قبل عامين نشر بهذه الصحيفة الدكتور محمد عبد الله الريح مقالاً بعنوان «هل أنا موهوم وسافل» في عتابه الذي وجهه للشيخ محمد مصطفى عبد القادر حاول فيه توجيه عتاب وتبرير لما كان قد نشره بشأن قتل الوزغ «وهو الذي يطلق عليه الضب في مجتمعنا»، وكان على أثره أن نشر الشيخ محمد مصطفى بنفس الصحيفة اعتذاراً كان عنوانه: «أخي الدكتور لك العتبى حتى ترضى ولكن»..، وقد كتبتُ وقتها مقالين علّقتُ في الأول منهما على مقال د. محمد عبد الله الريح، فقد جاء في مقاله بأخطاء علمية ومنهجية في الاستدلال هي بلا شك أسوأ مما نشره سابقاً، وردّ عليه الشيخ محمد مصطفى فيها في المقطع المتداول ومن ذلك استدلاله بحديث ورد بشأن الضب الذي يؤكل وهو المعروف في السنة بهذا الاصطلاح استهلاله به في شأن «الوزغ» الذي أمر النبي عليه الصلاة والسلام ورغّب في قتله.. وقد حذف د. الريح من الحديث عبارة تبين أن من كان يحمله كان يريد أكله.. وهي عبارة توضح الفرق بين المستدل به والمُستَدَل له!! وفي المقال جاء د. الريح بمجازفات خطيرة مثل قوله: «أولاً: من حقي أن أتشكك في صحة الحديث المذكور مهما كان قدر الذين قاسوه وفي رأيهم إنه صحيح.. والقضية كلها قضية اجتهاد وكما أنهم بشر مثلي احتمال صوابهم وخطئهم وارد، فأنا أيضاً يمكن أن أخطئ وأصيب إذ لا أحد معصوم» ومما قال أيضاً: «ثالثاً: الحديث بروايتيه تلك «في نظري» لا يشبه بلاغة الخطاب النبوي ولا يحمل نكهته «قارنوا هذا الذي يسمونه حديثاّ بجزالة اللفظ وقوة العبارة ونفاذها في خطبة الوداع. أو في مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم لربه يوم أن تعرض للأذى من بني ثقيف بالطائف». وقال أيضاً: «رابعاً: الرسول صلى الله عليه وسلم» كان خلقه القرآن «بشهادة السيدة عائشة رضي الله عنها.. فإذا كان الذي أذنب في زمن سيدنا إبراهيم هو ضب أو وزغ بعينه فكيف يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم بإبادة «أمة الضبوب». وقال أيضاً: «وقد تشككت في صحة الحديث حسب فهمي ومقاييسي الموضوعية».. قلتُ: هذا مما قاله د. محمد عبد الله الريح في عتابه للشيخ محمد مصطفى وهو كلام خطير يحكي منهجية عجيبة في ردِّ الأحاديث، وقد علّق الشيخ محمد مصطفى على مقال د. محمد الريح في الجانب المتعلق بعتابه ولم يتطرق للرد على هذه الأخطاء الفادحة التي أوردها د. الريح في تعامله مع الأحاديث النبوية، وقد كتبت مقالاً رددتُ فيه على الدكتور محمد الريح وتناولت فيه هذه العبارات واحدة واحدة وطالبتُه ضمن الرد بتوضيح البتر الذي حصل في الحديث الذي أورده في سنن البيهقي ولم يجب حتى الآن، ومقالي منشور بهذه الصحيفة وكذلك مقال التعليق على ما كتبه الشيخ محمد مصطفى السابق كلاهما في قائمة مقالاتي في عمودي بالموقع الإلكتروني للصحيفة. وأما الشيخ محمد مصطفى فقد ردّ على مقالي بعد سويعات من نشره، فقد نشر المقال يوم الجمعة 2 نوفمبر 2011م، وبعد صلاة الجمعة من نفس اليوم علّق الشيخ محمد على المقال وتم تصوير رده ورفع على «اليوتيوب» بعنوان: «الرد الشافي على عارف الركابي».. فوُصِف الردُّ بأنه شافٍ!! وقد سمعتُه في وقته ولم أحب أن أعلق عليه وأمسكت طيلة العامين السابقين عن التعليق وسأبين لاحقاً إن شاء الله سبب نشر تعليقي الآن، ومما هو معلوم إن الردود والمناقشات العلمية عند أهل السنة والجماعة جانب مهم ومعروف والرد على المخالف من أصول الإسلام، وعن نفسي أرحب بأي رد يتناول ما أكتب أو أنشر في الكتب أو الصحف أو الأشرطة، ولمّا كان كثير مما أنشره هو مناقشة وردود فإني لا أضيق ذرعاً ممن يرد علي مهما كان ردّه؛ بل أفرح بذلك إذ المقصود هو إظهار الحق وبيانه وتوضيحه، وقد ورثنا عن أئمتنا كالشافعي وغيره أنهم يفرحون بإصابة من يناقشونه وموافقته للحق ويسعدون بإظهار الحجة على يد من يناقشونه.. وهو مقام جليل ينبئ عن إخلاص وتجرد لقبول الحق، كما أن من البدهيات التي غابت على كثيرين للأسف أن الرد والمناقشة العلمية لا يلزم منها إسقاط أو الدعوة لإسقاط المردود عليه، وفي ذلك حالات معلومة وضوابط مشهورة ذكرها العلماء ونشرتُ بعضها قبل أيام في سلسلة حلقات بعنوان: «معالم منهج السلف في الرد على المخالف».. أقول: استمعت إلى تعليق الشيخ محمد على مقالي وقد سمي ب «الرد الشافي على عارف الركابي» فإذا هو: «خارج عن محل النزاع»!! إذ المقال في جهة والردُّ في جهة أخرى!! وربما كان للعجلة دور في الرد دور في ذلك!! كيف ذلك؟! أقول: تعليق الشيخ محمد مصطفى ورده كان في شأن: «الشدة الأسلوب وتبريرات الغلظة» بل وزاد ونسب لي ما لم أقله أني لا أحبذ ذكر الأسماء في الردود!! وقارنَ بيني وبين الأخ الصحفي ب «الإنتباهة» علي البصير.. وقال: ما قيل في الرد على البصير يقال في الرد عليّ! فأقول: كلامك يا شيخ محمد ليس في محل النزاع بل خارج عنه، وفي أمر لا أخالفك فيه، فالغلظة في الرد على المخالف والشدة في موضعها من الحكمة، وقد نشرتُ مقالات في ذلك منها مقال: «الحكمة في الدعوة إلى الله»، وردودي المنشورة في ذلك واضحة وقد تضمن بعضها الشدة على سبيل المثال ردودي على الكاتب علي يس بهذه الصحيفة التي بلغت «13» مقالاً، وردودي على البرعي والترابي والصادق المهدي وغيرهم، وغيرها من الردود التي ذكرت فيها أسماء المخالفين في عنوان المادة أو المقال.. فقد جاء تعليقك والذي وصف بأنه «شافِ» خارج محل النقاش أو النزاع! فإنك إذارجعت للمقال تجد عباراتي التالية أعيد بعضها ليتضح لك أن ردك الموصوف بأنه «شاف» ليس هو في موضع نقدي على مقالك حيث قلتُ: ٭ قلتُ لك: «قال الشيخ محمد مصطفى»: «فنحن بشر أولاً وأخيراً وقد نجتهد ونخطئ في الاجتهاد وقد يثبت لنا الأمر كما هو معلوم في قوله صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد العامل وأصاب فله أجران وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر» قلت: حسب القضية المطروحة والملاحظات التي يبديها كثيرون حول أسلوب الشيخ محمد مع مخالفيه فإن الكلام يتجه لألفاظ يخرجها الشيخ في خطابه مثل «أنت مجنون ولا شنو؟! موهوم، سافل، أصلع، أبو شلاليف، عامل زي كارلوس، ومحاكاة البعض كقوله عن أحدهم في المصافحة إن كان في عمّي يجوز...» وغير ذلك، فيا شيخ محمد النقد يتجه لعبارات تطلقها أنت فيها سب وشتم ومنها العبارات التي صدرت في القضية المطروحة «منحط، سافل، موهوم، دكتوراه في الزبالة ...» وغير ذلك.. فهذه حسب علمي المتواضع لا تدخل في باب إذا اجتهد فأخطأ، لأن هذا مما لا يسوغ في إطلاقه الاجتهاد». ٭ وقلت: «يا شيخ محمد هل فيما ورد من عبارات عبد الله بن عمر ما يشبه العبارات والألفاظ التي ينتقدك فيها الكثيرون من القريبين أو البعيدين منك؟! فلك أن تقارن بين هجر ابن عمر وقوله لابنه لا أكلمك أبداً وبين العبارات التي هي محل النقد عليك». ٭ وقلتُ لك أقول: إن يغضب الشخص ويخطئ بسبب غضبه الشديد هذا أمر لا خلاف فيه، لكن أن يكون الغضب مستمراً وهو الذي يتسبب في التكرار الكثير لعبارات الشتم والتعيير فهذا ما لا أعلم من يلتمس لصاحبه العذر فيه، فالشيخ محمد يتكرر منه الموقف الذي اعتذر منه للدكتور الريح، فالمنشور في صفحات اليوتيوب من مقاطع فيديو والمنشور في رسائل البلوتوث عبر الجوالات يؤكد تكرار ذلك مما يجلي الفرق بين ما يستدل له الشيخ من حالات الغضب العابرة والنادرة التي يتبعها خطأ في التصرف، وبين الواقع الذي عليه الشيخ في كثير مما يعرض في أسلوبه. وقد خطر ببالي أن الشيخ محمد قد اعتذر للدكتور بعد عتابه له فيما نشره بالصحيفة فما مصير الحالات الأخرى التي لم ينشر أصحابها عتاباً للشيخ محمد مصطفى؟!» ٭ وقلتُ لك: «ويقال هنا أيضاً إن هناك فرقاً واضحاً بين فعل النبي عليه الصلاة والسلام وطريقة إنكاره في هذا الحديث وبين كثير من العبارات التي تنتقد على الشيخ مما يطلقها على بعض من يرد عليهم». ٭ وقلتُ: «وهو لم ينتقده في شخصه أو شكله وحاشاه عليه الصلاة والسلام!! وللشيخ محمد مصطفى أن يتتبع فقط ردود الأفعال في بعض المنتديات وتعليقات القراء على بعض عباراته ليدرك الفرق بين ما يستدل به وما يستدل له، وعلى ذكر الانتقاد في الشكل والخلقة فأذكر الشيخ محمد أن السلف قد عدوا ذلك من الغيبة المحرمة إلا إذا كان لمن عرف بذلك كالأعمش والأعرج والجاحظ وغيرهم ممن كانوا لا يعرفون إلا بذلك، وقد سمعت إطلاق الشيخ محمد لعبارة «أصلع» و«أبو شلاليف» لأشخاص هم من المشهورين بأسمائهم». ٭ وقلتُ لك: «وهذا أيضاً لا يسعف الشيخ محمد مصطفى في الاستدلال لما انتقد عليه من إطلاقه تلك العبارات، فإذا أورد العالم أو الداعية الملحوظات التي يخطئ بها من ينتقده وبينها كما في الآية عن أفعال فرعون، ووضح الداعية تلك الأعمال الخاطئة ثم أتبع ذلك ببيان أن هذا من الفساد، وأن هذا الشخص بناء على تلك الأفعال من المفسدين.. لا أظن أن هذا ومثله مما ينتقد على الشيخ محمد في شأن الأسلوب.. وإنما المنتقد هو ما تقدم التمثيل له من تلك العبارات». ٭ وختمتُ مقالي بقولي: «تحدث الشيخ محمد في نهاية مقاله عن الحكمة وأنها تعني استخدام الرفق أحياناً واستخدام الغلظة أحياناً أخرى حسب الشخص والمكان والخطأ، وهذا مما لا يخالف عليه الشيخ، ولكن لا بد من إخراج عبارات السباب والشتم التي ذكرتُ بعضها من مفهوم الغلظة وبينهما الفرق المعلوم». فهذا ما قلته في مقالي موضحاً بعبارات واضحة لا لبس فيها أن النقد لبعض الألفاظ التي نشرت وتنشر والصادرة عن الشيخ محمد مصطفى في ردوده لا يجوز إطلاقها شرعاً وهي من «السباب والشتم والتعيير والسخرية» ومن ذلك الكلام في خِلقة من يرد عليهم، ولو راجع الشيخ موقف العالم عبد العزيز الكناني المكي مع المعتزلي بشر المريسي في مناظرتهما عند المأمون، لأدرك محل النقد عليه في استخدامه لهذه العبارات والألفاظ التي أصبحت منهجاً لبعض الشباب يستخدمونها في مخاطبتهم للمدعوين.. ومقالي كله لبيان موضع النزاع..