سنتحدث فيما يلي وفي إيجاز شديدأيها السادة في سوداننا العزيز، عما يجري في هذه الآونة في بلادنا وهو يدعو للحزن الشديد، البعض يطالب بحل الأجهزة الأمنية والبعض الآخر يطالب بزيادة مرتباتهم، وهناك من يطالب بكل أسف بأن تحمينا دول أجنبية مثل الاتحاد السوفيتي والصين ..الخ. أيها السادة، علينا أن نعتمد على أنفسنا في الدفاع عن السودان ولجوء البعض منا لتنظيم المظاهرات في لاساحات لإقصاء الحزب الحاكم نقول لهم إن بعض أبنائكم يشاركون في حكومة الإنقاذ. ألا تخجلون من أنفسكم وأنتم تطالبون بأن تحميكم دول أجنبية ولا داعي لذكر الدول التي تودون أن تحميكم أيها السادة وكما ذكرت في مرات عديدة أن نحافظ على ما تبقى من بلادنا في حدود 1956م أمام الخضوع لضغوط الصهيونية السوداء سوزان رايس مندوبة الولاياتالمتحدة في مجلس الأمن، وعلينا أن نحافظ على كرامتنا فأمريكا واسرائيل تعملان كل ما في وسعهما للسيطرة على الدول بما فيها السودان وقد ذكر كسنجر وزير خارجية الولاياتالمتحدةالأمريكية الأسبق وهو صهيوني ألماني تجنس بالجنسية الأمريكية ذكر أن اسرائيل ستعمل على احتلال دول في الشرق الأوسط بما فيها السودان وفيما يلي سنتحدث عن موضوع هذا المقال. والجدير بالذكر ان كسنجر كتب هذا المقال في صحيفة الشرق الأوسط الدولية بتاريخ 2001/8/12م العدد رقم (8293) ونحن نورد هذا المقال لكي يعرف متخذو القرار في بلادنا وغيرهم أن الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسيا كلتاهما تعاديان الاسلام، وعلينا ألا نخدع أنفسنا وننظر للأحداث بعيون مفتوحة وليس بعيون الأموات!! تقف ادارة جورج بوش بعد ستة أشهر على وصولها إلى البيت الأبيض، على أعتاب حقبة جديدة لعلاقات مرحلة ما بعد الحرب الباردة، لقد توفرت للادارة الحالية فرصة نادرة إذ لأول مرة بعد الحرب العالمية الثانية لا توجد دولة في العالم في موقع يمكنها من تشكيل أي تحد للولايات المتحدة، علاوة على ذلك حظيت الدول الرئيسية بمزيد من المكاسب من التعاون مع الولاياتالمتحدة وليس في مواجهتها. أوضح دليل على ذلك علاقة الولاياتالمتحدة الحالية مع روسيا، إذ يمكن القول ان هذه العلاقة يمكن أن تصبح رمزاً ونموذجاً لهذه المرحلة الجديدة، فموافقة الرئيس فلاديمير بوتين على طرح قضية الأسلحة النووية الدفاعية للنقاش وتعديل الاتفاقيات القائمة حول الدفاع الصاروخي تظهر بوضوح أنه أكثر ادراكاً للواقع الدولي الناشيء. لقد أسس كل من ميخائيل غورباتشوف وبوريس يلتسين نجاحهما من خلال صراع الموت والحياة الذي قاد إلى احتلالهما لمنصبيهما في المكتب السياسي للحزب الشيوعي الحاكم سابقاً. فقد اعتاد كلاهما على وضع الاتحاد السوفياتي السابق كقوة عظمى مساوية في النفوذ للولايات المتحدة كانا يعتقدان أن حالة الاضطراب وعدم الاستقرار في روسيا لا تعدو أن تكون حالة عارضة ستزول قبل استئناف روسيا لمهمتها في المسرح العالمي، لذا فقد تأرجحت مواقفها بين لعب دور رئيس دولة عظمى في وضع مكافئ للرئيس الأمريكي واللجوء إلى بعض السياسات السوفياتية التقليدية القائمة على معارضة الولاياتالمتحدة ومنافستها في مناطق مثل الشرق الأوسط والبلقان. وبخلاف غورباتشوف ويلتسين فإن نجاح بوتين وتدرجه في العمل جاء من خلال تجربته في جهاز المخابرات السوفياتي السابق (كي جي بي) وفي وقت لاحق من خلال عمله كنائب لعمدة مدينة (سانت بستربرغ). لقد اكتسب بوتين من خلال عمله في (كي جي بي) خبرة جيدة في مجال تحليل الأوضاع الدولية، كما أن تجربة العمل كنائب للعمدة أكسبته خبرة مفيدة ووضعته وجهاً لوجه أمام مأزق اعادة بناء روسيا ما بعد الحقبة السوفياتية، وشأنه شأن غيره يريد بوتين استعادة دور