نعمة من نعم الله التي لا تُحصى على عباده. تصور فقط لو أن الله لم ينعم علينا بنعمة الاستغفار، تُرى ماذا كان سيكون عليه حالنا من يأس وقنوط؟ فالإنسان محاط بسياجات من الذنوب والأخطاء والمغريات التي تتراكم عليه ولا تفارقه مثل حركة الشهيق والزفير. وبما أن ارتكاب الآثام مربوط بالعذاب في الدنيا والآخرة فلو لم يفتح الله لنا بوابة نخرج منها من ذنوبنا لقتل الهم والوساوس. والله سبحانه وتعالى جعل تلك البوابة التي ندلف منها لساحة الطمأنينة هي بوابة الاستغفار. فقال جل شأنه: «مَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ»(الأنفال33). ثم أنه جل شأنه جعل بوابة الاستغفار تتسع لتشمل أصعب الذنوب وأجلها، فقال تكاثرت نعمه: «والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون «135» أولئك لهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين «136». ثم قال جلَّت قدرته: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» (الزمر: 53). ثم يفتح باب التوبة والمغفرة على مصراعيه دون الشرك به: «إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً» «النساء: 48» وبوابة الاستغفار هي التي تسع كل ذلك. ولذلك فعلى المسلم أن يستغفر الله في كل أمر حاك في نفسه وسيد الاستغفار كما جاء عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت.. خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت. أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت». فلنواصل الاستغفار: استغفر الله العظيم من كل ذنب أذنبته.. استغفر الله العظيم من كل فرض تركته.. استغفر الله العظيم من كل إنسان ظلمته.. استغفر الله العظيم من كل صالح جفوته. استغفر الله العظيم من كل ظالم صاحبته... استغفر الله العظيم من كل بِر أجلته. استغفر الله العظيم من كل ناصح أهنته... استغفر الله العظيم من كل محمود سئمته. استغفر الله العظيم من كل زور نطقت به.. استغفر الله العظيم من كل حق أضعته. استغفر الله العظيم من كل باطل اتبعته... استغفر الله العظيم من كل وقت أهدرته. استغفر الله العظيم من كل ضمير قتلته... استغفر الله العظيم من كل سر أفشيته. استغفر الله العظيم من كل أمين خدعته.. استغفر الله العظيم من كل وعد أخلفته. استغفر الله العظيم من كل عهد خنته.. استغفر الله العظيم من كل امرئ خذلته. استغفر الله العظيم من كل صواب كتمته... استغفر الله العظيم من كل خطأ تفوهت به. استغفر الله العظيم من كل عرض هتكته... استغفر الله العظيم من كل ستر فضحته. استغفر الله العظيم من كل لغو سمعته... استغفر الله العظيم من كل حرام نظرت إليه. استغفر الله العظيم من كل كلام لهوت به... استغفر الله العظيم من كل إثم فعلته. استغفر الله العظيم من كل نصح خالفته... استغفر الله العظيم من كل علم نسيته. استغفر الله العظيم من كل شك أطعته... استغفر الله العظيم من كل ظن لازمته. استغفر الله العظيم من كل ضلال عرفته... استغفر الله العظيم من كل دين أهملته. استغفر الله العظيم من كل ذنب تبت لك به... استغفر الله العظيم من كل ما وعدتك به. ثم عدت فيه من نفسي ولم أوفِ به. استغفر الله العظيم من كل عمل أردت به وجهك فخالطني به غيرك. استغفر الله العظيم من كل نعمة أنعمت علي بها فاستعنت بها على معصيتك. استغفر الله العظيم من كل ذنب أذنبته في ضياء النهار أو سواد الليل أو في ملأ أو خلاء أو سرٍ أو علانية. استغفر الله العظيم من كل مال اكتسبته بغير حق. استغفر الله العظيم من كل علم سُئلت عنه فكتمته. استغفر الله العظيم من كل أمر أمرتني به لم أعمل به و خالفته. استغفر الله العظيم من كل فرض خالفته ومن كل بدعه اتبعتها. استغفر الله العظيم من جميع الذنوب كبائرها وصغائرها. استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه. استغفر الله العظيم على النعم التي أنعم علي بها ولم أشكره. استغفر الله العظيم من الرياء والمجاهرة بالذنب وعقوق الوالدين وقطع الرحم. استغفر الله العظيم لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات. «اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أعلم أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً. اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم»، وأعوذ بك مما أفعله في خلوتي وأنت ناظر إلي فارحم ضعفي وقوِ عزيمتي وابدلني عن المعصية توبة وطاعة لا ارتكب فاحشة بعدها. وصل اللهم على سيدنا محمد كما تحب وترضى وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين.