يبدو أن التغييرات والتعديلات التي يُحدثها المؤتمر الوطني في الحكومة والتنظيم أربكت الوسط السياسي والاجتماعي، ولعل الاجتماع الذي عقده المكتب القيادي للوطني بولاية الخرطوم الذي امتد زهاء سبع ساعات لم يخلُ من تكهنات ظل الوسط الإعلامي يرمي بها قبل الإعلان بساعات، ولكن المفاجأة كانت عكس كل التوقعات والتكهنات التي تسربت قبل الإعلان، ولذلك كان البعض يربأ بنفسه عن ذلك بحجة المثل «الخبر البقروش اليوم بكره ببلاش». ولعل القيادية بحزب الأمة القومي مريم الصادق في منبر للمركز القومي للإنتاج الإعلامي أخيرًا ركزت على نقطة مهمة تتمثل في أن تلك التغييرات لم تراعِ البقاء للأصلح بل جاءت لكنس الصالح والطالح ولم تستثنِ أحدًا، ولذلك عندما توجهت إحدى الصحفيات بسؤال إلى رئيس المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر حول ضعف الخبرة لأحد المعتمدين قال الخضر إنهم يرون عكس ذلك، وأكد تمسكهم به رغم سيرته الضعيفة، ويبدو أن الاتهام الذي يلتف حول أن التعديلات التي جاءت ما هي إلا محاصصات داخلية كانت تسريبات تخرج من وقت لآخر بعد أن امتدت الجلسة إلى ساعات طوال من الليل بأن هناك خلافات حول بعض الأسماء التي طُرحت وهناك تعديلات وخروج ودخول للبعض مما جعل الجلسات تمتد إلى ساعات وإلى إرجاء النظر في معتمد أم درمان ولذلك رغم أن هناك تحفظات على بعض وزراء الولاية وأن كثيرًا من التكهنات كانت تذهب إلى مغادرتهم كرسي الوزارة إلا أن والي الخرطوم رئيس المؤتمر الوطني شدد في حالة وزير الصحة د. مأمون حميدة على أنهم أعطوه مهلة أخرى بعد وقوفهم على الإنجازات التي اكتملت والتي لم تكتمل، وبالتالي كل التكهنات حول الرجل ذهبت أدراج الرياح، ويرى البعض أن الإبقاء على اللواء عمر نمر في الخرطوم لأنه نجح في كثير من الملفات التي كانت تعاني منها الولاية إلى جانب صفته الأمنية وهي التي تمكنه من التعامل مع القضايا التي تعاني منها المنطقة. لقد دفع الوطني في الولاية بكادر يرى أنه يستحق ذلك وهو وزير الزراعة والثروة الحيوانية والري بالخرطوم المدثر عبد الغني عبد الرحمن حسن وزير المالية والاقتصاد السابق بولاية نهر النيل وهو شخص حامل لدراسة من الجامعة الأمريكية في لندن حول إدارة الأعمال ومتخصص في الاقتصاد والتمويل وإدارة الأعمال، ورغم أنه ليس لديه خبرة في إدارة الثروة الحيوانية والري إلا أنهم يرون أنه بإمكانه إحداث تحول في هذا الملف.. إلى ذلك النحو يندرج وزير البنية التحية أحمد قاسم محمود حسنين، والرجل ليس بعيدًا عن الملف، وبحسب سيرته الذاتية فقد كان رئيس وحدة متابعة تنفيذ المشروعات الإستراتيجية بولاية الخرطوم إلى جانب تقلد منصب وزير المياه والبنية التحتية بالولاية إلى جانب أنه كان مديرًا لهيئة الطرق والجسور، وبهذا قد يكون الأنسب للوزارة، ولكن في المقابل جاءت القائمة بالمهندس أبوعبيدة دج المنحدر من رفاعة بالجزيرة وزيرًا للتخطيط والتنمية العمرانية وهو الشخص الذي يُمسك بملف صندوق إعمار الشرق غير أن سيرته الذاتية قد تشفع له من خلال خبرته وتقلده من قبل منصب وزير التخطيط العمراني بولاية شمال كردفان إضافة إلى وزارة التخطيط العمراني بولاية كسلا. إذًا فإن ما يدور حول التغييرات كما يقول والي الخرطوم الخضر بأن المؤتمر الوطني من خلاله يريد تنشيط الحزب وهو مقبل على مرحلة جديدة من عملية البناء التنظيمي، وهي كما يقول تحتاج إلى كوادر تكون أكثر قدرة ونشاطًا، وفي المقابل فإن الكادر الذي ترجل لن يذهب بعيدًا عن مسرح الأحداث، ولكن كما يرى البعض أن الحزب يحتاج إلى وجوه مقنعة للرأي العام لامتصاص الهجمة الشرسة من الأحزاب خلال المرحلة المقبلة ولها القدرة على الصمود والمواجهة في ظل وجود انشطارات طالت الحزب سواء من حزب الإصلاح أو من جماعة سائحون فإن المرحلة المقبلة التي تسمى بمرحلة البناء التي تعقبها مرحلة الانتخابات الشعار فيها «البقاء للأصلح والأقوى والأنفع».