روسيا ما بعد الحقبة السوفياتية، على العكس من غورباتشوف ويلتسين، ان هذه عملية طويلة المدى لا يمكن أن تنجز بين يوم وليلة. وفيما يتعلق بالتاريخ الروسي فإن البعض يقارن بوتين بالأمير إليكساندر غورتشاكوف الذي كان مسؤولاً عن السياسة الخارجية لروسيا لمدة 25 عاماً في أعقاب الكارثة الروسية في حرب القرم عام 1965م، فمن خلال السياسات المتأنية القائمة على الوفاق وتجنب الأزمات نجح غورتشاكوف في اعادة روسيا إلى وضع قيادي دولي بعد سنوات من العزلة والضعف. أعلن بوتين في أول بيانات أصدرها عندما كان رئيسا للوزراء عام 1999م وفي وقت لاحق عندما أصبح رئيس للبلاد عام 2000م أن استعادة عظمة ونفوذ روسيا ستظل هدفاً وطنياً رئيسياً وأولوية مهمة. طبقاً لما تبدو عليه الأوضاع في روسيا الآن يبدو أن أولويات بوتين في المرحلة الراهنة تتركز في خمسة جوانب هي: أولاً انعاش الاقتصاد الروسي ثانياً استعادة دور روسيا كقوة عظمى، ويفضل تحقيق هذا الهدف من خلال التعاون مع الولاياتالمتحدة، وان دعا الأمر من خلال بناء مراكز قوى موازية، ثالثاً مكافحة ظاهرة الأصولية الإسلامية، رابعاً اقامة علاقة أمنية جديدة مع أوروبا خصوصاً فيما يتعلق بتوسيع حلف شمال الأطلسي (ناتو) باتجاه جمهوريات البلطيق خامساً التوصل إلى حل بشأن قضية الدفاع الصاروخي. هذه الأولويات توضح التوجه الوفاقي لبوتين فيما يتعلق بمسألة الدفاع الصاروخي فالمواجهة مع الولاياتالمتحدة ستستنزف موارد روسيا وتشجع دون شك العودة إلى توجهات ما بعد الحرب العالمية الثانية، أما التعاون فسيصبح بالتأكيد رمزاً لحقبة جديدة وربما يؤدي إلى التوصل إلى تقدم مشترك في التكنولوجيا المضادة إلى الصواريخ وبتكلفة تستطيعها روسيا، ذلك أن حجم الترسانة النووية الروسية وترسانة صواريخها ستمنع أي دفاع صاروخي محتمل يهدد القدرة الروسية على الرد على مدى فترة ال25 عاماً المقبلة. وعلى الصعيد السياسي، يعتبر التحدي الذي تشكله الأصولية الاسلامية هماً يشغل الحكومة الروسية في الوقت الراهن، فالقادة الروس ينظرون إلى نظام طالبان في أفغانستان وإلى ايران وباكستان كأخطار تهدد جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق التي استقلت حديثاً وهي أوزبكستان وأذربيجان وقازقستان وتاجيكستان وتركمنستان، علاوة على ذلك تخشى موسكو من الايدولوجيات المتشددة التي قد تدعو إلى استعادة الأراضي في محافظات روسيا الجنوبية. الولاياتالمتحدة من جانبها لها مخاوفها الخاصة المتعلقة بانتشار الأصولية الاسلامية باتجاه المملكة العربية السعودية وباكستان ومنطقة الشرق الأوسط بصورة عامة هل يتخيل أحد وجود سياسات متزامنة ومتوافقة مع روسيا حول الشرق الأوسط بما في ذلك آسيا الوسطى وافغانستان وايران والبلقان فيما يتعلق بروسيا على الأقل؟ كانت الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي السابق على قناعة خلال حقبة الحرب الباردة بأن كسب أي نفوذ بواسطة واحد من الطرفين يعد في الأساس اضعافاً لوضع الطرف الآخر على الصعيد العالمي، ورغم المشاورات التي هدفت في الكثير من الأحيان لمنع انفلات الأزمات من نطاق السيطرة فإن الاستراتيجية الرئيسية لكل طرف كانت قائمة على العمل على اضعاف الطرف الآخر. فلا يمكن لأي طرف تحقيق مكاسب دائمة على حساب الطرف الآخر في الشرق الأوسط. ربما تعتقد موسكو من خلال مساعدتها لايران في المجالين الصاروخي والنووي انها ستؤثر سلباً على فرص الولاياتالمتحدة في المنطقة. وفي الوقت ذاته وبالنسبة لروسيا فإن تقدم ناتو إلى ما يقرب من 40 ميلاً من سانت بيترسبرغ وفي دول تعتبر حتى الحقبة الماضية جزءاً من الاتحاد السوفياتي لابد وأن يثير المتاعب بغض النظر عن التأييدات والضمانات المقدمة ان رد فعل روسي على انضمام دول البلطيق للناتو سيؤدي إلى رد فعل روسي قوي حتى ولو كان لمجرد الحفاظ على موقف حكومة بوتين الداخلي ومن ناحية أخرى من المستحيل أخلاقياً وسياسياً تجاهل أو تأجيل نداءات ديمقراطيات البلطيق. ان عضوية روسيا في الناتو ستنهي الضمانات ضد تدخل روسيا وهو الأمر الذي ترغبه الدول التي كانت تخضع للاحتلال الروسي بما أن الناتو لم تقدم ضمانات ضد هجمات من الدول الأعضاء في الحلف إن ذلك سيخضع في النهاية للناتو كما هو الآن. وبعد انضمام روسيا فإن التحالف سيصبح اما منظومة أمنية جماعية أو تحالفا لدول شمال الأطلنطي ضد الصين، وهي خطوة ذات عواقب وخيمة طويلة المدى. من المرغوب فيه تحسين علاقات روسيا مع الناتو بحيث يختل موضوع الأمن كما حدث بين ألمانيا وفرنسا بعد الحرب العالمية الثانية. يجب الترحيب فوراً بروسيا في المنظومة السياسية لحلف الناتو ولكن يجب تأجيل العضوية في الجناح العسكري ويمثل ذلك التحديات التالية: 1- يجب رفع مستوى العلاقات الأمريكية الروسية من المستوى النفسي إلى المستوى السياسي، فلا يجب جعلها تعتمد على العلاقات الشخصية للقادة ويتطلب ذلك ترابط الهدف والمضمون. وفيما يتعلق بالدفاع الصاروخي ليس من المرجح أن تمنحنا روسيا إذناً مفتوحاً يجب أن تتركز المناقشات حول مشروع أو مشاريع محددة. 2- وفي المجال السياسي يجب ربط ضروريات الحاضر بآمال المستقبل، وينطبق هذا بصفة خاصة على علاقات أمريكا بالناتو الذي يعتبر الوحيد الذي يربطنا بأوروبا ولكنه ينطبق أيضاً على علاقات أمريكا مع الصين واليابان. 3- ستسعى روسيا من نفس المنطلق للحفاظ على نفوذها في مناطق ذات أهمية تاريخية وجيوسياسية بالنسبة للدولة الروسية وتحوط في حالة فشل الجهود لخلق قاعدة للعلاقات الروسية الأمريكية مع الصين وكوريا الشمالية. 4- يفرض كل ذلك الحاجة لأفكار جديدة في السياسة الأمريكية فمع سياسة خارجية حكيمة يجب على أمريكا في المستقبل المنظور أن تصبح في موقع يسمح لها بخلق حوافز تتيح لكل من روسيا والصين الحصول من العلاقات التعاونية مع الولاياتالمتحدة على أكثر مما تحصل عليه من المواجهة. 5- العلاقات المجمدة التي كانت سائدة في الحرب الباردة لا تناسب عالماً لا توجد فيه عداوات رئيسية أصبح فيه الخط الفاصل بين الأصدقاء والأعداء في مرحلة انتقالية في عديد من المناطق وفي مثل هذه الظروف فإن الولاياتالمتحدة في حاجة إلى إعداد دبلوماسية تمنع تهديدات المصالح والقيم الأمريكية الأساسية بدون تحديد العداوات مسبقاً وعن طريق سياسة معتمدة على أوسع اجماع دولي ممكن بخصوص الأهداف الايجابية. خارج النص: نحن ندعو منذ سنوات بأن يكون هناك متحدث رسمي واحد في كافة مؤسساتنا الأمنية والتربوية والفنية، والمتحدث الرسمي في العادة يكون ذا مستوى عالٍ من الثقافة والوعي وسرعة البديهة، ويحضر كافة الاجتماعات التي يعقدها متخذو القرارات وتطبق هذا كافة الدول ما عدا السودان بكل أسف، فكل واحد يعتبر نفسه متحدثاً رسمياً وسوف أذكر دليلا على ما ذكرت ففي المؤتمر الوطني كل واحد جعل من نفسه متحدثاً رسمياً وهذا لا يحدث مثله في كافة الأحزاب في أوروبا وغيرها. البترول أيها السادة في سوداننا العزيز مادة حيوية ضرورية للطاقة، ولكن أحد المسؤولين في المؤتمر الوطني -لا داعي لذكر اسمه- ذكر ان المشروعات التي تمت اقامتها بأموال البترول ستنهار، ونسائل في أسف هل الأموال التي تم رصدها في اقامة سد مروي وتعلية خزان الروصيرص وكوبري الدويم وغيرها من المشروعات الحيوية ساهم معنا فيها بعض الدول الشقيقة؟. *ماجستير ودكتوراة في فلسفة التربية بجامعة كنيدي ويسترن الأمريكية