرفان للرئيس بوتين لنجاحه في إعادة كل هذه المرافق إلى سلطة الدولة، وإيقافه خصخصة أكبر شركة بترول وغاز في العالم وهي غاز بروم، بجانب محاكماته الشهيرة لبطانة الرئيس السابق يلتسين وأغلبهم من رجال المال اليهود الذين عاثوا في روسيا فساداً عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، وكانوا على مرمى حجر من بيع الكرملين كما علق أحد الروس الساخرين. ويظل التأثير الروسي في السياسة الخارجية محدوداً، حيث ورث الرئيس بوتين كل علاقات الاتحاد السوفيتي القديم بتعقيداتها في سوريا وإيران وكوبا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي القديم الذين آثروا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مما شكل خطراً عسكرياً وسياسياً لروسيا فشلت كل محاولات بوتين لإيقاف تداعياته، وولدت هذه العلاقة حالة من الشد والجذب مع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو. ورغم ذلك يظل الإنجاز الشخصي لبوتين متفرداً بين رصفائه من رؤساء العالم، ففي حالة انتخابه سيكون الرئيس الوحيد الذي يتم انتخابه لأربع دورات متتالية، وهي حالة نادرة لم تحدث في الغرب إلا في عهد الرئيس الأمريكي الراحل روزفلت الذي انتخب لأربع دورات مختلفة، وسيكون القيصر الأطول عمراً بعد ستالين في قائمة الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم روسيا منذ قيام الثورة البلشفية في عام 1917م.