لا شيء يجعل زعيم القبيلة وصديق القبائل موسى هلال زعيم قبيلة المحاميد والعضو البارز والمهم في حزب المؤتمر الوطني أن ينشق عن حزبه وينضم إلى تيار منشق عنه مثل حركة «الإصلاح الآن» التي يقودها الدكتور غازي صلاحي الدين، فالرجل بتأثيره الاجتماعي على مجموعات من المواطنين يمكنه أن يقود منبرًا للإصلاح داخل الحزب ويجد التجاوب معه من قيادة التنظيم الحاكم. فهو عضو مهم على الصعيدين الإعلامي والانتخابي.وهو بهذه الهالة القبلية والصوت الناقد الجريء من الطبيعي أن تنطلق نحوه الشائعات، ومن قبل أُشيع أنه تمرد ورفع السلاح ضد الدولة كما فعلت بعد المفاصلة الشهيرة مجموعة من الجماعة التي انشقت مع زعيم المؤتمر الشعبي حسن الترابي قادها جبريل إبراهيم وصندل وعشر وجاموس. وكان بعدها سيناريو دبلجة التسجيل على موقع «سودانيز أون لاين» وما كان يعزز أنه صوت كاذب وليس صوت الزعيم العربي في دارفور هو نسب الإساءة والاتهام إليه ضد شيخ الإسلاميين في إقليم دارفور ووالي ولايته الشمالية عثمان كبر. وكان مكتب موسى هلال التابع للإدارة الأهلية ينفي، وها هو المكتب يواصل رهقه وانزعاجه للمرة الثالثة وينفي لشبكة «الشروق» خبر انشقاقه عن حزب المؤتمر الحاكم، إن الانشقاق عن حزب أو التمرد على الدولة ليس مما يسرّه الناس حتى يحتاج إلى مصادر خاصة أو تذيعه مصادر غير محلية. لأن الأهم فيهما ولهما هو الإعلان والسعي إلى وسائط الإعلام. وكان الطريف أن رّحب القيادي بحزب حركة الإصلاح الآن الدكتور أسامة توفيق بانضمام موسى هلال لحزبهم الجديد، وقال ل«الإنتباهة» على خلفية خبر وكالة الأناضول التركية التي انفردت به وكأنه خبر وثائق سرية وليس خبر عمل سياسي مفترض إعلانه والمجاهرة به وإخطار كل وسائط الإعلام المحلية قبل الخارجية، قال دكتور توفيق إنه يثمِّن خطوته وإيمانه بوثيقة الحزب. لكن هل دعا السيد موسى هلال أهل الإعلام المحلي لتغطية حدث سياسي مهم بحكم وزنه الوطني؟! وهل أخطر هلال قيادة حزب حركة الإصلاح حتى يمتنع د. توفيق عن الإفادة بأنه لم يتصل بهم؟! إن الفرق شاسع وهو فرق الليل والنهار بين ما يتطلب أن يكون تحت أضواء الإعلام وما يتطلب أن يبتعد عنها كل البعد، لذلك لم تكن إشاعة تمرد هلال ذكية. وأظنه إذا أراد أن يقوم بعمل فسيكون الأمر واضحاً من الدقيقة الأولى، فالرجل من نجوم المجتمع السوداني، وليس مغموراً كما كان قرنق وكاربينو وعبد الواحد ومناوي حينما تمردوا، ليجدوا أضواء الشهرة بعد ذلك بوقت طويل. إن هلال يتمتع بشهرة هلال الشهور القمرية وبشهرة هلال السودان ومريخه، إنه واحد من الأهلّة المعروفة، والإشاعة بشأنه في أمر يُفترض فيه إعلانه ابتداءً من قبله تكون بائرة ولا حظ لها في القبول والتصديق بسهولة ولا نصيب من قبل المراقبين وخبراء الإعلام. الشيخ موسى هلال للمرة الثانية أو الثالثة ينفي بنفسه أو من خلال الأقربين منه «الإشاعة» التي تحاول جهات ما قد تكون محسوبة على تمرد أو معارضة أو مشروع تآمر أجنبي إقليمي أو دولي تحاول إرقاصها تحت بريق شهرته التي عمَّت القرى والحضر. لكن هل استفاد صاحب صناعة الإشاعة من غياب ممثلي الوسائط الإعلامية حينما كان هلال يخاطب حشداً بالضعين وبرفقته ممثلي قبائل أخرى؟! هل ساء بعض الناس كلمات هلال التي كانت تصب في اتجاه وحدة وتماسك دارفور وتعايش قبائلها السلمي؟! هل كان المراد صرف الناس من أروع عبارات قيلت في التعايش السلمي لمصلحة من يهددون الأمن والاستقرار في دارفور أو من يدعمون من وراء الحدود ووراء البحار هذا التهديد؟! إن كلمات وعبارات الشيخ هلال في لقاء الأربعاء التفاؤلي بمدينة الضعين كانت بالفعل مما يُعجب زرَّاع السلام ليغيظون به أعداء السلام ويغيظوا به كفّار دول الاستكبار والاحتلال. إن خبر «الإشاعة» وخبر «نفي الإشاعة» اتفق على إيراد دعوة موسى هلال لضرورة التماسك والوحدة والتسامح في إقليم دارفور وتوليد رؤى التعايش السلمي، وهذا ما جاء في خبر إشاعة انشقاقه من الحزب الحاكم وانضمامه للمجموعة المنشقة حديثاً منه. وكذلك جاء في خبر نفي الإشاعة «الذي نُقل عن مكتبه الخاص على لسان مستشاره الإعلامي أن السيّد هلال دعا أهل دارفور لنبذ الفرقة والشتات ومد أياديهم لكل أهل السودان «حتى لا يجد المتربصون وأعداء الوطن أي فرصة للنيل من وحدة السودان وأمنه. إذن هذا القاسم المشترك بين الخبرين «الإشاعي» و«النفوي» هو الذي طمسته الإشاعة ونفيها، فضاع العقد من جيد سلمى كما كتب الشاعر الحسن بن هاني أبو نواس. ضاعت كلمات هلال عن ضرورة التعايش السلمي. ومهما استمر مسلسل الإشاعات حول شخصية موسى هلال فإن نفيه للسابقات وتصريحاته حول التعايش السلمي وكلمات حرصه على المصالحات القبلية يزيد الشائعات بواراً على بوار. وليذهب أصحابها إلى عمل يمكن أن ينجح، فيغنينا عن سماع وقراءة الشائعات غلاء الأسعار وتردي الخدمات الصحية والتعليمية.